أقلام حرة

عبد الناصر سلامة يكتب ( لماذا الإصرار .. واللعب بالنار )

نشر موقع المصري اليوم مقالاً للكاتب ” عبد الناصر سلامة ” .. أبرز ما جاء فيه الآتي :

رئيس مجلس النواب ” علي عبد العال ” أكد أن اتفاقية ( تيران / صنافير ) الخاصة بترسيم الحدود البحرية بين ( مصر / السعودية ) وصلت للمجلس الذي سيتصدى لها – على حد قوله – طبقاً لاختصاصاته الدستورية ، فمن المؤكد هو أن ما يتم الإعداد له ليس دستورياً ، لا شكلاً ولا موضوعاً ، ويهدم مبدأ الفصل بين السلطات الذي هو أساس الحكم ، بالتالي فإن الاتفاقية لا يجوز بأي حال من الأحوال مناقشتها في البرلمان ، تحت أي مسمى ، مادام قد صدر بشأنها حُكم نهائي قاطع من الإدارية العليا .

لمصلحة من ذلك الذي يجري ، ولمصلحة من ذلك الصدام بين السلطتين القضائية والتشريعية ، ولمصلحة من التنازل عن قطعة من أرض مصر ، ولمصلحة من عدم احترام أحكام القضاء النهائية ، أعتقد أنه بدا واضحاً أن الأمر أكبر بكثير من ( رُز الخليج ) ، وأكبر من مجرد إعادة ضخ المواد البترولية ، وأيضاً أكبر بكثير من اتفاقية تم التفاوض حولها سراً ، بمنأى عن الشعب صاحب الأرض ، وأيضاً أكبر بكثير من كل ما هو ظاهر على الساحة ، الأمر أصبح واضحاً أنه يتعلق بما هو أخفى ، أو بما هو غير معلن ، الأمر أكبر من مجرد اتفاق بين ( السعودية / مصر ) ، الممارسات الطبيعية تُحتم على القيادة المصرية ألا تخسر ثقة شعبها ، أيضاً تُحتم على الأشقاء في السعودية ألا يخسروا شعب مصر ، العقل والمنطق يقودان لهذه النتيجة الطبيعية ، لمصلحة من إذاً ذلك الذي يجري ، ومن هو الطرف الثالث المستفيد .

الغريب في الأمر هو هذه الثقة الرسمية في أن البرلمان سيتخذ موقفاً مناوئاً لموقف القضاء ، لماذا يعتقد المسئولون أن البرلمان طيّع مطاوع ، سينفذ التعليمات الفوقية ، وعلى الجانب الآخر ، لماذا هذا الرعب في الشارع من البرلمان وعدم الثقة فيه ، كيف نجح البرلمان خلال فترة وجيزة في أن يفقد ثقة الشعب فيه لهذا الحد ، هل هو الأداء الهزيل الذي نراه يوماً بعد يوم ، هل هي المرحلة التي تتميز بالضعف العام من كل الوجوه ؟

الأمر خطير أيها السادة ، لم يعد يتعلق بمجرد التنازل عن جزيرتين ، رغم خطورة الموضوع ، قدر ما أصبح يتعلق بإصرار واضح على الخطأ والضرب بأحكام القضاء عرض الحائط ، أصبح يتعلق بتحدي إرادة الشعب ، وليس التنازل عن حقوقه فقط ، هو بالفعل لعب بالنار غير محسوب العواقب ، ذلك أننا أمام القضية الأولى من نوعها في التاريخ ، وهو الأمر الذي يؤكد أننا أمام مرحلة استثنائية أيضاً في التاريخ ، تجعلنا نتوقف أمام كل الأحداث التي شهدتها مصر والمنطقة طوال السنوات الست الماضية ، بطرق تفكير مختلفة ، من خلال ذلك الواقع العجيب ، الذي تصور البعض أن مصر خارج خارطته الجديدة .

 

زر الذهاب إلى الأعلى