لا يراقب فقط العالم العربي تداعيات وفاة السلطان العُماني قابوس بن سعيد، وتعيين ابن عمه هيثم بن طارق آل سعيد خليفة له، وانما يفعل ذلك العالم كله، خشية تراجع دور السلطنة العُمانية في دبلوماسية الكواليس الذي لم تستطع دولة أخرى القيام به.
وأدى هيثم بن طارق آل سعيد اليمين الدستورية بعد تعيينه سلطاناً لعمان خلفا لابن عمه الراحل قابوس بن سعيد، الذي توفي مساء الجمعة، بعد اختياره وفقا لوصية السلطان الراحل، ما يمنح جانباً من الأمل بأن السلطنة قد تستمر بذات الدور المختلف جدا عن بقية الدول العربية بما فيها الخليجية.
وتغلب هيثم بن طارق السلطان الجديد بظهور اسمه على مرشحين بارزين هما: أولا، أخيه غير الشقيق، أسعد بن طارق (65 عاماً)، والذي كان يُعتقد على نطاق واسع في سلطنة عمان أنّ اسمه سيظهر في رسالة السلطان، إذ تم تعيينه نائباً لرئيس الوزراء لشؤون العلاقات والتعاون الدولي في عام 2017. واعتبرت هذه الخطوة رسالة دعم واضحة من السلطان لابن عمه و”ممثّله الخاص” منذ عام 2002.
وأسعد بن طارق، الذي كان قائداً للمدرعات في الجيش العماني، غالباً ما يرأس وفوداً حكومية في مؤتمرات إقليمية ودولية، ويستقبل مسؤولين أجانب، ويشارك في مناسبات علنية نيابة عن قابوس.
والمرشح الثاني كان، نجل أسعد، تيمور بن طارق، إذ أبرزت برقية دبلوماسية أمريكية في مسقط، سرّبها موقع ويكيليكس في 2017، مكانة تيمور البالغ من العمر 39 عاماً.
وذكرت البرقية أنّ تيمور “يعتبر من قبل العديد من العمانيين المرشح الرئيسي في جيله لخلافة (السلطان)، خصوصاً إذا جرت عملية انتقال (السلطة) بعد أن يكون والده وأعمامه قد تجاوزوا العمر الذي سيُعتبرون فيه خلفاء جيدين”.ولا يشغل تيمور أي منصب رسمي كبير.
بهذا شكل ظهور اسم هيثم مفاجأة بعض الشيء لاوساط العائلة المالكة، خاصة مع اعتباره ابعد من اسعد ونجله عن السياسة العُمانية ودهاليزها.
ويعتقد ان اسم هيثم بن طارق يشكل ايضا مفاجأة للاوساط العربية والعالمية، باعتباره ابعد عن السياسة، وهو ما يتخوف البعض من ان يجعل السلطنة وسلطانها عرضة للاستقطاب.
وأعلنت الحكومة العمانية أن هيثم بن طارق آل سعيد أدى اليوم السبت (11 يناير/كانون الثاني) اليمين الدستورية بعد تعيينه سلطاناً لعمان خلفا لابن عمه الراحل قابوس بن سعيد. وقالت الحكومة العمانية في تغريدة “صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق بن تيمور آل سعيد – حفظه الله – يؤدي القسم سلطانا للبلاد (…) إثر انعقاد مجلس العائلة المالكة وتقريره تثبيت من أوصى به جلالة السلطان قابوس بن سعيد”.
وأشار التلفزيون الحكومي في السلطنة إلى أن العائلة المالكة قررت فتح رسالة تركها السلطان الراحل وحدد فيها اسم خليفته.
وبحسب الدستور، يقوم مجلس العائلة المالكة، خلال ثلاثة أيام من شغور منصب السلطان، بتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم. وإذا لم يتم الاتفاق، تُفتح رسالة تركها السلطان قابوس وحدّد فيها اسم خليفته، ثم يجري تثبيته في منصب السلطان.
ويُشترط فيمن يختار لولاية الحكم في عمان أن “يكون مسلماً رشيداً عاقلاً وابناً شرعياً لأبوين عمانيـين مسلمين”.
وهيثم بن طارق (65 عاماً) كان رئيس اللجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية “عمان 2040″، كما أنه الرئيس الفخري لـ”جمعية رعاية الأطفال المعوقين”، و”نادي السيب الرياضي”، كما شغل عدة مناصب دبلوماسية ما يشير إلى انه سيستمر على نهج ابن عمه الراحل.
ويبدو ان السلطان هيثم بن طارق يحمل خلفية تشابه خلفية ابن عمه الراحل من حيث الميل للثقافة والحفاظ على التراث، الى جانب خلفيته الدبلوماسية والسياسية التي قد تؤهله للعب سياسة مشابهة لتلك التي كان يلعبها ابن عمه.
وبدأ الزعماء في العالم العربي ينعون السلطان قابوس، إذ كتب ملك الأردن عبد الله الثاني عبر موقع التواصل الاجتماعي تويتر: “فقدنا بوفاة جلالة السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عُمان الشقيقة، أحد القادة الحكماء الذي كان أخا كبيرا لي وصديقا عزيزا لوالدي الحسين وحليفا للأردن في الدفاع عن القضايا العربية والإسلامية بحكمة وتوازن مستندا إلى مبادئ راسخة. ندعو الله له بالرحمة وللشعب العُماني الشقيق بالصبر والسلوان”.
وأعلن الديوان الملكي في الأردن الحداد لمدة ثلاثة أيام على الراحل.
ولم يكن للسلطان قابوس بن سعيد الذي توفي الجمعة في مسقط عن 79 عاماً، أي أولاد أو أشقاء ليرثوا الحكم من بعده، بل أبناء عمومة فقط.
وتتحول اليوم الأنظار لسلطنة الدبلوماسية الخفية، في محاولات مراقبة لمن قد يحاول استقطاب السلطان الجديد، خصوصا وان مسقط تنشط على عدد من الجبهات والتي منها السعودية- الحوثية، بالاضافة للايرانية الامريكية في الوقت الحالي.