نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب “ محمد نور فرحات ” .. أبرز ما تضمنه ما يلي :
** أحلامنا الممنوعة للوطن في مطلع العام أكثر من أن يحيط بها مقال .
- هي أحلام يقظة لم تخرج عن دائرة الأمنيات لوطن يعيش فينا ونعيش فيه ، وهي ممنوعة لأن واقعنا يجعلها عصية على التحقق ، وكلما حاولنا الصعود إليها أطاحت بنا رياح ساخنة لمجتمع قمعي فتهوى بنا إلى السفح .
- أحلم بك يا وطني وطناً للصادقين الذين لا ينطقون إلا الحق ولا يفزعون منه أو يغفلون عنه درءاً لضرر أو جلباً لمنفعة ، أن الصدق الفردي والمجتمعي ليس مجرد فضيلة بل هو الطريق الوحيد للتقدم والارتقاء ، كما أن مداراة الأخطاء والمشكلات في ركام الكذب تجعلها تنبت ثماراً وأشواكاً سامة وقاتلة .
- لا خير في وطن يستمرئ الكذب ولا يفزع منه أخلاقياً ، ولا خير في وطن يعتاد إعلامه الكذب لتجميل واقع قبيح ، أو يستمرئ علماؤه الكذب بحثاً عن شهرة زائفة ، أو تلجأ أجهزة الامن فيه للكذب للزج بالمعارضين في السجون طمعاً في الترقي الوظيفي ، أو يستمرئ ساسته الكذب جلباً لمشروعية زائفة ، أو يعتاد مواطنوه الكذب تهرباً من قانون يظنونه ظالماً .
- أحلم بك وطناً يقوده من يدركون أن السياسة وطن ملك الجميع ، أن الحقيقة ليست حكراً على أحد ، وأن عثرات الحكم الفردي تدفع ثمنها الباهظ الشعوب من حاضرها ومستقبلها ، وأن أخطاء الديمقراطية تصحح بمزيد من الديمقراطية ، أحلم بساسة صادقين في قسمهم باحترام الدستور والقانون ورعاية مصالح الشعب رعاية كاملة والحفاظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه ، الكذب السياسي هو رذيلة إخفاء الواقع إعلاء لمصالح ذاتية أو فئوية غير معلنة .
- أحلم بنظام سياسي يدرك حكامه أنهم بشر يصيبون ويخطئون وأن معارضيهم ليسوا في عداء أو خصومة معهم ، وأن المعارضة ليست مكايدة أو طمعاً في مقعد سلطة زائل لا يغري أحداً ، بل هي ضمير الوطن ، وأن نظاماً بلا معارضة هو نظام بلا ضمير ، وأن الحقيقة وسط بين الآراء المتباينة يشرق علينا إطلالها النوراني من ضباب الخلافات .
- الوطن ليس فيلقاً عسكرياً يدار بالأوامر ولكنه يضم جماعة بشرية ارتضت العيش المشترك على أساس من الحقوق والالتزامات المتبادلة بين الحاكم والمحكوم .. أحلم بمسئولين يجلسون على مقاعد السلطة رهناً بإرادة الشعب وحده وتحت أعين رقابته .
- أحلم بوطن يوقن شبابه أنهم قادة مستقبله وأن مكانهم ولو عارضوا لن يكون خلف قضبان السجون ولكن في جلسات الحوار ومقاعد المسئولية ، ويدرك فيه القائمون على القانون أنهم ينفذون القانون ولا يمتثلون للتعليمات المخالفة له .
- نحلم بوطن يدرك فيه مشرعوه ( الذين يجب أن يمثلوا الشعب حقاً ) ، أن القانون والتشريع أمران متمايزان ، وأن التشريع يجب أن يراعى أصول القانون العادل ، فإذا فارق التشريع العدل أو جنح للاستبداد ، أو كان مجرد امتثال لأوامر من بيدهم الأمر ، فقد صفته كقانون يحظى بالاقتناع العام ، وتحول إلى مجرد سوط بيد الجلاد .
- نحلم بأجهزة أمن تتفرغ لمهمتها في تحقيق أمن الوطن والمواطن داخلياً وخارجياً ، وتدرك أن أمن الوطن يختلف عن حماية سياسات النظام ، أجهزة أمن لا شأن لها بالخلافات السياسية تتركها للساسة يتنافسون فيها .
- نحلم بقضاء يعطي الحقوق بيسر لأصحابها دون إرهاق ، قضاء يدرك حساسية ميزان العدل البصير المقدم على سيف القانون الظالم ، وأن الموازنة بين تطبيق القانون والعدل والحرية هى جوهر العملية القضائية .
- نحلم بوطن الدين فيه لله والوطن للجميع ، وحرية الاعتقاد وإقامة الشعائر مكفولة بشكل مطلق ، ويفصل فيه بين الدين والسياسة .
- نحلم بسياسة اقتصادية واجتماعية لا تحول المجتمع إلى جزر منعزلة يتحصن فيه الأثرياء وراء أسوار قلاعها ويهيم معها الفقراء في عشوائياتهم ، سياسة تعطي الأولوية للمشروعات الإنتاجية كثيفة العمالة مع التدريب المتواصل للارتقاء بنوعية هذه العمالة .
- نحلم بوطن تقوم فيه الدولة بواجبها في تلبية الحاجات الأساسية لمواطنيها من علاج وتعليم وإسكان آدمي ، وتحافظ على حرياتهم وكرامتهم ، ويقوم فيه المواطنون بأداء حق الدولة عليهم من ضرائب وامتثال للقانون العادل الذي يطبق على الجميع .
- أحلامنا كثيرة يا وطني .. ولكنها أحلام ممنوعة رغم كونها مشروعة ورغم أنها تحولت إلى واقع تعيشه شعوب أقل منا إسهاماً في حضارة الإنسان .. فمن يقدم على تحويل الأحلام إلى واقع في وقت يُطلب فيه من الألسنة أن تتوقف عن البوح بشوقها للعدل ؟