نشر موقع المصري اليوم مقالاً تحت عنوان (ما الذى يحدث بالبيت الأبيض؟!) جاء به الأتي :
لولا رد فعل البيت الأبيض على الكتاب الذى صدر منذ أيام فى واشنطن لكنت أكثر ميلا للحذر فى التعامل مع ما جاء فيه. فعلى مدى أيام أثيرت ضجة كبرى كان مصدرها الكتاب الجديد الذى كان وقتها على وشك الصدور. فتصدرت مقتطفات منه الصفحات الأولى فى صحف دولية وأمريكية. وركزت أول الأمر على ما نقله الكتاب عن المستشار السابق لترامب، ستيف بانون، ذى العلاقة الوثيقة بالرئيس. فهو تحدث مطولا عن أسرة الرئيس ثم اتهم بـ«الخيانة» كل من حضروا اللقاء الشهير مع الروس فى برج ترامب أثناء الحملة الانتخابية، وعلى رأسهم دونالد ترامب الابن، وجاريد كوشنر زوج ابنة الرئيس. وأكد بانون، على عكس ما قاله الرئيس نفسه، أن ترامب الابن لابد أنه اصطحب أولئك الروس لمقابلة الرئيس بعد اللقاء. ومن بين ما قاله ستيف بانون كان أن المحقق الخاص لابد أن سيبحث مدى تورط جاريد كوشنر فى غسيل الأموال. وقد انطوى الكتاب على عشرات القصص الأخرى التى ترسم للبيت الأبيض صورة تنطوى على الفوضى والصراعات، وتقدم الرئيس باعتباره نادر القراءة ومحدود المعرفة. أما بانون نفسه، فلم ينف أى مما جاء بالكتاب على لسانه!
ورغم أن ما جاء فى الكتاب بدا منطقيا فى ضوء ما صار معروفا بشكل عام عما يجرى بالبيت الأبيض، بل عن شخصية الرئيس ترامب، إلا أنه لم يكن ليلقى كل تلك الضجة لولا رد الفعل الذى صدر بشكل رسمى عن البيت الأبيض. فمؤلف الكتاب، مايكل وولف، صحفى معروف عمل بعدة صحف أمريكية كبرى، ولكن معروف عنه أنه رغم أسلوبه الرشيق الشيق، فإنه يميل أحيانا للمبالغات ومولع بالاقتراب من أصحاب المال. ومن هنا، يجدر التعامل بحذر مع كتاباته عموما ليس باعتبار ما يأتى فيها غير صحيح وإنما باعتبار أنها قد تنطوى على بعض المبالغات هنا أو هناك. لكن الطريقة التى تعامل بها البيت الأبيض معه كانت أهم من الكتاب نفسه، فى تقديرى! فالأمر لم يقتصر هذه المرة على مجرد تصريحات لترامب على تويتر وإنما امتد ليشمل فريق المحامين المدافعين عن الرئيس! جاءت أولى الخطوات على لسان المتحدثة باسم البيت الأبيض التى نفت بالمطلق كل ما جاء بالكتاب، واعتبرته سلسلة من «الأكاذيب». ثم كانت الخطوة الثانية قانونية فى شكل خطاب رسمى من فريق المحامين الخاص بالرئيس لستيف بانون يهدده بملاحقته قضائيا إذا لم يتوقف عن انتهاك قاعدة السرية المعمول بها بين الرئيس والعاملين معه. ليس ذلك فقط وإنما اتصل فريق المحامين بناشر الكتاب يحذره من نشره أصلا، إلا مشفوعا باعتذار رسمى للرئيس. وهو ما لم يستجب له الناشر وأسرع بطرح الكتاب بالأسواق فورا وقبل موعده بأسبوع. أما ترامب نفسه فقد أصدر تصريحا قال فيه إن بانون «لا علاقة له بى ولا بالرئاسة. وهو حين تم طرده (من منصبه بالبيت الأبيض) لم يفقد فقط وظيفته وإنما فقد عقله أيضا». ورد فعل الرئيس شخصيا لافت للانتباه خصوصا أن العلاقة الوثيقة التى ربطت بين ترامب وبانون ليست سرا، والرئيس كان قد أثنى بنفسه عليه مرات عدة حتى بعد أن أقاله من منصبه، بل نقلت التقارير الصحفية أن ترامب على اتصال مستمر به منذ ذلك الحين.
وقد فتح كل ذلك شهية الإعلام والكاتب للحديث عن كل ما جاء فيه بما فى ذلك قدرات الرئيس الذهنية! باختصار، كان البيت الأبيض هو الذى نشر الكتاب على نطاق أوسع بكثير مما كان متوقعا له!.