في أول خطوة فعلية على طريق تفعيل المصالحة الفلسطينية بين حركتي فتح و حماس ، استجابة للجهود التي قادتها الدولة المصرية على مدار الأشهر القليلة الماضية ، واصل وزراء حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية تسلم مهام وزاراتهم في قطاع غزة ، تطبيقاً لاتفاق المصالحة الفلسطينية ، والذي تم التوافق عليه في القاهرة ، وصرح رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله – خلال اجتماع الحكومة أمس بغزة – أن الحكومة ستعمل على حل جميع الملفات في قطاع غزة ضمن اتفاق القاهرة ، مشيداً بالدور الهام لمصر ، وضمانها إتمام وإنجاز المصالحة بشكل كامل .
حيث أجرى اللواء خالد فوزي زيارة إلى رام الله ، حيث كان في استقباله مدير المخابرات الفلسطينية اللواء ماجد فرج ، حيث أجرى فوزي فور وصوله لقاء مع الرئيس أبو مازن ، حيث نقل فوزي تحيات الرئيس السيسي وسعادته ببدء انطلاق الخطوات العملية لطي صفحة الانقسام ، وإعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية ، مؤكداً على ضرورة التعاون من أجل الوصول إلى أهداف السلام ، من جانبه أعرب أبو مازن عن شكره وتقديره والشعب الفلسطيني وقيادته للجهود المصرية الرامية إلى طي صفحة الانقسام في الساحة الفلسطينية ، وتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية .. من جانبه أكد اللواء فوزي أن مصر ماضية في رعايتها لجهود إنهاء الانقسام ومتابعة خطواتها كاملة ، حتى يتم إنهاء كافة مظاهر الانقسام وآثاره ، مضيفاً أن مصر ستدعو حركتي فتح وحماس للقاهرة ، لتقييم ما تم بشأن تمكين حكومة الوفاق الوطني من ممارسة مهامها ، تمهيداً لعقد اجتماع موسع في القاهرة لكافة الفصائل الفلسطينية الموقعة على اتفاق المصالحة .
كما توجه اللواء خالد فوزي إلى قطاع غزة ، حيث حضر اجتماعاً لحكومة الوفاق الوطني الفلسطينية ، ووجه خلاله اللواء فوزي الشكر إلى مختلف الفصائل الفلسطينية لإنجاح المصالحة الفلسطينية ، مؤكداً على ضرورة تنحية أي أسباب تمثل عائقاً ، مشدداً على ضرورة العمل على وجود مؤسسات قوية تواجه الجماعات المتطرفة والمسلحة ، كما أكد على ضرورة الاستفادة من الرئيس السيسي وقيمه ومبادئه التي أساسها السلام .. حيث دعا الحضور إلي الاستماع لكلمة مسجلة وجهها الرئيس السيسي للشعب الفلسطيني ، والذي جاءت كالآتي :-
- أكد حرصه على إيفاد رئيس جهاز المخابرات العامة لحضور اجتماع حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية بغزة ، تأكيداً لحرص مصر على تقديم كافة أشكال العون والمساندة لإنجاز المهمة التي نتطلع إلى أن تكون نواة حقيقية لترتيب البيت الفلسطيني من الداخل .
- أؤكد لكم أن دعم مصر لمسئوليتكم نحو التوافق والوحدة لن يتوقف بإذن الله وستجدوننا بجانبكم على الدوام .
- أعلنت مراراً وتكراراً أن هناك فرصة سانحة لتحقيق السلام في المنطقة ، شريطة تضافر جهود كافة الأطراف .
- يجب أن نتعاون جميعاً لتأكيد صدق توجهات الشعب الفلسطيني نحو تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة واستعادة حقوقه المشروعة .
- تهيئة المناخ أمام توفير حياة كريمة وآمنة لكافة شعوب المنطقة يجب أن تكون في مقدمة أهدافنا ، وأنني على ثقة أن القوى الكبرى في العالم عندما ترى الأطراف الفلسطينية على وعي كامل لطبيعة المرحلة وأهمية الحوار لتحقيق هدف السلام ستساعد على تحقيق هذا السلام الشامل في المنطقة ، بما يلبي تطلعات شعوبنا إلى الاستقرار والازدهار والتنمية .
- أؤكد للجميع أننا لا نملك وقتاً لنضيعه ، وأن التاريخ سيحاسب من يتسبب في إضاعة الفرصة الحالية لتحقيق السلام .
- أتوجه مجدداً بالتحية الصادقة للشعب الفلسطيني بكافة فصائله وأطيافه ، وأؤكد أن مصر كانت ولازالت وستظل عاقدة العزم على تحقيق نقلة نوعية في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو المستقبل الأفضل .
في سياق متصل أشاد اللواء خالد فوزي – خلال لقائه بقيادات حركة حماس – بموقف الحركة تجاه المصالحة الفلسطينية وتجاوبها مع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية ، وأضاف فوزي أن التاريخ سيسجل مساهمتهم في توحيد الشعب الفلسطيني ، وعبّر عن سعادته لفرحة الشارع الفلسطيني بإنهاء الانقسام الفلسطيني وإتمام المصالحة الفلسطينية ، مضيفاً أن القاهرة في انتظارهم في الأيام المُقبلة .. وقد غادر اللواء فوزي قطاع غزة عقب هذا اللقاء مختتماً زيارة قصيرة التقى خلالها بالحكومة الفلسطينية وقيادة حركة حماس .
بالنسبة للموقف الفلسطيني جاءت أبرز تصريحات رئيس الحكومة رامي الحمد الله لعدد من وسائل الإعلام الفلسطينية والمصرية كالآتي
- تقدم بالشكر للقيادة السياسية المصرية وعلى رأسها الرئيس
السيسي لسعيها لإنهاء الانقسام الفلسطيني ، مؤكداً أن المصالحة يجب أن تترجم إلى أفعال برعاية مصرية كاملة . - أكد أن القضية الفلسطينية هي قضية أمن قومي لمصر ، معرباً عن تفاؤله بالمصالحة باعتبار أن القاهرة هي الراعي لها ، وبالتالي ستكون مسئولة عن الإشراف على باقي خطوات تنفيذ المصالحة ، والشعب الفلسطيني لن ينسى مواقف الشعب المصري الداعمة له .
- أوضح أن معبر رفح لابد أن يكون تحت حماية القوات الشرعية الفلسطينية وليس تحت يد أي فصيل آخر ، مؤكداً أن تكليف القوات الشرعية بحماية وتأمين المعابر والحدود الفلسطينية هو أمر نهائي ، ولا نقاش فيه .
- طالب الفصائل الفلسطينية بالتوحد والتحدث بصوت واحد لحل القضية ، والهدف خلال الاجتماعات التي ستشهدها القاهرة خلال الأيام المُقبلة هو تنفيذ كافة بنود ( اتفاق القاهرة 2011 ) باعتبارها الجوهر الأساسي للحكومة ، والذي يشمل تسليم كافة الأمور وزمامها إلى الحكومة الشرعية والوحيدة في فلسطين .
- أوضح أنه لابد من تمكين الحكومة بشكل كامل على كافة الأمور من أجل التمهيد لإنتخابات رئاسية حتى يتولى زمام الأمور رئيس واحد وحكومة واحدة تمهد لوحدة واستقرار فلسطين .
- أكد أن الحكومة الجديدة أمامها تحديات كبيرة ، وهناك نوايا طيبة لإنهاء الانقسام .
- أكد أن غزة تحتاج لمزيد من التكاتف والعمل لبناء غد أفضل ، وطالب الدول المانحة الإيفاء بوعودها بهذا الشأن ، حيث أن الدعم الدولي لفلسطين تراجع بصورة كبيرة.
كما بحث رئيس الوزراء الحمد الله أمس بمقر رئاسة الوزراء بمدينة غزة مع المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف ملف المصالحة الفلسطينية ، والأجواء الإيجابية التي تسود الشارع الفلسطيني ، إضافة إلى التخفيف من معاناة المواطنين في القطاع ، كما تطرق اللقاء إلى الجهود الأممية التي تدعم حكومة الوفاق في بسط سيادتها على القطاع ، وتسلم كامل مهامها ، إضافة إلى تذليل العقبات أمام فتح المعابر والمنافذ بغزة .
من جانب أخر جاء موقف حماس متمثل في تصريحات رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية مع وكالة أنباء الشرق الأوسط والإعلامي عمرو أديب والإعلامية لميس الحديدي علي النحو التالي :-
لن نسمح لأي شخص أو جهة الإضرار بأمن مصر ، وأن هذا يتطلب القيام بكل الالتزامات المترتبة علينا لحُسن الجوار ، وأستطيع أن أقول لشعب مصر أننا نفتح الآن صفحة جديدة نقية في هذه العلاقة .
ثوابت السياسة في العلاقة مع مصر تقوم على عدم التدخل في الشأن الداخلي لمصر .. والأمن القومي لمصر مهم جداً لنا ، وأن تكون مصر قوية وبعافية ، وهذا أمر مهم لحفظ قضايا الأمة العربية ، فضلاً عن قضية فلسطين .
مصر لن يأتيها من جانبنا إلا كل الخير ، وغزة لن تكون مأوى أو منطلقاً لأي إنسان يحاول تهديد الأمن المصري والعبث به ، وهذه مسئوليتنا من منطلق ديني ووطني وقومي وإنساني وأيضاً من منطلق أن مصر كلما تكون قوية فإن فلسطين تكون قوية والأمة العربية أقوى.
ليس لنا أى امتداد تنظيمي خارج حدود فلسطين ، ونحن حركة تحرر وطني فلسطيني ، وحماس تعمل داخل فلسطين من أجل الشعب الفلسطيني ، وتحقيق تطلعات وأهداف شعبنا في دحر الاحتلال وتحرير الأرض ، وعودة شعبنا إلى أرضه ودياره التي هجر منها .
مركزياً حماس ليس لها أي تواجد أمني أو عسكري في مصر أو أي دولة عربية أخرى ، لأن حماس فلسطينية التوجه .
خطونا خطوات قوية وواثقة خلال الشهور الماضية وقمنا بزيارات متعددة لمصر ، والتقينا مع الوزير خالد فوزي وقيادات جهاز المخابرات ، ونحن نعرف أن هذا يأتي بإرادة من
الرئيس السيسي .
خيارنا هو المصالحة وهو قرارنا الاستراتيجي ، وقررنا ألا نعود إلى الوراء ، فالانقسام أصبح خلف ظهورنا ، بل تحت أقدامنا أننا قطعنا تذكرة باتجاه واحد ، ذهاب بلا عودة ، فقطار المصالحة سيمضي إلى الأمام ولن يرجع إلى الخلف .
وجه كلامه للمصريين ، قائلاً : أنتم أخواننا ، ودمكم دمنا ، وأمنكم أمننا ، ومصيرنا مشترك ، ونحن جزء من الأمن القومي المصري ، ولن تروا من حركة حماس كما في الماضي والآن والمستقبل إلا كل الخير والاحترام لدولة كبيرة بحجم مصر في ثقلها السياسي .
وبالنسبة لموقف حركة فتح
أكد نائب رئيس حركة فتح محمود العالول أن هناك أملاً إيجابياً لاستعادة الوحدة الفلسطينية ، مشيراً إلى أن مصر برئاسة الرئيس السيسي تبذل جهداً كبيراً على أعلى المستويات لإنجاز المصالحة الفلسطينية ، وأكد العالول أن الجهود المصرية هي أساس المصالحة ، وأن الجامعة العربية هي من كلفّت مصر بملف المصالحة منذ عام 2007 .. كما أكد عضو اللجنة التنفيذية لحركة فتح رئيس وفدها لحوار المصالحة عزام الأحمد أن مصر بقيادة الرئيس السيسي عادت بقوة وفاعلية لتلعب دوراً مؤثراً وفاعلاً على صعيد القضية الفلسطينية ، ونجحت في إقناع حركة حماس بحل اللجنة الإدارية وتمكين الحكومة الفلسطينية من عملها في غزة والتوجه إلى انتخابات عامة ، مما فتح الطريق أمام تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية الشاملة .. في سياق متصل أوضح مستشار الرئيس الفلسطيني للشئون الدينية محمود الهباش أهمية خطوة المصالحة الفلسطينية ، مؤكداً أن مصر هي الراعية والضامنة لتنفيذ اتفاق المصالحة ، مشدداً على حرص القيادة الفلسطينية على أن تظل مصر في الواجهة ، ووجه هباش الشكر والتقدير للرئيس السيسي والدور المصري على الجهود التي بذلت لتذليل كل العقبات .
من جانبه أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو عن أمله في اعتراف جميع الأطراف خلال عملية المصالحة بدولة إسرائيل ، مؤكداً أن إسرائيل ليست مستعدة لقبول مصالحة خيالية – على حد وصفه – على حساب وجود إسرائيل القومي ، مشدداً على ذلك بقوله : من يرغب في عقد مصالحة كهذه ، فإن ما نفهمه ببساطة شديدة هو أن يعترف باسرائيل ، وحل حماس جناحها العسكري وقطع علاقاتها بإيران التي تدعو لتدميرنا .. هناك أمور واضحة للغاية وأنا أقول ذلك أيضاً بوضوح .
وفي سياق متصل أعربت الخارجية القطرية عن ترحيب الدوحة بتولي حكومة الوفاق الوطني الفلسطينية مهامها في قطاع غزة ، وذكر مصدر بوزارة الخارجية أن قطر تأمل في أن تقود هذه الخطوة المهمة إلى مرحلة جديدة من الوحدة والوئام المجتمعي للشعب الفلسطيني ، ودعا المصدر جميع الأطراف الفلسطينية إلى تغليب المصلحة العليا للشعب الفلسطيني ، وتجاوز الماضي والانخراط بشكل جاد وحقيقي لتحقيق المصالحة الوطنية ، وإنهاء حالة الانقسام التي لا تحقق مصلحة الشعب الفلسطيني في إنهاء الاحتلال للأراضي الفلسطينية وحصوله على كل حقوقه المشروعة وفي مقدمتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود عام 1967 ، وأكد المصدر أن الدوحة لن تدخر وسعاً في مواصلة تقديم أنواع الدعم لقطاع غزة والشعب الفلسطيني .
كما رحب وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو ببدء حكومة الوفاق عملها في غزة ووصفها بالخطوة التاريخية ، مشدداً على وجود مساهمات كبيرة لتركيا في وصول الأمر لهذه المرحلة ، وأشار إلى أن تركيا تبذل كل ما بوسعها لحل قضية الشرق الأوسط ، وتقوية موقف فلسطين على مائدة المفاوضات من خلال توحيد الصف الفلسطيني ، مؤكداً أن تركيا كانت تسعى من خلال تواصلها مع حماس عقب فوزها عام 2006 ، لجذب حماس إلى الخط السياسي ، وتبنيها موقفاً إيجابياً حيال حل محتمل للقضية الفلسطينية على أساس الدولتين ، محذراً من وجود مكائد تُحاك تجاه فلسطين ، حيث تعمل بعض دول المنطقة على تغيير السلطة الفلسطينية ، وتنصيب دمي تابعة لها على رأسها ، مؤكداً أن تركيا ستواصل كافة أنواع الدعم في قطاع غزة .