تونس: «النهضة» تعقد اجتماعها الاستثنائي للحسم في خطها السياسي
عقدت حركة النهضة، أمس، اجتماعا استثنائيا لمجلس الشورى التابع لها يستمر إلى غاية مساء اليوم (الأحد)، وذلك للحسم في عدد من الملفات، وفي مقدمتها «التوافق السياسي» بين رئيس النهضة ورئيس الجمهورية، ومصير الدعم الذي تقدمه «النهضة» لرئيس الحكومة يوسف الشاهد، علاوة على الاتهامات التي وجهتها لها «الجبهة الشعبية اليسارية» في قضية الاغتيال السياسي لكل من القيادي اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني محمد البراهمي، اللذين تعرضا للتصفية الجسدية سنة 2013 إبان حكم حركة النهضة ضمن الترويكا الحاكمة. ومن المنتظر أن يكون، حسب عدد من المراقبين، اجتماعا ساخنا محوره «تعديل بوصلة التوافق السياسي نحو قصر الحكومة في القصبة، تحت رئاسة يوسف الشاهد، أو إعادتها إلى قصر قرطاج (رئيس الدولة)».
وحسب المحلل السياسي التونسي خليل الحناشي، فإن حركة النهضة ستقف «حكما» بين يوسف الشاهد في حال مواصلة دعمها للحكومة بهدف الحفاظ على الاستقرار السياسي، وبين حافظ قائد السبسي، المدير التنفيذي لحزب النداء ونجل الرئيس الحالي، الذي يدعو إلى الإطاحة بحكومة الشاهد ورئيسها. كما سيتحتم عليها خلال هذا الاجتماع اختيار الطرف الذي تتوافق معه، قبل نحو سنة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وأوضح الحناشي أن «انتصار» الغنوشي «مؤقتا» لصف الشاهد، على حساب نجل رئيس الجمهورية، سيخلف تداعيات على «الاستقرار السياسي المنشود»، الذي ظل يردده الغنوشي للتمسك بالحكومة ورئيسها.
ويجمع عدد من المراقبين على أن حركة النهضة تعيش تحت ضغط بعض قياداتها، التي عبرت في رسالة وجهتها إلى رئيس الحركة راشد الغنوشي عن امتعاضها من قرار كسر التوافق مع رئيس الجمهورية، وانتقادها الصريح لرئيس الحكومة الحالية يوسف الشاهد.
من جهة ثانية، أعلنت مجموعة من الأحزاب المعارضة، الممثلة في البرلمان، رفضها القاطع لما تضمنه مشروع القانون الانتخابي الجديد، الذي عرضته الحكومة على أنظار لجنة النظام الداخلي والقوانين الانتخابية (لجنة برلمانية)، وانتقدت بشدة مقترح رفع عتبة الدخول إلى البرلمان من نسبة 3 في المائة من أصوات الناخبين حاليا إلى 5 في المائة، وفق ما تضمنه هذا المشروع الجديد، وهو ما يعني حرمان نحو 16 حزبا سياسيا من التواجد في البرلمان.
ويضبط هذا القانون، الذي يدعمه بقوة حزب النداء، طريقة إجراء الانتخابات من ناحية، وضبط مقاييس الدوائر الانتخابية، وتحديد عدد مقاعدها من ناحية ثانية، علما بأن البرلمان مطالب بإصدار قانون يتعلق بتقسيم الدوائر قبل سنة من موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) من السنة المقبلة.
ومن المنتظر دعوة الجهة المبادرة لطرح هذا القانون، وهي الحكومة والهيئة العليا المستقلة للانتخابات، للاستماع إليهما بخصوص هذا المشروع.
وبخصوص الدوائر الانتخابية، وهو الموضوع الأكثر إثارة للجدل، فإن المقترح يتضمن الإبقاء على الصيغة نفسها المعتمدة سنة 2011. مع تحديث المؤشرات السكانية «والأخذ بعين الاعتبار تطور السكان، ليصبح بذلك عدد نواب البرلمان في حدود 231 نائباً، بينهم من يمثلون التونسيين في الخارج، وذلك عوض 217 نائبا»، وهي النسبة الموجود حالياً. وفي هذا الصدد، قال رضا الدلاعي، القيادي في حزب التيار الشعبي المعارض، لـ«الشرق الأوسط» إن الائتلاف الحاكم «يحاول توجيه الرأي العام نحو الاهتمام بتنقيح القانون الانتخابي، من أجل التغطية على فشله الاقتصادي والحكومي»، معتبرا أن الغاية من وراء رفع نسبة العتبة الانتخابية هي إقصاء الأحزاب الديمقراطية الوسطية، وبالتالي إقصاء عدد هام من الأحزاب من المشهد السياسي، ومن المشاركة الديمقراطية داخل قبة البرلمان، على حد تعبيره.
وتوقع الدلاعي أن تفشل الحكومة في احترام الآجال القانونية للمصادقة على هذا القانون الانتخابي، وذلك بالنظر إلى ما عرفته جلسات برلمانية سابقة من خلافات تحت قبة البرلمان حول هذا القانون، وبقية القوانين الخلافية.
وفي حال تطبيق القواعد الجديدة على نتائج الانتخابات البرلمانية، التي جرت سنة 2014. فإن حزبين سياسيين فقط سيتقاسمان المقاعد البرلمانية، هما حزب «نداء تونس» الحاصل على 37.56 في المائة من الأصوات، و«حركة النهضة»، التي حصلت على 27.29 في المائة من الأصوات. فيما ستغيب أحزاب «الاتحاد الوطني الحر» (16 مقعداً)، و«تحالف الجبهة الشعبية» (15 مقعداً)، و«آفاق تونس» (8 مقاعد) عن البرلمان، لحصولها على أقل من 5 في المائة من أصوات الناخبين.
أما الأحزاب والائتلافات الانتخابية والقوائم المستقلة، التي كانت ممثلة بنائب إلى أربعة نواب، وعددها 13 حزباً سياسيا، فإنها لن تكون ممثلة في البرلمان المقبل إذا تمت المصادقة على القانون الانتخابي الجديد. تونس حكومة تونس