نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب الصحفي ” جمال الجمل ” .. وفيما يلي أبرز ما تضمنه :
** هل تعرف معنى تعبير : إنه والله لأمرٌ دُبِّر بِلَيل ؟
1 – إذا لم تكن تعرفه فتذكر حديث الرئيس ” السيسي ” عن طلب رئيس الوزراء ” شريف إسماعيل ” اختيار منتصف ليل الخميس لإعلان ارتفاع أسعار المحروقات ، وتذكر أن ” السيسي ” يعرف الكثير عن ( حكاية مصر ) طوال (30) عام ، لكنه لم يتكلم عن مساوئ الماضي البغيض إلا اليوم ، فقد تدرب لزمن طويل على تدبير كل الأمور في الخفاء .. تدبيرها بليل ، لفرضها كأمر واقع على شعب متعَب ، حتى إن ” السيسي ” وحده كان مطمئناً من بين الحاشية التي تحيطه أن ذلك الشعب ( الصبور ) ، ( المتعود دايماً ) لن يخرج ويتظاهر ضد ارتفاع الأسعار في (11/11) .
2 – حديث ” السيسي ” في كل مناسبة يبدو أقرب لسلسلة متواصلة من ( زلات اللسان ) ، فالرئيس يعترف بأن جلسات الحوار الوطني ليست إلا ( منصة ) يبرر من خلالها سياسات التقشف للشعب الذي لا يفهم في الأمور المالية ، ولا يمكنه أن يستوعب حديث وزير المالية المتخصص الذي قاطعه الرئيس الشعبي قائلاً : ( مش عاوز كلام للمتخصصين .. عاوز أقول للناس إحنا عملنا كدا ليه ؟ .. عمر ما كان المستهدف هم النخب ولا المثقفين .. أنا بستهدف الناس البسطاء اللي بتسأل : انتوا بتعملوا فينا كدا ليه ؟ ) .
3 – الحقيقة أن مثل هذه الجلسات العلنية ليست سيئة ، لأنها لا تصب كلها في هدف تبرير سياسات النظام ، بل تكشف الكثير من عوراته ، ومن أساليب تفكيره السطحية في معالجة المشكلات المزمنة ، وكشفت جلسة التعليم عن جهود مشكورة لوضع استراتيجية للتعليم ، لكن التصور الذي قدمه الدكتور ” أحمد عكاشة ” تجاوز الحديث في مفهوم الاستراتيجية وماهيتها والحديث عن التعليم كقيمة إنسانية وحضارية أولًا ، ثم اقتصادية وسياسية بعد ذلك ، واكتفى بطرح تصور منسوخ من مشروع ( مبارك كول ) لدعم التعليم الفني ، مع إنشاء مفوضية تتبع الرئيس ، ولهذا أسأل الدكتور ” عكاشة ” : هل الوزراء سُنة والرئيس فرض ؟ ، أليس وارداً أن يتغير الرئيس بعد (4) سنوات ؟ ، فلماذا إذاً نربط الاستراتيجية بشخص أو بمنصب ؟
4 – لم يتوقف ” السيسي ” في جلسات المؤتمر عن ترديد نغمة التحديات والمخاطر ، وأنه مابيخافش بره وجوه ، وخوفه كله علينا نحن ، لذلك يتخذ خطواته الجريئة لإصلاح ما أفسده السابقون ، فهو يعرف كل الأمور وحده ، ونحن لا نعرف ، وبالتالي فعلينا أن نسمع ونسكت ونطيع ، وسيكافئنا على ذلك كما كافأ ( عاملة التروسيكل ) بجائزة إبداع .
5 – ظل ” السيسي ” يتحدث كما لو كان يقرأ من ( خطب الديكتاتور الموزونة ) التي صاغها
” محمود درويش ” ، فهو الحاكم ( الحكيم / الشجاع / البتاع / الفاهم / اللبيب / الفيلسوف الطبيب/ الراعي / الواعي / المنقذ / المُخلِص / الأشطر / الفلتر / الحاني / الباني / المانح / المانع / عاطي جوائز الإبداع ) ، الذي أنعمت به السماء على شعب جائع ليطعمه ويسقيه مقابل الطاعة والحمد والصمت .
6 – لكن الحاكم القوي اللي ما بيخافش بره وجوه ، كان يشعر بالقلق أمام سؤال إسبارتاكوس الذي يؤرقه في الصحو والمنام : إن كانت مصلحتك أن تكون أميراً علينا ، فما مصلحتنا في أن نكون عبيداً لك ؟ ، يليه سؤال الفقراء الذي يجلد ما تبقى من ضمير : انتوا بتعملوا فينا كدا ليه ؟
** ولا أظن أن المؤتمر قدم إجابة على أيٍ من السؤالين .