السياسة والشارع المصريعاجل

ننشر نص الكلمة الافتتاحية لرئيس الوفد المصرى أمام مجلس حقوق الإنسان بجنيف

قال المستشار عمر مروان، وزير شئون مجلس النواب، أن ما تم استعراضُه خلال الاستعراض الدورى الشامل فى ضوءِ الوقتِ المتاح لا يمثل إلا جزءً يسيرًا من جهود وخطوات حقيقية اتخذتها الدولة المصرية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

وأضاف عمر مروان خلال كلمته خلال كلمته أمام مجلس حقوق الإنسان فى جنيف، اليوم الأربعاء :” نحن على ثقةٍ من اطلاعكم على تفاصيل هذه الجهود فى التقرير المقدم إليكم، والتى أُنجزت ليس فقط تنفيذًا لالتزاماتنا الدولية ذات الصلة، وإنما تلبية لمطالب الشعب التى جسدها الدستور. ولا يسعُنا إلا أن نؤكدَ على مضى مصرَ قدمًا نحو تحقيقِ المزيدِ من طموحات شعبها فى العيش الكريم والحياة الأمنة، وصون حقوقه وحرياته، رغم كلِ ما نواجِهُه من تحدياتٍ اقتصادية وعمليات إرهابية واضطرابات إقليمية، وهى غيرُ خافيةٍ على أحد”.

الى نص كلمة الوزير عمر مروان خلال الاستعراض الدورى الشامل لمصر 2019 :

السيد الرئيس، السادة رؤساء وأعضاء الوفود، السيداتُ والسادة الحضور..

نتشرفُ برئاسة وفدِ مصرَ لاستعراضِ تقريرِها الثالث أمام آليةِ المراجعةِ الدورية الشاملة بمجلسِ حقوق الإنسان الموقر.

هذه الآليةُ القائمةُ على الحوار التفاعلى البناء، وتبادلُ الخبرات، وطرحُ الآراءِ الموضوعية، لاستمرار عملية التطوير فى طرق كفالةِ وتعزيِز وممارسةِ حقوق الإنسان على المستوى الدولي.

ونُقدم تقريَرنا اليومَ احترامًا لالتزاماتنا الدولية، وإيمانًا بأهمية الوقوف على رؤى شركائنا فى المجتمع الدولى، وأيضًا لعرضِ ما أنجزته مصر من تطورٍ ملموس على أرض الواقع فى مجال حماية ودعمِ وتعزيزِ حقوق الإنسان، وتوضيح الأمور بصدق، ووضعِها فى نصابِها الصحيح، ضحدًا لأى مغالطة أو مبالغة.

السيد الرئيس،،

تلقت مصرُ فى الجولةِ الثانية للمراجعة عدد 300 توصية، قبلت منها 224 توصية بشكل كلى، و23 توصية بشكل جزئى، ورفضت 23 توصية، وأخذت علمًا بـ 29 توصية، واعتبرت توصية واحدة غير دقيقة.

وقد عملت مصرُ بدأبٍ على مدارِ خمس سنوات تقريبا للوفاءِ بما قُبِلَتْه من توصياتٍ، وذلك فى إطار رؤية وطنية شاملة ومحدَدات أساسية قوامها الآتي:

تبنى سياسة تعملُ على حماية ودعمِ وتعزيزِ حقوق الانسان تلبيةً لنصوص الدستور، واتساقًا مع الالتزاماتِ المقررة بموجب المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وبمراعاةِ القيم والثوابت والهوية الوطنية، مع التأكيد على اتباع منهج التدرج وفقًا للأولوياتِ والاحتياجاتِ والإمكاناتِ المتاحة، ومراعاةِ مبادئِ المساواةِ والعدلِ وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين.

دعمْ وتعزيزْ حقوقِ الانسان بأنواعها المختلفة، المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بشكل متوازن دون تغليبٍ لحق أو لمجموعةِ من الحقوق على حساب الأخرى.

احترامُ التفاوتِ فى ممارسةِ الحقوق والحريات من مجتمع لآخر، وذلك وفقًا للأعراف والظروفِ والتقاليدِ والقيم السائدة فى كل مجتمع.

تفهمُ أن ممارسةَ الحقوقِ ليست مطلقة إعمالا لما ورد بالإعلان العالمى لحقوق الإنسان والمواثيق الدولية، وإنما تمارس على النحو الذى ينظمه القانون، بما يلزم معه دومًا مراعاةُ الدقةِ فى تنظيمُ هذه الحقوق بحيث لا يؤدى تنظيم إحداَها إلى انتهاكِ حقٍ آخر، فضلًا عن مراعاةِ التوازنِ بين مصلحة المواطن فى ممارسةِ حقوقِه وحرياته، وبين مصلحة المجتمع، وهى الأَولى بالرعاية عند التعارض.

التزامُ سلطاتِ الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية بالاتفاقياتِ والعهودِ والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تم التصديق عليها وذلك إعمالا للمادة (93) من الدستور.

الإيمانُ الكاملُ بدور المجلس القومى لحقوق الإنسان، والمجالسِ القوميةِ للمرأة والطفولة والأمومةِ وذوى الإعَاقة بجانب منظمات المجتمع المدنى كشركَاء للحكومة فى النهوض بحقوق وحريات المواطنين.

إدراكُ أهميةِ التواصلِ مع كافة المنظمات الدولية حكوميةً أو غيرِ حكومية العاملةُ فى مجالِ حقوقِ الإنسانِ لبيان حقيقةِ الأوضاع، والتبصرةِ بأى تجاوزٍ أو تقصيرٍ قد يقع أثناء الممارسة العملية، على أن يكون ذلك مقرونًا بقواعدِ المهنيةِ والموضوعية عند طرح الأسئلةِ أو نشر الأخبار أو إصدار البيانات، بعيدًا عن المواقفِ السياسيةِ أو المصالحِ الشخصيةِ أو نشرِ الأكاذيبِ، أو التلاعب بالألفاَظ، فالبعضُ يستخدمُ على سبيل المثال عبارةَ مسجونِ رأَي لمن يرتكب جرائمَ التحريضِ على العنفِ والكراهية ونشر الشائعات، كما يستخدمُ عبارة اعتقالِ المتظاهرين لوقائع قبض قانونية لأشخاصٍ خالفوا قانون التظاهر بعدم الإخطار عن المظاهرة، أو إطلاقُ عبارةِ جرائِم سياسية على الجرائِم الإرهابية، وعبارةِ &المحاكمِة الجماعية على الجريمة التى يتعدد فيها المتهمون … وهكذا دون استعماِل الكلمات الصحيحة على الحالِة المعروضة، بقصد تسويقِ الصورةِ المغلوطِة البعيِدة عن الواقع.

ونبدأ فى عرض أهم الخطوات التى قامت بها مصرُ لتنفيذِ توصياتِ جولةِ المراجعةِ السابقة، ونحيلُ فى التفاصيلِ إلى التقريرِ المقدم إليكم:

فعلى صعيد كفالةِ حقوقِ المواطنِ المدنيةِ والسياسية: تجدرُ الإشارةُ ابتداءً إلى أن مصرَ قدمت تقريرَها عن الحقوقِ المدنية والسياسية إلى لجنةِ حقوق الإنسان، وأوفت بالتزامِها فى هذا الشأن.

وبعد ثورة 30 يونيو عام 2013، تم تنفيذُ خارطةِ الطريق السياسية بدءً من تعديل الدستور عام 2014، وانتخاب رئيس الجمهورية فى العام ذاته، وانتهاء بانتخاب مجلس النواب فى نهاية عام 2015، وجميِعُها كانت تحت الإشرافِ القضائى الكاملٍ، وشهد المتابعون بالحياد والشفافية التى سادت الأجواءَ فى تلك الاستحقاقات، فجاءت نتائُجها معبرة تماما عن رأى المواطنين.

وقد تم إجراءُ الانتخاباتِ الرئاسية والاستفتاء على التعديلات الدستورية بمعرفةِ الهيئةِ الوطنية للانتخابات، وهى هيئةُ مستقلةُ ذات تشكيلِ قضائى خالص وصدر قانونُ بإنشائها لإدارةِ الاستفتاءاتِ والانتخاباتِ الرئاسية والنيابية والمحلية والإشرافِ عليها بدءً من إعداد قاعدة بيانات الناخبين، وانتهاءً بإعلان النتائج.

وفى سبيل دعم وتعزيز حرية الصحافة والإعلام، فقد صدرت خلالُ السنواتِ الثلاثة الأخيرة عدةِ قوانين للتَنظيم المهنى والمؤسسى للصحافة والإعلام ولنقابة الإعلاميين، وقد نصت هذه القوانينُ على استقلالية الصحفيين والإعلاميين وحريتِهم فى أداءِ رسالتِهم وعدم خضوعهم فى عملِهم لغير القانون، مع النصِ على حظر توقيع عقوبات سالبة للحرية فى الجرائمِ التى تقع بطريق النشر أو العلانيةِ باستثناء جرائمِ التحريضِ على العنف أو التمييز بين المواطنين أو الطعن فى أعراض الأفراد.

وتنفيذًا للتوصيات الخاصةِ بتعزيزِ الحق فى التجمع السلمى، فقد تم تعديلُ القانونِ المنظم للحق فى التظاهر فى عام 2017، ليؤكدُ على الحق فى التظاهر بمجرد الإخطارِ، ومنحِ القضاء وحدَه سلطةِ منعِ المظاهرِة أو تأجيِلها أو تعديلِ مسارها، بعد أن كانت مخولةً لوزارة الداخلية، وهذا التعديلُ الهام يتغافل عنه البعضُ عن قصد.

ونفاذًا لما قرره الدستورُ من كفالةِ حق المواطنين فى تكويِن الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وإيمانًا بأهمية الدورِ الذى تقوم به فى تنمية المجتمع، فقد صدر خلال هذا العام قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلى، بعد سلسلةٍ من الحوارات المجتمعية، متلافيًا سلبيات القانون رقم 70 لسنة 2017.

وفى مجالِ دعمِ وتعزيز حقوقِ العمالِ فى تكوينِ النقابات بهدف حمايةِ مصالحهمِ بطرق مشروعة، فقد صدر القانونُ المنظم للنقابات العمالية، ليمنحُهم الحقَ فى تكوين النقاباتَ، ونص على حظرِ حلِها أو حل مجلس ادارتها إلا بحكم قضائى، وفى عام 2019 جرى تعديلُ هذا القانون تفهمًا لاقتراحاتِ منظمةِ العمل الدولية، وتم إلغاءُ كافةِ العقوباتِ السالبة للحرية منه، والنزولُ بالحد الأدنى المطلوبِ لتكوين اللجنة النقابية إلى خمسين عاملًا، وكذلك النزول بالحد الأدنى المطلوب فى باقى التنظيماتِ النقابية.

وخلال عام 2016 صدر قانونُ تنظيمِ وبناء وترميم الكنائس، والذى تضمن ولأولِ مرةٍ تحديدًا منضبطًا للقواعد والإجراءات التى يتعين اتباعُها للحصول على ترخيصِ بأى عمل من أعمال البناء المتعلقة بالكنيسة، وقد بلغ عددُ الكنائس التى تم تقنينُ أوضاعِها وفقًا لأحكام هذا القانون (1235) كنيسة ومبنى خدمى تابع لها حتى شهرَ أكتوبرِ الماضي.

وتفعيلًا لما قررته النصوصُ الدستورية والقانونية من خضوع السجون وسائر أماكن الاحتجازِ للإشراف القضائى، فقد قام القضاةُ وأعضاءُ النيابة العامة بعدد 147 زيارة للسجون، وتابعواَ تنفيذَ الملاحظاتِ التى رصدوها. وأُنشئت إدارةُ لحقوقِ الإنسان بمكتب النائب العام تختصُ بتلقى الشكاوى والبلاغات والتقارير التى تنطوى على ما يُعد اعتداءً على حقوق الإنسان، وفحصِها ودراستِها ومباشرةِ التحقيق والتصرفِ فيها. واتساقًا والمادة (214) من الدستور ومبادئ باريس للمؤسساتِ الوطنية لحقوق الإنسان، فقد تم تعديل قانونِ المجلس القومى لحقوق الإنسان لتعزيز استقلالهِ من حيث طريقةِ تشكيلِه وأدائه لمهامِه واستقلالِ موازنته، بالإضافة إلى منحِه الحقَ فى زيارةِ السجونِ وسائرِ أماكنِ الاحتجاز والمؤسسات العلاجية والإصلاحية، وإبلاغِ النيابةِ العامة عن أى انتهاك لحقوق الإنسان.

وعلى صعيد مكافحةِ الأعمال والممارسات المتعلقة بالتعذيب، وتأكيدًا على ما قرره الدستور من أن التعذيبَ بجميعِ صوره وأشكاله جريمةُ لا تسقط بالتقادم، وأن كلَ من يُقبض عليه، أو يُحبس، أو تُقيد حريته، لا يجوز تعذيبُه، ولا ترهيبُه، ولا إكراهُه، ولا إيذاؤه بدنيًا أو معنويًا، فقد جرم التشريعُ المصرى الأفعالَ المتعلقةِ بالتعذيب ومنحَها أوصافًا وعقوباتٍ متعددةً ومناسبةً لجسامة كل منها، وأهدر أى دليل ناتجا عنها، وقد جرت خلالُ الخمسَ سنوات الماضية العديدَ من المحاكمات الجنائية والتأديبية لوقائع تتعلقُ بممارسة التعذيب، وقد تضمن تقريرُنا المقدم لمجلسكم الموقر البياناتِ والأعدادَ الخاصة بهذه المحاكمات، فضلا عن تقديم تقرير مفصل فى هذا الخصوصِ للجنة مناهضة التعذيب، احتراما لتعهداتنا الدولية.

وانطلاقًا من الإدراكِ الكاملِ لأهميةِ مكافحِةِ الإرهاب حفاظًا على أمن وحياة المواطنين، وفى ذات الوقتِ ضمانُ احترامِ حقوق الإنسان المصونة دستورًا وقانونًا دون تعطيل، فقد صدرت قوانينُ الكياناتِ الإرهابية ومكافحةِ الإرهاب والمجلسِ الأعلى للإرهاب، واضعةً نُصبَ أعيُنِها الحقوقُ الأساسيةُ للإنسان التى لا يجوز التعدى عليها حتى فى أحوالِ مكافحةِ الإرهاب منطلقةً من رؤيةٍ واضحة تقومُ على الموازنةِ بين مكافحةِ الإرهاب واحترامِ تلك الحقوق، من خلال تبنى قواعدِ وإجراءاتِ محددةٍ تُبقى على الإطار العام للشرعية الإجرائية، وتُخضع قوات إنفاذ القانون لإشراف السلطة القضائية دون انفرادها بأى إجراء.

وعلى صعيد دعم وتعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية: فقد قامت الحكومةُ بتنفيذ خطةٍ شاملة للإصلاح الاقتصادى، أدت إلى ارتفاعِ متوسطِ دخل الفرد السنوى من 28,000 جنيهًا عام ٢٠١٤ إلى 53,721 جنيهًا عام ٢٠١٩، وانخفاضِ معدلِ البطالة من 12,8 فى عام 2014 ليصل إلى 8.1٪ فى الربع الأول من عام 2019، و7.5% فى الربع الثانى من ذات العام، فضلًا عن زيادة احتياطى النقد الأجنبى لرقم فاق 45 مليار دولار، وهو رقم غير مسبوق، وانخفاضِ أسعارِ بعض السلع الأساسية، وارتفاعِ ترتيِب مصرَ فى المؤشرات الاقتصادية العالمية، وهو المعيارُ الموضوعى لقياس نجاح الإصلاح الاقتصادى، ونسجلُ هنا بكل تقدير أنه كان لتحمِل الشعب المصرى تبعاتِ الإصلاح الاقتصادى الدورُ الأكبر فى تحقيق هذا النجاح.

وفى مجالِ الجهودِ المبذولةِ لتحقيقِ العدالةِ الاجتماعية، وخفضِ معدلات الفقر، فقد زادت معاشات العاملين بالحكومة والقطاعين العام والخاص خلال الفترة من عام 2014 وحتى 2019 بنسبة قدرها 41%، كما تم إطلاقُ برنامجِ &تكافل وكرامة& بهدفِ توفير شبكة حماية اجتماعية للأسرِ الفقيرة والمسنينِ والأشخاصِ ذوى الإعاقة وغير القادرين على العمل والأيتام، وقد بلغ إجمالى عددِ المستفيدين من هذا البرنامج حوالى ١٠ مليون مواطن. وتحقيقا للحق فى السكن اللائق والحياة الكريمة، فقد كثفت الدولة الجهودِ المبذولة للقضاء على مشكلة العشوائيات، وتوفيرِ سكنِ لائق وآمن وصحى للمواطنين بكافة فئاتهم، وإتاحةِ مياه الشربِ النظيفة والآمنة لهم.

وفى مجالِ توفيرِ الرعاية الصحية، صدر قانونُ التأمينِ الصحى الشامل خلال عام ٢٠١٧ بهدفِ توفير مظلةِ تأمينيةِ صحية شاملة ومتدرجة لجموع المصريين، وبدأ تطبيقهُ فى عدد من المحافظات، وذلك مع العمل بالتوازى على رفع جودة وكفاءة المنشآت الصحية فى المحافظات الأخرى، فضلًا عن إطلاق مبادرة &100 مليون صحة& للقضاء على فيروس C والكشف عن الأمراض غير السارية كالسكر وارتفاع ضغط الدم والسمنة، وكانت هذه المبادرةُ محلَ إشادةٍ من المنظمات الدولية المعنية لما حققته من نتائج إيجابية، كما أطلقت الحكومةُ عدة حملات لصحة المرأة المصرية، والطلاب فى المدارس، والمساجين فى المؤسسات العقابية، فضلًا عن حملةً للكشف وعلاج أمراض السمنةِ والتقزم والأنيميا الحادة للتلاميذ تحت 12 عامًا بالمجان للحفاظ على صحة الأجيال الناشئة.

وعلى صعيد الاهتمام الخاص ببعضِ الفئاتِ فى المجتمع: وإنطلاقًا من الإيمان الكامل بدورها وحقها الدستورى فى المساواةِ فى الحقوق والحريات والواجبات العامة وتكافؤ الفرص دون تمييز، جاءَت جهودُ الدولةِ نحوَهم كالتالي:

ففى مجال التمكيِن السياسى للمرأة، أسفر نظامُ الانتخاباتِ البرلمانية عن انتخاب 90 نائبة، لتصل نسبة تمثيل المرأة بالمجلس إلى 15%، وبلغ عددُ النساءِ فى الحكومة 8 وزيرات بنسبة 25٪ من الوزراء، وعدد 17 معاون وزير، وعُينت امرأتان لأول مرة فى منصب محافظ، وتشغل المرأة 27% من منصب نائب محافظ، فضلًا عن تمثيلها بالقضاء، وتشغل إمرأة منصب مستشار رئيس الجمهورية للأمن القومي. وتُوجَ ذلك بالتعديلات الدستورية التى أجريت عام 2019 بتخصيص نسبة 25% على الأقل للمرأة بمجلس النواب، بجانب نسبة 25% بالمجالس المحلية. ونفاذًا لأحكام الدستور، صدر قانونُ المجلسِ القومى للمرأة، ليتولى تنسيقَ البرامجِ والأنشطةِ ونشر الوعى وترسيخ قيم المساواة وعدم التمييز لتمكين المرأة فى كافة المجالات، وتحسين وضع المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا لا سيما فى المناطق الريفية.

وفى مجالِ الجهودِ المبذولة لتعزيز حقوق الطفل، ونفاذًا لأحكام الدستور، أطلقت الحكومة بالتعاون مع المجلس القومى للطفولة والأمومة والجمعيات الأهلية الاستراتيجية الوطنية للطفولة والأمومة (2018 ــ 2030) بمنظور تنموى متكامل لتوفير خدمات أفضل للارتقاء بجودة حياة الطفل، وإيلاء اهتمام خاص بتمتع أبناء الأسر الفقيرة بالخدمات الأساسية.

وفى مجال تعزيز حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة، صدر قانون حقوق ذوى الإعاقة ليكفل مشاركَتهم الفاعلة فى جميع مناحى الحياة، ويضمنُ لهم العديدَ من الامتيازات الصحية والتعليمية والمهنية وغيرها. ونفاذا لأحكام الدستور، صدر قانونُ إنشاءِ المجلس القومى للأشخاص ذوى الإعاقة، ليختص بوضع وتنفيذ البرامج والمشروعات الخاصة بحماية حقوقهم.

وسعيًا لتمكين الشباب باعتبارهم قاطرة المستقبل، عمدت الدولة على إشراكهم فى الحياة العامة وتولى المناصب القيادية. وقد أسفر نظام انتخابات عام 2015 عن فوز 59 شابًا بعضوية مجلس النواب، كما تم تعيين 41 شابًا فى منصب معاون وزير؛ وعدد 6 شباب نوابًا للمحافظين، منهم 3 إناث. كما تم تخصيصُ نسبة 50% للشباب فى عضوية المجالس التخصصية التابعة لرئيس الجمهورية مباشرة. وعملت الدولةُ على تمكينهم اقتصاديًا من خلالِ التعاون مع القطاع الخاص فى توفير التدريب المهنى، وإتاحةِ فرص العمل، وتمويلِ المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وهو ما انعكس على انخفاض معدل البطالة.

وكفلت الدولةُ العيشَ الكريم للاجئين وطالبى اللجوء، وبلغ عددُ المسجلين حاليًا لدى مكتب المفوضية السامية للاجئين فى مصر 250.000 لاجئ وطالب لجوء من 55 جنسية مختلفة، إضافة إلى زهاء 5 مليون شخص فر معظمهم من النزاعات المسلحة فى دول الجوار الجغرافى، ولم يطالبوا بوضعيةِ اللجوء، وذلك لسهولةِ اندماجهمِ فى المجتمع المصرى، حيث لا يتم عزلُهم فى معسكراتِ، ويتمتعون بجميعِ الخدماتِ الأساسية المتوافرِة للمصريين من سكنِ وتعليمِ وصحةِ وغيرها.

والتزامًا بتعهداتنا الدولية فى مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية، صدر فى 2016 قانون يُجرمُ كافةَ أشكالِ تهريب المهاجرين ويقررُ حقَهم فى العودةِ الطوعية ويُلزم الدولةَ بتوفير التدابير المناسبة لحماية حقوقهم، وأضحى المجلسُ القومى للطفولة والأمومة الممثلَ القانونى للأطفال غير المصحوبين. كما أنشئت فى عام 2017 لجنةُ وطنية تنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر، وأطلقت استراتيجية وطنية لمكافحة الهجرة غير الشرعية حتى 2026. وكان من ثمرة الجهود المبذولة فى هذا المجال عدم خروج أى سفينة لنقل مهاجرين غير شرعيين من السواحل المصرية منذ نهاية 2016.

وإدراكًا لخطورة الفساد كمعوق أساسى للتنمية المستدامة والحكم الرشيد، فقد تم استحداثُ منصبِ مستشار رئيس الجمهورية لمكافحة الفساد، وتنفيذُ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد 2014-2018 ثم استراتيجية 2019-2022 للارتقاء بأداء الجهاز الحكومى وتحسين الخدمات الجماهيرية، وإرساء مبادئ الشفافية، كما تم سنُ وتحديث عددٍ من التشريعات الداعمة لمكافحة الفساد، بجانب تعزيز التعاون مع المجتمع المدنى والقطاع الخاص فى هذا المجال.

وسعيًا لنشرِ مبادئِ التسامح والتفاهم والتعايش السلمى، تم اتخاذُ عدةِ خطوات، كان من أبرزها: إنشاء &منتدى السماحة الوسطية& و&المرصد العالمى لمكافحة التطرف& بهدف محاربة التشددِ والتطرف وتصحيح الأفكار المغلوطة، إضافةً إلى تواصلِ جهود الأزهر الشريف والكنيسة الأرثوذوكسية المصرية فى العمل سويًا تحت مظلة مبادرة &بيت العائلة المصرية& لتأكيدِ قيمِ ومبادئ المواطنة للجميع ومكافحة التحريض والتمييز والحض على العنف وخطاب الكراهية والتطرف.

وفى سبيلِ تعزيزِ التواصل مع آليات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان، قدمت الحكومةُ فى 2018 لمجلسكم الموقر فى دورته السابعة والثلاثين تقرير نصف المدةِ الطوعى، كما تقدمت

بالتقارير الدورية التعاهدية للجان المنبثقة عن العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية، واتفاقية مناهضة التعذيب، واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، واتفاقية حقوق الأشخاص ذوى الإعاقة. وفى ذات السياق فقد تم إنشاءُ &اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان& برئاسة وزير الخارجية لتختص وحدَها بالإشرافِ الكامل على كل ما يتعلقِ بملف حقوق الإنسان، ومتابعةِ تنفيذِ الالتزامات الناشئة عن أحكام الاتفاقيات الدولية ذات الصلة.

السيد الرئيس..السيداتُ والسادة

إن ما تم استعراضُه فى ضوءِ الوقتِ المتاح لا يمثل إلا جزءً يسيرًا من جهود وخطوات حقيقية اتخذتها الدولة المصرية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، ونحن على ثقةٍ من اطلاعكم على تفاصيل هذه الجهود فى التقرير المقدم إليكم، والتى أُنجزت ليس فقط تنفيذًا لالتزاماتنا الدولية ذات الصلة، وإنما تلبية لمطالب الشعب التى جسدها الدستور. ولا يسعُنا إلا أن نؤكدَ على مضى مصرَ قدمًا نحو تحقيقِ المزيدِ من طموحات شعبها فى العيش الكريم والحياة الأمنة، وصون حقوقه وحرياته، رغم كلِ ما نواجِهُه من تحدياتٍ اقتصادية وعمليات إرهابية واضطرابات إقليمية، وهى غيرُ خافيةٍ على أحد.

وختامًا .. نشكرُ لكم حسنَ الاستماعِ. والوفدُ المصرى جاهزُ لاستقبال توصياتِكم والردِ على أسئلتِكم، سعيًا لما نصبو إليه جميعًا من الارتقاء بحالة حقوق الانسان فى دول العالم.

زر الذهاب إلى الأعلى