آراء أخرىأقلام حرة

ترشيد الطاقة.. عندما تتحول عاصمة النور إلى ظلام!

محمد شعلان يكتب...

إذا ذكرت عاصمة النور تتجه الأنظار نحو باريس، باعتبارها واحدة من أجمل المدن في العالم التي تتلألأ أضواؤها في الليل، وتحتضن الكثير من المعالم السياحية، ولكن يبدو أن لقب “مدينة النور” الذي اقترن باسم العاصمة الفرنسية باريس لعقود سيفارقها، حيث ستطفئ المدينة أنوارها حفاظا على الطاقة ولترشيد استهلاكها، بدءا من 23 سبتمبر الجاري بسبب أزمة الطاقة.

وستبدأ بلدية باريس في تنفيذ خطة اقتصادية شاقة لتوفير الطاقة الفترة المقبلة، حيث سيتم إطفاء العديد من المباني العامة بالكامل في الساعة 10 مساءً من كل ليلة، وستتوقف إضاءة قاعة مدينة باريس، وبرج سان جاك، والمتاحف البلدية، وقاعات البلديات، أما المعلم السياحي الأبرز برج إيفل فسيغرق في الظلام عند الساعة 11 مساءً كل يوم.

وتستهدف فرنسا من هذه الإجراءات وضع “خطة الطوارئ من أجل الاتزان”، بمعنى خفض استهلاك الطاقة بنسبة 10%، وذلك بعد أن ارتفعت أسعار الطاقة لتواجه أوروبا ولاسيما فرنسا منها، أعلى أسعار للطاقة في العالم، بعد أن قللت روسيا إمدادات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب “نورد ستريم 1”.

ولن تقتصر هذه الخطة المتعلقة بترشيد الطاقة على باريس فقط، فوضعت كلا من فرنسا وألمانيا وإسبانيا قواعد تُلزم المباني العامة بأن تكون درجة التدفئة 19 درجة مئوية كحد أقصى في فصل الشتاء، وحددت هذه الدولة أيضا درجة الحرارة الأدنى لمكيفات الهواء في المباني العامة عند 26 درجة مئوية و27 درجة مئوية على التوالي.

وسيسعى كل من الأفراد والمؤسسات والهيئات العامة في دول عديدة وبالأخص منها أوروبا إلى خفض استهلاك الطاقة، ويبدو أن القارة العجوز ستعيش شتاء قارس البرود وقارس في الطاقة أيضا، مع استمرار أزمة الطاقة في أوروبا والتي تتفاقم مع قيام روسيا بالحد من صادرات الغاز الطبيعي.

ولم يعد أمام فرنسا وكبرى دول أوروبا إلا التكيف مع الوضع الجديد وهو الحد من استهلاك الطاقة مع ارتفاع الأسعار، وهذا الوضع الجديد سيجبر حكومات أوروبا على إنفاق مليارات الدولارات لحماية الشركات والمستهلكين من ارتفاع فواتير الكهرباء مع انزلاق أوروبا لأزمة طاقة لأول مرة في العقد الحديث.

زر الذهاب إلى الأعلى