أقلام حرة

مقال لعبد الناصر سلامة بعنوان : ( حضرات النواب.. ارفضوا هذا المشروع )

نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً لعبد الناصر سلامة بعنوان : ( حضرات النواب.. ارفضوا هذا المشروع ) ، وجاء كالتالي :

أعتقد أن المشروع المتعلق بتعديل قانون الأزهر، والمقدم من عدد من نواب البرلمان، هو بمثابة عار سوف يلحق بالبرلمان إن تمت الموافقة عليه، بالفعل هى فرصة تاريخية لنواب البرلمان أن يثبتوا أنهم على مستوى المسؤولية برفض هذا المشروع جملة وتفصيلاً، هى فرصة ولو لمرة واحدة يثبتون فيها أنهم ليسوا دمية يمكن اللهو بها فى أى زمان ومكان، هى فرصة لمحو آثار السمعة السيئة التى لحقت بالبرلمان منذ اليوم الأول لانعقاده، هى فرصة ليثبتوا من خلالها أنهم على وعى كامل بما يُحاك بالوطن، وفى مقدمته الأزهر الشريف، هى فرصة للتصدى لمحاولات النيل من الأزهر والدين فى آن واحد.

حضرات النواب، ارفضوا هذا المشروع بصوت عالٍ حتى يحملكم الشعب على الأعناق، العكس صحيح إن أنتم وافقتم، الشعب سوف يقتص منكم، ارفضوا هذا المشروع بكل قوة، ارفضوه وابصقوا عليه، الأمر جد خطير والمخطط كبير، من الإجهاز على الأزهر، إلى السيطرة على القضاء، إلى بيع الأرض، إلى التفريط فى العرض، إلى ضرب العُملة المحلية، إلى القضاء على السياحة، إلى شل الاقتصاد، إلى تكدير العلاقات الخارجية، إلى الإساءة لكل الرموز والمؤسسات، وها قد جاء الدور على الأزهر.

حضرات النواب، أعلم أنكم لا تهتمون بحضور الجلسات العامة، أعلم أنكم لا تشاركون إلا ما ندر فى المناقشات، أعلم أنكم مللتم مبكراً من الأداء، أعلم أنها فرصة أمام البعض لتمرير كل المشاريع ذات الصِّلة المراد تمريرها، أعلم وأرى نسبة الحضور المتدنية إلى حد غير مسبوق، إلا أن الأمر حين يتعلق بمناقشة أمر خاص بالأزهر الشريف يجب أن تنتفضوا، يجب أن تمتلئ مقاعد البرلمان، يجب أن تصيحوا بصوت واحد: نرفض ونشجب ونلعن كل محاولات الهيمنة على الأزهر، وذلك لسبب وحيد هو أنه لم تعد هناك مؤسسة يمكن الوثوق بها سوى الأزهر، وإلا بالله عليكم قولوا لنا ماذا تبقى فى ظل هذه المرحلة وهذا الأداء.

حضرات النواب، اقرأوا نص المشروع فيما يتعلق بتشكيل المجلس الأعلى للأزهر وهيئة كبار العلماء حتى يمكن أن تتأكدوا من تلك المكيدة التى تحاك بالأزهر، ما دخل الشخصيات العامة بهذه التشكيلات، وما دخل رجال الاقتصاد وعلم النفس والاقتصاد والبحوث الجنائية والطفولة والأمومة بذلك، ما دخل من هم من خارج الأزهر بشؤون الأزهر، اقرأوا نص المشروع حتى يمكنكم الوقوف على حجم المخطط من خلال ما تم النص عليه بفصل الكليات الأدبية والعلمية عن جامعة الأزهر، اقرأوا نص المشروع من خلال ما تم النص عليه من خلال توقيع العقاب بالإنذار واللوم وعدم صلاحية فضيلة الإمام شيخ الجامع الأزهر.

حضرات النواب، من هو العالم الفاضل الذى يمكن أن يقبل بقيادة مشيخة الأزهر فى ظل وجود مثل هذا القانون إلا من هو على غرار ميزو وبيزو والأزعرى والأرعجى، ومن هو ذلك الذى يمكن أن يوقع جزاءً على شيخ الأزهر إلا إذا كان الهدف هو إهانة هذا المنصب، ومن قال لكم إن هذا القانون فى حال إقراره يمكن أن يستمر العمل به فى ظل أى برلمان آخر أكثر وقاراً، ذلك أن المنطق يشير إلى أنه قانون معرض للإلغاء فى أقرب وقت مع أى نظام سياسى يعى أهمية الأزهر كجامع وجامعة.

حضرات النواب، اذهبوا بعيداً أو قريباً إلى خارج الحدود المصرية حتى تعلموا قيمة الأزهر، ذلك أنه يبدو أن لا كرامة لنبى فى وطنه بالفعل، ذلك أنه يبدو أن أهل الدار فقط هم الذين لا يدركون قيمة كبيرها، تابعوا استقبالات الآخرين لفضيلة شيخ الأزهر، تابعوا زيارات الآخرين إلى فضيلة شيخ الأزهر، اقرأوا فى الخارج عن الأزهر ودور الأزهر، اقرأوا عن تاريخ الأزهر وقيمته وأثره وتأثيره حتى فى ظل هذه المرحلة التى يعانى فيها العالم من التشدد والتطرف تارة، والإلحاد والشذوذ تارة أخرى.

حضرات النواب، هنا مربط الفرس، هناك من يريدونها سداحاً مداحاً، يريدونها بدون أزهر، وبدون علماء، وبدون أى شىء، من الآخر يريدونها بلا دين، أى دين، يريدونها انحلالاً أخلاقياً وانهياراً اجتماعياً، ففى الوقت الذى يدير فيه الأزهر حوارات الأديان والحضارات والثقافات وغيرها من الحوارات الطائفية والمذهبية، يخرج من بيننا من يسىء للأزهر ويشتت جهوده، كمن يسيئون إلى القضاء تماماً ويعملون على السيطرة عليه من خلال القانون سيئ السُمعة المتعلق بالهيئات القضائية.

حضرات النواب، هى كارثة تعيشها مصر فى هذه الآونة، يتم من خلالها الإساءة لكل القيم والأعراف والمؤسسات والهيئات، وذلك عن طريقكم أنتم أعضاء البرلمان، كما هو واضح من خلال نفر قليل منكم فى غياب الأغلبية التى آثرت عدم المشاركة، أو ربما تكون آلت على نفسها عدم الاهتمام، وكأن الهدف من وجود البرلمان تمرير كل ما هو سيئ، على الرغم من أن العكس يجب أن يكون، وذلك بأن نستغيث بنواب الشعب حين الشعور بالخطر، فما بالنا حين الشعور بأن الانهيار قادم.

حضرات النواب، كونوا على مستوى المسؤولية، استخدموا حقكم هذه المرة، انتصروا للحق، سوف يسجلها لكم التاريخ بأحرف من نو

زر الذهاب إلى الأعلى