نشرت الصحيفة مقالاً للكاتب سليمان جودة ، وفيما يلى أبرز ما تضمنه :
تلقيت اتصال ورسالة .. أما الاتصال فمن الأستاذ طارق عامر، محافظ البنك المركزى ، وكان يوضح فيه أموراً حول ما كتبته فى هذا المكان، الأحد الماضى، عن الاحتياطى الدولارى فى «المركزى».
وكنت قد أبديت انزعاجى الشديد من ارتفاع حجم الدين الخارجى من 47 إلى 60 مليار دولار، فى عام واحد تقريباً.. ولكن المحافظ يقول إن الحجم زاد فى الحقيقة من 47 إلى 51 ملياراً، لا إلى 60، لأن الاحتياطى ارتفع فى الفترة نفسها من 15 إلى 24 ملياراً، وبالتالى فالتسعة مليارات التى طرأت عليه هى بالضبط الفارق بين الستين ملياراً التى قلت أنا إن الدين وصل إليها، وبين الواحد والخمسين التى يقول «عامر» إنها هى الرقم الحقيقى للدين الخارجى الآن.. فالمليارات التسعة موجودة فى الاحتياطى، ولم يتم إنفاقها، ولو أنفقناها لكان من المنطقى أن نحسبها ضمن مجمل الدين، وهو ما لم يحدث!
والنقطة الثانية الأهم، التى فهمتها من اتصال المحافظ، أنه لا شىء يضغط على حجم الاحتياطى الدولارى لديه بقدر ما يضغط الاستيراد لسلع يمكن أن نستغنى عن استهلاكها، كالفاكهة التى تأتينا من الخارج، أو أن ننتجها، كالأسماك، التى استوردنا منها بــ800 مليون دولار فى 2016 وحده، والفول الذى استوردنا منه بـ400 مليون فى العام ذاته!
طبعاً عيب جداً.. أن تكون فى حوزتنا كل هذه الشواطئ، على النهر، والبحر، والبحيرات، ثم نستورد أسماكاً بهذا الرقم.. عيب جداً، أن يدرس طلابنا أننا بلد زراعى، ثم نستورد الفول!
وأما الرسالة فمن الدكتور كريم سالم، عضو مجلس النواب، الأستاذ المساعد فى الجامعة البريطانية فى القاهرة، حول الموضوع ذاته ويشرح فيها نقاطاً مهمة، منها:
أولاً إن الدين العام إذا كان قد تجاوز 100٪ من الناتج المحلى الإجمالى، فليست هذه هى المرة الأولى، لأنه تجاوز هذا الناتج فى 1998، وفى 2003، ولكنه عاد إلى الحدود الآمنة بعد استقرار الحالة الاقتصادية.
ثانياً أن الزيادة فى الاحتياطى هى نتيجة للاقتراض الخارجى وليست لأننا استطعنا أن نزيده بعملنا وإنتاجنا.
ثالثاً أن الدين العام داخلياَ وخارجياً، وصل لأعلى مستوياته، ويمثل الداخلى 73٪ منه والخارجى 27٪، منها 7٪ تخص وزارة التعاون الدولى، و20٪ تخص «المركزى» و«المالية» وهيئات أخرى!
رابعاً أن ارتفاع الدين الخارجى وحده من 17٪ إلى 27٪ سببه تعويم الجنيه!
خامساً أن «التعاون الدولى» تتابع 7٪ من إجمالى الدين الخارجى وكل القروض والمنح التى تأتى عن طريقها، موجهة لمشروعات تنمية تتسق مع الخطة العامة للدولة!
سادساً أن الدين الخارجى عندنا قليل المخاطر، لأن شروطه متيسرة، وآجال سداده طويلة، بنسبة فوائد محدودة!
سابعاً أن المجموعة الاقتصادية فى الحكومة تظل فى حاجة إلى مزيد من المصارحة مع المواطن، لأن المساعدات المالية العشوائية غير مبررة، وليست مطلوبة، وتعمق التبعية، ولأن الاقتراض من المؤسسات المالية الدولية، المستند إلى معايير استراتيجية ومالية محسوبة ومعلنة للجميع، هو فقط المطلوب الآن!
وهكذا.. فنحن أمام رسالتين واضحتين إلى الحكومة، إحداهما من المحافظ «عامر»، بأن ننتج الفواكه، والأسماك، والفول، وغيرها، بدلاً من أن نستوردها، لأنه عيب فى حقنا، والثانية من الدكتور كريم سالم، بألا نقبل المساعدات المالية، العشوائية، وبأن الاقتراض إذا كان لابد منه فليكن من مؤسسات مالية دولية، وليكن على أسس محسوبة ومعلنة أمام كل مصرى!.