نشر موقع المصري اليوم مقالاً للكاتب ” سليمان جودة ” .. أكد خلاله أننا تركنا جوهر الموضوع في حديث وزير الصحة الدكتور ” أحمد عماد ” ، عن مجانية ” عبدالناصر” ، وتكلمنا في تفاصيل التفاصيل .. فجوهر الموضوع ليس في أن مجانية الزعيم الراحل كانت هي السبب ، كما قال الوزير فيما آلت إليه الأحوال الآن في ( الصحة / التعليم ) .. لا.. ليس هذا جوهر الموضوع ، وإنما هو السؤال الآتي : هل هناك مجانية فعلاً ، في هذه اللحظة في أي مستشفى عام ، أو في أي مدرسة حكومية ، وعلينا قبل أن نتسرع في الإجابة أن نحدد معاني الكلمات التي نستخدمها مسبقاً ، حتى لا نكتشف في النهاية ، أننا نقصد أشياء مختلفة ، ونتحدث عنها ، في الوقت ذاته بكلمات واحدة .. إنني أفهم أن المجانية التي دعا إليها ” طه حسين ” في شعاره الشهير ، هي أن يذهب الطفل إلى مدرسته الحكومية ، فيتلقى تعليماً يؤهله بجد ، لأن يعمل ، ولأن يكون له مكان في سوق العمل ، بشكل حقيقي ، لا أن ينال شهادة يعلقها على جدران بيته ، ثم يندب حظه إلى جوارها ، هل المجانية ، بهذا المعنى تحديداً موجودة أو متاحة في مدارسنا وجامعاتنا ؟ .. سؤال آخر : ما معنى المجانية في المستشفيات العامة ؟ ، أظن أن معناها أن يذهب المريض الفقير إلى مستشفاه فيجد علاجه في حده الأدنى ، حده الأدنى جداً لا المثالي ، ولا حتى المعقول ، هل هذا موجود أو متاح حالياً يا أيها الذين غضبتم من كلام الوزير اذهبوا من فضلكم إلى أقرب مستشفى حكومي ، وسوف تجدون الجواب هناك في انتظاركم ، فسوف تجدونه جواباً حياً في صورة مرضى يموتون ( بالمجان ) على أرصفة هذه المستشفيات مرة ، وفي داخلها مرات ، ما لم يكن كل واحد فيهم قادراً على أن يشتري العلاج ، بفلوسه ، من خارج المستشفى ذاته .. لماذا نصمم على أن نضحك على أنفسنا إلى هذا الحد؟ .. ولماذا نضع عصابة على أعيننا إلى هذه الدرجة ، فلا نرى من خلالها شيئاً ؟ .. ولماذا تنتفض الدكتورة ” هدى عبد الناصر ” دفاعاً عن مجانية التعليم ، هي نفسها تعلم يقيناً أنها ليست موجودة ، ولا متاحة؟!
** القضية ليست في إلغاء المجانية أو إبقائها .. المشكلة في وجودها من الأصل .