نشر موقع الشروق مقالاً للكاتب ” خالد سيد أحمد ” تحت عنوان ( العطش في بر مصر ) .. أبرز ما جاء فيه الآتي :
- من قلب القاهرة وجه وزير الإعلام السوداني ” أحمد بلال عثمان ” تحذيراً بالغ الأهمية ، يستدعى من الجميع التوقف أمامه كثيراً وأخذه على محمل الجد ، لأن الأمر يتعلق بمسألة حياة أو موت بالنسبة للمصريين ، حيث قال في تصريحات له ( لو جرى ملء خزان سد النهضة الإثيوبي في سنة لن تصل قطرة مياه واحدة لمصر والسودان ، ولو على مدى 3 سنوات سيكون هناك ملايين العطشى وأن المعارك القادمة معارك مياه وليس بترول ) .
- كلام الوزير السوداني تزامن مع ظهور كميات من المياه أمام سد النهضة ، الأمر الذي أرجعه المتحدث الرسمي لوزارة الموارد المائية والري المصرية ” حسام الإمام ” إلى فيضان النيل الأزرق الذى يبدأ من شهر يونيو ويستمر حتى أواخر سبتمبر من كل عام ، وليس بسبب بدء إثيوبيا عملية تخزين المياه أمام السد .
- الملفت هنا أن الحكومة المصرية ، تبرعت من تلقاء نفسها في تفسير ظهور كميات من المياه أمام السد الإثيوبي ، وهو الأمر الذي كان من المفترض أن تقوم به أديس أبابا ، حتى تطمئن جيرانها القلقين من مخاطر بناء هذا السد وعملية التخزين المنفرد للمياه بدون الاتفاق على الإطار الزمني الواجب الالتزام به ، مما يذكرنا بما حدث في الماضي القريب ، عندما تبرعت هذه الحكومة بمهمة الدفاع عن تبعية جزيرتي تيران وصنافير للسعودية ، من دون أن تظهر المملكة وثيقة واحدة تثبت ملكيتها للجزيرتين .
- ربما كان هدف الحكومة من وراء المسارعة إلى تفسير ظهور المياه أمام السد ، تهدئة مخاوف مواطنيها فيما يتعلق بقضية تتصل اتصالاً وثيقاً ببقائهم أو فنائهم ، وربما كانت تهدف أيضاً إلى التأكيد على جدوى المسار التفاوضي الذي تسلكه في التعامل مع إثيوبيا ، رغم أنه ظاهر للعيان أن أديس أبابا تلجأ دائماً للتسويف وكسب الوقت وتمييع القضية ، وعدم الالتزام بتنفيذ اتفاق إعلان المبادئ الذي وقع في الخرطوم في مارس 2015 بين رؤساء مصر والسودان وإثيوبيا ، ونص على تعاون الدول الثلاث في استخدام المخرجات النهائية للدراسات الفنية المشتركة ، وذلك للاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول للسد ، وقواعد التشغيل السنوي .
- هذه المراوغات المستمرة من جانب أديس أبابا ، دفعت وزير الخارجية ” سامح شكري ” إلى ابلاغ نظيره الإثيوبي ” وركنا جيبيو ” بداية الشهر الحالي ، بأن إضاعة المزيد من الوقت دون إتمام الدراسات الفنية في موعدها سوف يضع الدول الثلاث أمام ( تحديات جسام ) ، وبالتالي فإن الأمر يتطلب التدخل السياسي من أجل وضع الأمور في نصابها لضمان استكمال المسار التعاوني الفني القائم .
- ينبغي أن تدرك الحكومة الإثيوبية أن نهر النيل هو الشريان الوحيد لنا ، وبدونه لن تكون هناك حياة على الأرض ، وأن إقدامها على ملء خزان سد النهضة بدون الاتفاق على الإطار الزمني المناسب ، سوف يجعل مخاوف وزير الإعلام السوداني من إمكانية ( وجود ملايين العطشى ) ، حقيقة ماثلة على أرض الواقع ، وبالتالي فإن القاهرة التي لجأت إلى المفاوضات من أجل اثبات حُسن النية وبناء جدران الثقة مع إثيوبيا ، لن تسمح أبداً لأحد بأن يجعل العطش ( فرض عين ) في بر مصر .. هذه مسألة محسومة لا تقبل المساومات أو المراوغات أو الكلام المعسول .