أقلام حرة

مقال للكاتب عزت القمحاوي بعنوان : ( هذا هو الإرهاب.. طيب والعمل؟ )

نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب عزت القمحاوي بعنوان : (  هذا هو الإرهاب.. طيب والعمل؟ ) ، وجاء كالتالي :

ماذا نحن فاعلون؟

وأقصد بـ«نحن» نظاماً ومجتمعاً، وأقصد بالنظام مكونات الحكم من الرئيس إلى الوزارة إلى البرلمان إلى القضاء والأحزاب، أقصد كذلك النقابات وأهل الرأى.

هذه لحظة يجب أن يكون كل واحد فيها وكل مؤسسة على قدر التحدى، فالأمر جلل لا يحتمل الرخاوة التى نتصرف بها جميعنا.

لدينا أساس نبنى عليه، يبرر أن نقول «نحن» رغم أن الاحتراب السياسى القائم منذ 30 يونيو 2013 ضيق الكلمة وجعلها عاجزة عن احتواء كل المصريين. واليوم يمكننا أن نقول «نحن» استناداً إلى الألم الذى وحد المصريين، وإن شئنا الدقة، وحد قطاعات أوسع لديها نفس الألم تجاه تفجيرات أحد السعف.

ألم على الضحايا، ألم من الإحساس بالعجز. وقد جربنا هذا الألم فى أيام سوداء خلال السنوات الماضية، أبرزها عندما أعلنت داعش إمارة فى الشيخ زويد فى يوليو 2015، ومؤخراً عندما فرضت تهجير الأقباط من العريش. لكننا للأسف لا نذهب معاً إلى أبعد من ذلك.

حتى الآن، لم يتحمل أحد مسؤوليته. وبعد كل حزن تتفرق بنا السبل، وتتوالى الأحداث لتكشف نظاماً ينظر تحت قدميه ومجتمعاً فى حالة فوضى تصل إلى الاحتراب المفتقر إلى العقل.

الحكومة على أعلى مستوى تجتمع عقب كل اعتداء أثيم، وهذا إجراء ضرورى، لكنه مستهجن من الغاضبين الذين يشعرون بالعجز ويتوقعون من نظام يبنى شرعيته على تحقيق الأمن أن يكون لديه الحل السحرى. فى الجهة الأخرى، يقف أنصار النظام الذين يدافعون عنه ظالماً أو مظلوماً. دفاعهم الدائم أن الحكومة فى فرنسا والسويد وروسيا ليس لديها ذلك الحل السحرى، وجميعها ليست فى مثل ظروفنا.

المسافة بين الساخطين والمؤيدين ملغمة بالشتائم والعنف وطاقة عدوان أكبر من طاقة الإرهابيين، لا تنقصها إلا قنبلة فى يد كل متحاور وكل متنابز. وقد يكون المواطن الفرد حراً فى انفعالاته على مواقع التواصل أو عند الحوار مع زميل عمل (علماً بأن مواقع العمل مشحونة بهذا العنف منذ إزاحة الإخوان إلى اليوم)، لكن الذى ليس حراً هو الواقف على تبة إعلامية ينبح فيها على من يشاء ويعقر من يشاء، ويصيب حياتنا السياسية والاجتماعية بالمزيد من التسمم، مقابل ما يحصل عليه من أجر الحراسة.

وقد أثبتت الوقائع أن اجتماعات رد الفعل غير كافية، وأن برلمان المهاترات وإعلام الصراخ لا يفيد فى جمع المصريين على هدف أو إعادة المعنى لضمير «نحن».

الجميع يعرف أن الإرهاب ليس كائناً خرافياً، بل ظاهرة تاريخية وواقعا اجتماعيا وسياسيا. فى بعده المحلى هو ابن القمع وعدم تكافؤ الفرص، وابن النفاق الذى تمارسه سلطة تدعم خطاب الإرهابيين وتعليه، ثم تواجههم فى ساحة القتال، بعد أن يفسد كل شىء.

وقد أضافت العولمة القمع المادى والمعنوى الذى تمارسه القوى الكبرى ضد المجتمعات والقوميات الضعيفة، مما أعطى هذه الخلطة من الإرهاب العابر للحدود المستند إلى الظلمين المحلى والدولى، والذى يمكن أن تطيش يده العمياء فتصيب بلداً مسالماً مثل السويد.

 

ليس فى النخبة السياسية بمصر من يجهل طبيعة الإرهاب وأسبابه، وعلاجه فى إعادة ترتيب الأولويات: إصلاح التعليم، والصحة، وتقوية جهاز المناعة، بفتح المجال السياسى، وتقوية القضاء لا هدمه، وضبط فوضى الإعلام. باختصار: العمل بعكس كل ما يحدث الآن.

وعلى الجميع أن يتذكر أن الإرهاب مهما ضرب فرنسا أو السويد فإنه لا يهددها بالمصير السورى، حيث لا تسقط تحت ضرباته إلا الديكتاتوريات عديمة المناعة.

زر الذهاب إلى الأعلى