أقلام حرة

مقال للكاتب حمدي رزق بعنوان : ( تحسس كلماتك يا وزير الاستثمار الطبى )

نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب حمدي رزق بعنوان : ( تحسس كلماتك يا وزير الاستثمار الطبى ) وجاء كالتالي : أبوفيزيته ألف جنيه يتهم عبدالناصر العظيم بانهيار المنظومة الطبية، أبوسيارة مرسيدس يتهم عبدالناصر بإتاحة مجانية التعليم التى لولاها لكان يعانى من الحفاء، عبدالناصر يشكل عقدة نفسية لدى بعض الأثرياء الجدد، لدرجة الإصابة بهلاوس سياسية فـ«يهرتلون» بما لا يفقهون.

الباشا وزير صحة الأثرياء يحمّل أبوالفقراء مسؤولية فشله فى توفير خدمة طبية لائقة بالبشر، وبكرامة إنسانية، ووقف يبكى ويتباكى على فقر المستشفيات الحكومية، ونقص العلاجات حتى الشاش والميكروكروم، وبدلاً من أن يبحث عن وسائل لتخفيف آلام الفقراء وقف يعيرهم بعصر عبدالناصر، ولولا عبدالناصر ومجانية التعليم لربما حُرم شخصياً من التعليم، ولم يبلغ منصبه الرفيع ولم يرتد البدل اللميع.

الباشا أحمد عماد، وزير الصحة، يفترى سياسياً، ليته وليتنا عشنا فى «زمن عبدالناصر» الذى خرج ذات ليلة يبحث عن علاج لابنه «عبدالحميد» مثل أى أب مصرى مفطور على ولده، ولما لم يجده متيسراً قرر إنشاء صناعة الدواء فى مصر، وأسس شركات الدواء الوطنية لإتاحة الدواء الذى صار مستحيلاً على الغلابة، فيما رضخ الباشا الوزير لاحتكارات شركات الأدوية مرتين فى ثلاثة أشهر ليزيد سعر الدواء أضعافاً دون مراعاة لفقر الغلابة.

كبرت كلمة تخرج من فِيهِ، الباشا الوزير يهذى تحت قبة البرلمان ولم يجد من يردعه، وجلهم تعلموا فى مدارس ناصر وتلقوا علاجاتهم فى مستشفيات ناصر، يقول «راح التعليم وراحت الصحة بسبب المجانية التى أتاحها عبدالناصر»، فعلا العلم نورن، ناصر الذى كان عينه وعبادته الغلابة، ودينه وديدنه محاربة ثالوث «الفقر والجهل والمرض»، ومات وهو يحارب الإقطاع ورأس المال الذى استولى على الخدمات الصحية والتعليمية، ناصر رحل مدافعاً عن ملح الأرض الذى تتاجر فى آلامهم شركات البيزنس الطبى والتعليمى!

وللباشا سليل الباشوات، طبيب الاستثمار الطبى المتوحش: راح التعليم وراحت الصحة فى الوباء كما راحت هنادى فى الوباء، عندما استحل أثرياء الانفتاح «السداح مداح» الخدمات التى تقدم للشعب، وبيزنسوها لصالح شركات الأدوية والجامعات الأجنبية والمدارس الخاصة. عندما حوّلوا الفقر والجهل والمرض من خدمة إلى سلعة يتاجرون بها فى الأسواق.

عبدالناصر لم يتاجر فى لحم الحى يا هذا، أبوخالد لم يبع الفقراء فى مزادات، ولم يقامر بهم إرضاء لشركات عابرة للقارات، ولم يذهب إلى معايرتهم بمرضهم، أنت تجهل ما يجب معرفته، وعندما تصم عصر عبدالناصر وسياسته الاجتماعية بالفشل تضل الطريق كوزير لصحة الفقراء، وتنتهك القسم الذى أقسمته أمام رئيس الفقراء.

تحسس كلماتك يا وزير الاستثمار الطبى، يبحث الباشا عن ذريعة لفشله بين رفات الزعيم، لمعلوميتك: ناصر رحل فى سبتمبر 1970 وتركها لكم مخضرة، وللأسف الخضرة فى أيديكم يابسة (ناشفة). راجع خطط عبدالناصر لنشر الوحدات الصحية والمستشفيات الأميرية فى النجوع والكفور والقرى لتعرف فضل عبدالناصر الذى تستحل عصره تبريراً للفشل الذى تعانيه.

مجانية التعليم هى التى نقلت مصر من الجهل إلى العلم، ومجانية الصحة التى عالجت مرضاً يفترس الأجساد المنهكة، ونقل المجتمع جميعه نقلة تاريخية، إلى مجتمع يتنافس فيه أولاد الفقراء على تحصيل العلوم جميعاً. لولا مجانية التعليم لكنت نسياً منسياً، رحل ناصر عن عالمنا قبل أن يسمع وزيراً ينعت عصره بما يجهل.

زر الذهاب إلى الأعلى