تحقيقات و تقاريرعاجل

ملف خاص ..تداعيات افتتاح تركيا قاعدة عسكرية لها بالصومال على الأمن القومي المصري

ما زالت الحكومة التركية تواصل التجهيز والإعداد لافتتاح أكبر قاعدة عسكرية تركية خارج حدوده بالصومال ، حيث تم اليوم إرسال الدفعة الأولي من القوات التركية التي ستتمركز في القاعدة المقرر افتتاحها الشهر المقبل .. يأتي ذلك في إطار التغلغل التركي في دول منطقة القرن الأفريقي ، والذي سيؤثر على المصالح المصرية بتلك المنطقة ، خاصة في ضوء العداء التركي الشديد للدولة المصرية منذ تولي الرئيس ” السيسي ” إدارة شئون البلاد ، كما تعد تركيا مصدر تهديد صريح لمصر بعد أن قام الشعب المصري بإقصاء الإخوان في (30) يونيو 2013 ، ولأن الحزب الحاكم بأنقرة ينتمي لهذا التنظيم يقوم بإيواء قيادات الإخوان ، نكاية في الشعب المصري الذي أطاح بحلم تركيا في استعادة حلم الخلافة والتمدد إقليمياً عبر بوابة مصر .. الأمر الذي جعل الحكومة التركية تقوم بالتحريض على أعمال العنف داخل مصر ، كما قامت أخيراً بدور خطير في نقل عناصر تنظيم ” داعش ” من ( سوريا / العراق ) إلى ليبيا لتكون عنصر تهديد للأمن القومي في عمق مصر الاستراتيجي ، كما تحاول الانفراد والهيمنة على مجريات الأوضاع بـ ( الشرق الأوسط / أفريقيا ) .. وفيما يلي شواهد التغلغل التركي في أفريقيا :

( الصومال )

  • وصلت إلى مطار مقديشو الدولي اليوم (23) أغسطس 2017 ، الدفعة الأولى من القوات التركية التي ستتمركز في القاعدة التركية المزمع افتتاحها بمقديشو في بداية الشهر المقبل ، والتي من المتوقع أن يشارك في افتتاحها ( الرئيس التركي أردوجان / رئيس الأركان خلوصي أكار  ) .. يشار إلى أن تلك القاعدة تعد ثاني أكبر قاعدة خارج الأراضي التركية بعد القاعدة العسكرية التركية في قطر ، وكان قد تم الإعلان خلال شهر مارس الماضي عن استعداد ” أنقرة ” لفتح أكبر قواعدها العسكرية بالخارج بالعاصمة الصومالية مقديشيو ، بهدف تدريب الجيش الصومالي في إطار المساهمةً في تعزيز الأمن الاستقرار في الصومال .
  • من جانبه قام وزير الدفاع الصومالي ” عبد القادر علي ديني ” يرافقة وفد عسكري صومالي يوم (16) مارس 2017 بجولة تفقدية للقاعدة العسكرية ، وأعرب عن شكره للعسكريين الأتراك والمدنيين المشرفين على بناء القاعدة .
  • جدير بالذكر أن تركيا كانت قد شرعت في شهر مارس 2015 في بناء القاعدة العسكرية ، حيث تم الاتفاق عليها خلال زيارة قام بها ” أردوجان ” إلى الصومال ضمن جولة إفريقية .

أبرز ما تم رصده من معلومات حول تلك القاعدة :

  • تقام على مساحة (400) دونم – الدونم يعادل 1000 م 2 -بتكلفة وصلت لـ (50) مليون دولار ، وسترسل تركيا نحو (200) مدرب من الجيش التركي لتدريب نحو (10500) آلاف جندي صومالي .

الدوافع التركية لإقامة قاعدة عسكرية في  الصومال 

يكشف سعي ” أنقرة ” لإنشاء قاعدة عسكرية بالصومال عن أدوات جديدة في السياسة الخارجية التركية نحو إفريقيا ، وذلك بعدما تمكنت من تحقيق اختراقات عديدة في القارة باستخدام عناصر القوة الناعمة ( مثل تقديم مساعدات أو التنمية ) .. وفيما الدوافع والأهداف التركية من إنشاء هذه القاعدة :

  • رغبة تركيا في حماية مصالحها الاقتصادية بإفريقيا ، حيث بلغ حجم التجارة التركية الإفريقية نحو (20) مليار دولار عام 2015 ، ومن المخطط أن يصل لـ (50) مليار دولار بحلول 2023 .  
  • مد النفوذ العسكري التركي للقرن الإفريقي ، وإجراء مناورات مشتركة مع جيوش المنطقة ، حيث وقّعت أنقرة بالفعل اتفاقيات أمنية مع كل من ( كينيا / إثيوبيا / تنزانيا / أوغندا ) لتدريب قوات الأمن في تلك الدول على مكافحة الإرهاب .  
  •  فتح أسواق جديدة أمام الصناعات العسكرية التركية في أفريقيا .  
  • موازنة النفوذ الإيراني بمنطقة القرن الإفريقي الذي تعد من المناطق الاستراتيجية التي تسعى طهران لإيجاد موطئ قدم فيها ، خاصة في ظل تداعيات عملية ( عاصفة الحزم  ) باليمن على النفوذ الإقليمي الإيراني بمنطقة الشرق الأوسط .   

أبرز المواقف الدولية والإقليمية في ضوء ما تم رصده :

في ضوء أن تركيا ليست هي الفاعل الأجنبي الوحيد بالصومال ، وأن هناك دولاً أخرى تسعى للتواجد بالمنطقة ، سواء في خليج عدن أو على الأراضي الصومالية ، فإن إنشاء القاعدة التركية يمثل أمر غير مقبول بالنسبة لدول مثل ( الولايات المتحدة / بريطانيا ) وعدداً من القوى الإقليمية ، حيث ترى تلك الدول أن الأمر لن يقتصر على مجرد تدريبات عسكرية ، وأن إنشاء هذه القاعدة ربما يبدأ بالتدريب ، لكنه سيصل تدريجياً إلى تكريس الوجود العسكري التركي في واحدة من أهم البقاع الاستراتيجية في إفريقيا .. وفيما يلي أبرز المواقف ( الدولية / الإقليمية ) :

  •  دولياً .. على الرغم من عضوية تركيا في حلف الناتو  ، ووجود تفاهمات بينها وبين الدول الغربية بوجه عام ، فإن القيمة الاستراتيجية للصومال تظل أكبر من أن تغفل ( الولايات المتحدة / بريطانيا ) التحركات التركية في تلك المنطقة ، لذا تحرص الدولتان على مراقبة الأوضاع هناك عن قرب ، وفتح خطوط اتصال مع الحكومات الصومالية المتعاقبة ، وهو ما يفسر زيارة وزير الخارجية الأمريكي السابق ” كيري ” للصومال ، وحرص الرئيس الأمريكي السابق ” أوباما ” على لقاء الرئيس الصومالي السابق في كينيا في يوليو 2015 ، وأيضاً تنظيم بريطانيا للعديد من المؤتمرات الدولية لدعم الصومال ، وذلك لأهداف عديدة منها تذكير تركيا بأن مصالح بريطانيا بالقرن الإفريقي دائمة .
  •  إقليمياً .. فيما يخص إيران فإن إنشاء القاعدة التركية بالصومال سيجعلها أكثر حرصاً على التشبث بالتمركز بالقرن الإفريقي ، ولو بذريعة محاربة القرصنة في الإقليم ، وهو أمر تبدو أهميته إثر الحملة العسكرية ضد الحوثيين ، وكذا بعدما خسرت طهران حليفتها الأبرز في شرق إفريقيا ” السودان ” ، والدليل على ذلك ، حرص طهران على افتتاح سفارة بمقديشيو ، وإقامة المشروعات الخيرية والاستثمارية ومراكز التدريب المهني بالصومال ، والحصول على تسهيلات عسكرية في الإقليم ، وتوثيق العلاقات مع إريتريا .

شواهد التغلغل التركي في أفريقيا بشكل عام :

  •  تكللت التحركات التركية بمنطقة القرن الأفريقي بإقامة قاعدة عسكرية تركية بالصومال ، كما تسعى تركيا من خلال تحركاتها إلى تعزيز علاقاتها الدبلوماسية وتقديم الدعم الإنساني للعديد من الدول الأفريقية لكسب الدعم السياسي بالمحافل الدولية ، فضلاً عن المكاسب الاقتصادية وتعزيز التبادل التجاري .. أيضاً جسدت زيارة ” أردوجان ” للصومال خلال يناير 2015 التوجه التركي الذي وضع الصومال ضمن مناطق اهتمام تركيا في مجال الاستثمار ، وذلك عبر بوابة مساعداته لتنفيذ مشاريع تنموية وبناء البنية التحتية من إصلاح الشوارع وتحديث المطارات والموانئ .
  •  قيام ” أردوجان ” ونظيره الجيبوتي ” جيلى ” خلال زيارة قام بها لجيبوتي في يناير 2015 بتوقيع (7) اتفاقيات تعاون في مجالات ( الموانئ / النقل / الإعلام / الزراعة / الصحة ) ، إضافة للمجال العسكري ، وتتمثل اتفاقية النقل البحري والموانئ الموقعة بين الجانبين في تقديم معدات حديثة لموانئ جيبوتي وتبادل الخبرات بين الجانبين . 
  • شهدت الفترة الأخيرة ، وتحديداً منذ تولي الرئيس ” السيسي ” مقاليد الحكم ، عدداً من الإجراءات التي اتخذتها تركيا في إثيوبيا ، منها رفع مستوى التبادل التجاري ليصل لـ (500) مليون دولار، بجانب اتفاقية دفاع مشترك تم توقيعها بتاريخ (9) مايو 2015 ، حيث صدق البرلمان الإثيوبي على الاتفاقية التي تهدف لدعم التعاون بين البلدين في مجال الصناعات الدفاعية ، وتنص على تقديم تركيا دعماً فنياً ولوجيستياً لإثيوبيا ، في سبيل زيادة قدراتها العسكرية ، كما تتضمن الاتفاقية نقل التكنولوجيا في المجال الدفاعي بين البلدين ، وتحديث الآليات العسكرية لإثيوبيا ، وإقامة التعاون المتبادل بين شركات الصناعات الدفاعية .
  • آخر التحركات التركية في القارة الأفريقية كان قيام الرئيس ” أردوجان ” خلال الفترة من ( 28 فبراير : 3 مارس ) 2016 بجولة أفريقية ، شملت ( ساحل العاج / غانا / نيجيريا / غينيا ) ، حيث تم خلالها توقيع عدة اتفاقيات هامة في المجالات ( العسكرية / الأمنية / الاقتصادية / الدبلوماسية ) .. جدير بالذكر أن حجم التبادل التجاري بين تركيا ودول القارة وصل إلى (25) مليار دولار ، وهو رقم مرشح للارتفاع إلى (50) مليار دولار خلال السنوات المقبلة .

من كل ما سبق يتضح أن الوجود التركي في دولة مثل الصومال يمثل خطراً وتهديداً كبيراً للأمن القومي المصري ، خاصة أن تركيا ليست دولة صديقة وتساند المنظمات الإرهابية ، وبالتالي فإن تواجدها على سواحل البحر الأحمر يمثل خطاً أحمر بالنسبة لمصر  . 

 

 

 

 

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى