نشر موقع ” الشروق ” الإخباري مقال للكاتب الصحفي والناقد الرياضي “حسن المستكاوي” مقال بعنوان “كيف نهزم الهزيمة.. هذا هو السؤال؟! ” جاء على النحو الآتي :-
الموضوع أعمق من اختيارات وأخطاء أجيرى
وفوضى الاتحاد وضعفه وحروب الأندية بالبيانات!
ضعف القوة البدنية ونقص اللياقة والسرعة
فروق جوهرية بين المنتخب وبين الفرق الإفريقية!
تسطيح مذهل فى تقييم مستوانا ومستوى الفرق
وجملة المهم النتيجة وليس الأداء كارثة رياضية!
** هى نفس معضلة هاملت فى رائعة شكسبير، نكون أو لا نكون؟
** معضلتنا الآن هى: كيف نهزم الهزيمة ولو مرة واحدة فى نصف قرن؟ كيف نبدأ لعبتنا بجد؟ كيف نبنى؟ كيف نلعب كرة القدم التى تلعبها إفريقيا؟ كيف لا تخدعنا أرقام التاريخ، فنظل نتوكأ عليها كأنها عصا شيخ عاجز؟ كيف نرى الأخطاء؟ كيف نرى كرة القدم أعمق؟ كيف نرى المباريات أعمق؟ كيف نرى حقيقة مستوانا؟ كيف نرى نتائجنا؟ كيف نسقط نظرية الأداء أم النتيجة؟ كيف نقتل التسطيح والفوضى؟ كيف ننتقد ونحذر بقواعد فنية قبل الخسارة وليس بعدها؟ (رجاء مراجعة عناوين المقالات فى الشروق منذ بدأ أجيرى يتحدث عن بناء فريق جيد قبل مواجهة النيجر ونيجيريا)!
** القضية ليست فقط اختيارات أجيرى، وإقصاء وردة وعودته، وفوضى المعسكرات، وطريقة اللعب.. القضية أن هناك فروقا ومسافات فى كرة القدم التى نلعبها وكرة القدم التى تلعبها إفريقيا وليس أوروبا؟
** التحدى الحقيقى الآن أن نهزم الهزيمة بإنجاح تنظيم البطولة لأنها بطولة المصريين وليست بطولة الاتحاد.. صورتنا أمام العالم وأمام إفريقيا هى التحدى الأول، فلو استمر الإقبال وجعلنا المباراة النهائية حفلا جميلا بحضور الجماهير سيكون ذلك أول خطوة فى النهوض من تلك النكسة التى تكررت مرات على مدى نصف القرن..!
**حزين جدا لكنها الرياضة وكرة القدم، إلا أن الموضوع أعمق وأكبر من فشل اتحاد وعدم سيطرته وفشل جهاز فنى وعدم سيطرته وللأسف دائما هناك تسطيح وجهل.. الموضوع هو تعريف الكرة المصرية، ما هى حقا؟ ما هى الصناعة؟ ما هو دور الاتحاد؟ متى ننظم دورى محترفين؟ متى نخطط للمستقبل؟ متى نتوقف عن هذا الخلط الساذج بين الإعداد لبطولة وبين بناء صناعة وبناء منتخبات؟
** الموضوع أعمق وأكبر من لاعبين ضمهم أجيرى ولاعبين لم يضمهم أجيرى..
أذكركم عندما فاز الأهلى على الترجى فى برج العرب 3/1 فى ذهاب نهائى الأندية الإفريقية، قلت إن الفريق سيئ وأن مشكلتنا هى فروق القوة البدنية والسرعة قلت ذلك رغم الفوز الكبير للأهلى فيما استمر التسطيح والتهليل للنتيجة، لكن الحكاية ليست بالنتيجة فقط.. وعندما هزمنا زيمبابوى فى الافتتاح كان واضحا أن الفروق كما هى.. لاعبونا غير قادرين على الجرى وعلى الالتحام وعلى خوض السباق، وتلك أساسيات اليوم، وتتلوها المهارات والخطط والتكتيكات..
وللأسف تكرر هذا مع الكونغو ومع أوغندا وعندما انتقدنا الأداء خرج علينا الجهاز كله بأن المهم هو النتيجة مش الأداء..!
** إنها واحدة من مبررات الفاشلين للعجز ولقلة الحيلة.. هى معادلة يطلقها مدربون وأندية. فقد اخترعوا كلهم معادلة الاختيار بين الأداء وبين النتائج، فأصبحت كرة القدم خيارا بين أن تلعب وبين أن تنتصر.. بينما القاعدة هى أن الأداء القوى يحقق نتائج جيدة والاستثناء هو العكس.. هذا حال اللعبة، وهذا حال الفرق القوية.. وقد يختلف الأمر ويزيد بالنسبة للفرق التى قدمت كرة قدم ممتعة.
** الموضوع أعمق وأكبر من تلك الاستقالة العشوائية للاتحاد..
مجتمع اللعبة رأى جنوب إفريقيا منتخبا ضعيفا لمجرد نتائجه فى الدور الأول وتلك من مظاهر التسطيح للتقييم.. لذلك قلت إن مستوى جنوب إفريقيا أفضل من نتائجه وحذرت يوم المباراة من سرعات ومهارات لاعبيه وأشرت إلى أخطرهم فكانوا خطرا حقيقيا ولم يكونوا مجرد لاعبين فى فريق تأهل للدور الثانى بثلات نقاط.
للأسف عندما أخذ أجيرى يجرب فى مباراتى النيجر ونيجيريا وكان يبرر ذلك بإعداد وبناء منتخب انتقدته بشدة وقلت البناء يكون بخطط إعداد طويلة وشرحت له ماذا فعلت ألمانيا فى ١٠ سنين بعد فشلها فى أمم أوروبا سنة ٢٠٠٠ وأوضحت أنه هناك فرق بين الاستعداد لبطولة وبين إعداد فريق للمستقبل، فيما خيم صمت الحملان!
** الموضوع أعمق وأكبر من هذا كله..
الموضوع باختصار جهل وعشوائية ومصالح وانتخابات وعدم فهم للدور الحقيقى للاتحاد وعدم فهم لتعريف الكرة المصرية وأنها ليست المنتخبات فقط وعدم وجود لجنة فنية وعدم وجود شباب ووجوه جديدة فاهمة «يعنى إيه كورة» وخطط وبناء صناعة حقيقية. وزاد على غياب هذا وغياب غيره هذا التسطيح فى التعامل مع مستويات اللاعبين والمنتخبات المنافسة وركوب الموجة وركوب النتائج فى التعامل مع مستوى المنتخب.
آسف لقد حذرت قبل الهزيمة، وفعلت ذلك بمعايير النقد الفنى، وبطريقة بعيدة عن الاستهزاء والاستخفاف وإشاعة التشاؤم بقدر الإمكان، مقدرا مسئولية النقد والكلمة. ولم أنتظر الهزيمة كى أحذر من أننا لا نلعب كرة حتى عندما وصلنا النهائى الماضى مع هيكتور كوبر.. فيومها لم نلعب كرة القدم. وكان الفلاسفة يقولون: ماذا تريد؟ لقد وصلنا إلى كأس العالم مع الرجل. وكنت أرد: المهم ماذا نفعل فى كأس العالم؟ هل تذكرون ماذا فعلنا؟
** الموضوع أعمق وأكبر من هذا التسطيح وهذا النشيد المعزوف، الذى أطلقت عليه قبل 25 عاما نشيد الهزيمة.. لكن فى جميع الأحول لعبنا بدون خط وسط يبنى، ويستثنى فقط طارق حامد أحد أهم نجوم المنتخب مع الشناوى وتريزيجيه وأيمن أشرف، وصلاح والمحمدى.. فكان خط الوسط لا يسدد ولا يتقدم ولا يصنع تمريرة إيجابية، ويهرول طوال الوقت خلف الكرة. وهجومنا دائما ناقص العدد. وحين شن تريزيجيه هجومه المضاد مع صلاح وقف أعضاء الفريق يتفرجون ماذا يفعل دون أن يساندونه بالجرى معه كما تفعل الفرق فى الهجمات المضادة.. ما هذا؟
** لقد فقد أجيرى السيطرة. وأخطأ الخطأ الأكبر حين قرر حسم مباراة جنوب إفريقيا فى آخر 10 دقائق، وسمح باندفاع محمود علاء فى هجوم عشوائى، كأنه «عنتر بن شداد» الذى يرغب فى الفوز بإعجاب «عبلة» وأنه سيحقق النصر، فترك مكانه شاغرا ليسمح بهجوم مضاد من جنوب إفريقيا يسفر عن هدف الفوز وهدف هزيمة المنتخب، وهدف الخروج.
** الموضوع أعمق وأكبر من مجرد خروج من بطولة..
تكفى الفوضى المحلية وتأجيل المؤجلات وهو تعبير كتبته قبل ٢٥ سنة وما زلت استخدمه ويكفى خناقات وبيانات الأندية دون تقدير للمسئولية الرياضية والمجتمعية، ودون مسئولية لأخطار زيادة الاحتقان بين الجمهور، ودون تقدير لأخطار إشاعة غياب العدل والمساواة بين الأندية، ودون أى اعتبار لأخطار إشاعة وترسيخ الفوز بالحقوق وبالسلطة والنفوذ والضغط بالشعبية الجماهيرية، وبمنطق لوى الذراع.. والخناقات، وطريقة اشمعنى..!
**يا خسارة على هذا التسطيح وعلى تلك الفوضى..