تحسم هيئة كبار العلماء قضية وقوع الطلاق الشفوى، فى جلستها الأحد المقبل، بعد انتهاء آراء اللجنة الفقهية وبعض اللجان المنبثقة من الهيئة ورفعها لمجلس الهيئة من أجل صدور رأيها فيما يخص تلك القضية التى شغلت المصريين خلال الفترة الماضية، وتحديدًا بعد خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسى، فى عيد الشرطة الماضى، بتساؤله للإمام الأكبر شيخ الأزهر حول إمكانية عدم وقوع الطلاق إلا أمام مأذون للحد من تلك الظاهرة، والتى بلغت بحسب إحصائية جهاز التعبئة والإحصاء إلى وقوع 40% من حالات الطلاق بين المتزوجين حديثًا فى الخمس سنوات الأولى.
وفى الأيام الماضية صدرت عدة آراء من المنوطين ببحث الأمر يجعلنا نستنتج ما قد يصدر عن الهيئة، فبالقراءة فيما صدر عن الدكتور على جمعة، مقرر لجنة الفقه لهيئة كبار العلماء، والدكتور عباس شومان، الأمين العام للهيئة، وكذا رأى اللجنة الفقهية التابعة لمجمع البحوث الإسلامية، نجد أن الرأى المتوقع هو وقوع الطلاق الشفوى بنصه الصريح مع ضرورة الإشهاد عليه.
الدكتور على جمعة، قال فى تصريحات تليفزيونية، إن الطلاق الشفوى يقع إذا قيل بنصه دون تحريف لأحد الحروف، مضيفًا: ” لو قال لها أنت طالق يقع، أما إذا حرف فى لفظ الطلاق زى ما يقول لزوجته إنتى تالك أو طالئ، يُسأل فيها عن قصده فإن كان قصده الطلاق يقع أيضًا.
وكشف “جمعة”، أن اشتراط وقوع الطلاق بالذهاب إلى المأذون موجود بالقانون منذ عام 31 ولم يحل المشكلة حيث نصت المادة الخامسة بضرورة توثيق الطلاق عند المأذون خلال 30 يومًا من التطليق وإلا يحبسه القاضى.
وتابع: نسبة الطلاق لم ترتفع فى مصر؛ بسبب الطلاق الشفوى وإنما ارتفعت عند المأذون حيث إنها كانت 13% حسب إحصائية وزارة العدل، وأصبحت الآن 40% لافتًا إلى أن القول بأن الطلاق الشفوى لا يقع عبث، وعدم دراسة المشكلة على وجهها الحقيقى.
وأوضح “جمعة”، أنه لو افترضنا جدلاً أن الطلاق الشفوى لا يقع كما يقول البعض، فهذا لن يساعد على خفض نسبة الطلاق؛ لأن الذى طلق فهو طلق أمام المأذون أصلا، لافتًا إلى أن الطلاق الشفوى يجب دراسته ويكون لدينا إحصاءات وبيانات.
وأضاف، أن 3300 سؤال ورد إلى دار الإفتاء منها 3 حالات فقط، التى وقعت لعدم توافر الشروط الشرعية، متسائلاً: لماذا كل هذه الهيصة على الطلاق الشفوى، مؤكدًا أنه فى حالة خروج فتوى بعدم وقوع الطلاق الشفوى سنكون أضحوكة الشرق والغرب، وسنجد عوام الناس فى الصباح نجد الراجل يقول لزوجته اعملى طبق فول وإذا تأخرت يقول لها أنتى طالق، وإذا سألته أنت طلقتنى سيرد الزوج قائلاً: “بهزر معاكى”.
وأكمل: وقد تستغل زوجة تكره زوجها هذه الكلمة بأنها طلقة، وقد تكون ثالثة فتمنع نفسها منه، وتذهب للمحكمة وتصبح فتنة فى المجتمع، لا قبل لنا عليها وتصبح “مصيبة سودة”، وتربية للناس على المشاكل وستقع مصر فى مستنقع من المشاكل.
فبالقراءة فى رأى الدكتور على جمعة، مقرر اللجنة الفقهية لهيئة كبار العلماء، وهى اللجنة الأهم داخل الهيئة، نستطيع أن نستنتج أن الطلاق الشفوى يقع بنصه الصريح، كذلك ما ذكره الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء، سابقًا، أن الطلاق الشفوى يقع مع ضرورة توثيقه.
وما يؤكد أن هذا الاتجاه هو الذى تسيير فيه هيئة كبار العلماء، ما ذكره الدكتور عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، أن المناسب ما ذهب إليه ابن رشد من القول بحصول الطلاق فور صدوره ووجوب الإشهاد عليه بعد ذلك توثيقًا للحقوق.
الدكتور عباس شومان، أوضح فى تصريحاته، أن الأمر يحتاج إلى دراسات اجتماعية ونفسية تدعم التناول الفقهى، خشية أن يزيد هذا الرأى الفقهى من تعقيدات الأمور من حيث أراد حلها، فقد يستخف بعض الناس بالطلاق، وبدلًا من تحرجهم
زوجته يمين الطلاق بسبب وبدون سبب تهديدًا لها وهو مطمئن بأن الطلاق لن يقع لعدم توفر الشهود على ذلك، وهناك أمر آخر لا يسلم معه اعتبار الإشهاد لحصول الطلاق، وهو قول النبى – صلى الله عليه وسلم: «ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والعتق»، ويبعد أن يُشهد شخص على تطليقه زوجته وهو هازل، كما أن الحديث يفيد وقوع الطلاق بمجرد صدوره من الزوج لزوجته وإن كان مزحًا، ولا يسلم أيضًا اعتبار الإشهاد لحصول الطلاق مع ما هو معلوم من أنه يحتاط فى الدماء والأعراض ما لا يحتاط فى غيرهما، والتحوط يقتضى اعتبار وقوع الطلاق ولو من دون إشهاد حفظًا للأعراض والأنساب.
من جانبه قال الدكتور حامد أبو طالب، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن لجنة الفقه، التابعة للمجمع، انتهت فيما يخص وقوع الطلاق الشفوى، إلى أنه لا يعتد وقوع الطلاق شرعًا إفتاء وقضاء إلا إذا كان واقعًا من أهله فى محله مستوفيًا لأركانه وشروطه الشرعية، وهذا لا يتحقق إلا إذا كان المطلق بالغًا عاقلاً غير مكره ولا مغلقًا على فكره وإرادته عند الطلاق، وذلك لما روى عن السيدة عائشة رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم، قال “لا طلاق ولا عتاق فى إغلاق، وقوله صلى الله عليه وسلم “رفع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكروه عليه”، وفى رواية عن ابن عباس أن النبى قال “إن الله وضع عن أمتى الخطأ والنسيان وما استكروه عليه”.
وأضاف عضو مجمع البحوث الإسلامية، وترى اللجنة وجوب الإشهاد على الطلاق والرجعة فى ذلك الزمان، لقوله تعالى فى سورة الطلاق “فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوى عدل منكم وأقيموا الشهادة لله ذلكم يوعظ به”، لأن هذا الإشهاد يؤكد إصرار المطلق على الطلاق والفراق أو المراجعة قبل انتهاء العدة وحفظ الحقوق بين الزوجين حال الرجعة العصمة الزوج أو المفارقة للطلاق وانتهاء العدة ووقوع الطلاق الشفوى دون الاشهاد تحت ضغط الحياة الاقتصادية والمعيشية وضعف الثقافة الدينية تدخله فى دائرة الإغلاق بنص الحديث “لا طلاق فى إغلاق”، بل لأنه نظرًا لواقع الحال وفساد الأمر نرى أن كل طلاق لم يوثق بالإشهاد لا يعتد به منعًا للتناكر وحفظًا للحياة الزوجية والأسرية وحماية للكيان الاجتماعى لجميع أفراد الأسرة والمجتمع، وهذا ما ذهب إليه الظاهرية والشيعة الإمامية وابن عباس والإمام على بن أبى طالب.