ذهاب السيد الرئيس إلى قمة الأمم المتحدة للمناخ، المنعقدة فى مدينة جلاسجو البريطانية، يرسل إشارة بأن لدينا ما نقوله فيها، وبأن عندنا ما يؤهلنا لأن نتلقى دعوة للحضور!.
القمة بدأت أمس وتستمر اليوم، وسوف تنعقد دورتها القادمة فى مثل هذا الموعد من العام المقبل على أرضنا، ومن بين ما تناقشه فى دورتها الحالية ملف الطاقة، وملف الغذاء، وملف الماء، وملف حركة السكان.. وهذه كلها ملفات راح يحصيها جيمس كليفرلى، وزير الدولة البريطانى لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو يتحدث مع زميلنا الأستاذ هانى عسل فى «الأهرام» أمس الأول!.
وكان لافتًا فى الحوار أن الوزير توقف عند هذه الملفات بالذات، ثم قال إن لدى القاهرة ما تستطيع أن تقوله وتقدمه للعالم فى قمة تغيرات المناخ.. ومما قاله أيضًا أن موضوع استئناف رحلات الطيران بيننا وبين لندن بصورة طبيعية فى مرحلة ما بعد كورونا كان أمرًا مهمًا للبلدين، وأن سفيرنا النشط والمتحمس فى لندن طارق عادل كان يثير معه هذا الأمر وسواه باستمرار، وأن صفحة جديدة تبدأ فى العلاقات بين العاصمتين!.
ولابد أن القاهرة ستخاطب المجتمع الدولى من فوق منصة القمة، وستقول له إن القمة مادامت ستتعرض لملف المياه فى عالمنا المعاصر، فقضية سد النهضة الإثيوبى لا تنفصل عن هذا الملف، وبالتالى فلا بديل سوى أن يكون لهذا المجتمع الدولى رأيه، ثم موقفه فى قضية كهذه، حتى لا يُفاجأ بما يؤثر على أمن واستقرار شرق إفريقيا كله، وبما يمتد بتداعياته إلى البحر الأحمر حيث تمر نسبة معتبرة من تجارة عواصم الدنيا!.
ولا يمكن للقمة أن تناقش حركة السكان، ثم لا يستوقفها أن عدم تدخل المجتمع الدولى فى قضية السد سيفاجئ العالم بحركة للسكان فى اتجاه أوروبا فوق طاقتها على التحمل.. والبديل هو أن توضع إثيوبيا أمام مسؤوليتها، وأن تفهم أن السد إذا كان يوفر لها حقًا فى التنمية، فالنهر يوفر لمصر والسودان حقًا فى الحياة نفسها.. ومن شدة وضوح هذه الفكرة فإن وزيرًا إفريقيًا قال فى القاهرة مؤخرًا إن الحق فى الحياة يتقدم على الحق فى التنمية.. ومع ذلك.. فإن مصر لم تشأ أن تتحدث بهذه النبرة فى أى وقت، وإنما كانت تقول دائمًا، ولاتزال، وسوف تظل تقول إن الحقين لابد أن يسيرا معًا بالتوازى، وأن يكون بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم اتفاق ملزم بما يضمن سيرهما قدمًا بقدم!.
عندنا الكثير الذى نستطيع أن نقوله للعالم من فوق منصة قمة المناخ، ولدى مصر من الأوراق فى يديها ما يجعل الذين تخاطبهم ينصتون لما تنبه إليه، فهى داعية إلى التعاون كقيمة من القيم بين الدول، فى عالم لا نجاة له بغير أن تسود هذه القيمة!.