نشر موقع الشروق الإخباري مقال للكاتب عماد الدين حسين بعنوان “فاتورة قضية خاشقجى.. ومن سيدفعها؟!!” جاء على انحو التالي :-
ما فشل فيه الرئيس التركى رجب طيب أردوغان ومعه أمير قطر تميم طوال السنوات، وما فشل فيه العديد من المسئولين الامريكيين طوال شهور، بجمع السعودية وقطر، معا، وما فشل فيه المجتمع الدولى بشأن اليمن طوال ثلاث سنوات، قد يتمكن الكاتب الصحفى السعودى جمال خاشقجى أن يفعله بمفرده بعد مقتله؟
العبارة السابقة ليست مجازية أو معنوية أو تعبيرية، وقد تتحقق على أرض الواقع بصورة تفاجئ الجميع.
قبل مقتل خاشقجى سئل أكثر من مسئول سعودى عن المدى الزمنى الذى سوف تنتهى خلاله القطيعة السعودية الخليجية مع قطر، فقالوا ما معناه «إنها قد تستمر لعشرات السنين، مثلما حدث فى العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا أثناء فترة الحكم الشيوعى بقيادة فيدل كاسترو».
الأتراك حاولوا بشتى الطرق فى هذا الملف وفشلوا، ويقال إن ترامب وغيره من كبار المسئولين الأمريكيين ضغطوا على دول الخليج لإنهاء هذه الأزمة، لكنهم لم ينجحوا، وإن كان هناك رأى يقول إن مصلحة أمريكا والغرب استمرار الأزمة، حتى يتم استنزاف الجانبين!!.
بعد مقتل خاشقجى استمعنا لأول مرة من ولى العهد السعودى الأمير محمد بن سلمان يذكر قطر فى سياق إيجابى حينما قال قبل أيام: «إن اقتصاد قطر سيكون قويا جدا خلال خمس سنوات». علما أن بعض وسائل الإعلام الخليجية كانت تتحدث عن قرب انهيار الاقتصاد القطرى بفعل المقاطعة!!.
وبعد أن كانت هناك إشارات إلى أن مجلس التعاون الخليجى قد انتهى أو فى سبيله للتلاشى، عقب الأزمة مع قطر قال وزير الخارجية السعودى عادل الجبير فى المنامة قبل يومين: «المجلس سيبقى المؤسسة الأهم لدول الخليج.. وحاولنا ألا يتأثر بالخلاف مع قطر، وعقدنا اجتماعا مع كل دول المجلس ومصر فى السعودية مؤخرا من أجل وضع آلية عمل بشأن تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجى». والأهم أن الجبير كشف عن وجود علاقات عسكرية وأمنية متنوعة مع قطر، لم تتأثر بالخلاف.
وبعد أن كانت الخلافات بين السعودية وتركيا مستعصية وصعبة، سمعنا الأمير محمد بن سلمان يقول إنه لن تستطيع قوة فى العالم أن تخرب علاقات البلدين، أما الجبير فقال: «تركيا دولة صديقة ولدينا علاقات تجارية واستثمارية جيدة معها».
يعتقد كثيرون أن شكل المنطقة سيتغير إلى حد ما عقب جريمة مقتل خاشقجى داخل قنصلية بلاده فى اسطنبول أوائل أكتوبر الجارى.
لن تكون الأمور الآن وغدا مثلما كانت قبل ٢ أكتوبر، بالطبع التغيرات لن تكون دراماتيكية، لكن سيكون هناك تغيرات مهمة فى العديد من الملفات.
وهنا يكمن الجدل والخلاف حول سؤال: إلى أى مدى سيكون حجم هذا التغير؟
البعض يخلط فى إجابته بين الأحلام والتمنيات من جهة، وبين حقائق الواقع الصلدة والقاسية من جهة أخرى.
يعتقد البعض أن السعودية ستجد نفسها مضطرة للتهدئة فى الملف اليمنى والاستجابة لبعض المطالب الأممية بشأن استمرار طريقتها القديمة فى الحرب. ويعتقد هؤلاء أن قطر وتركيا من أكبر المستفيدين من هذه العملية التى سقطت عليهم هدية غير متوقعة من السماء.
يعتقد البعض أيضا أن السلطات فى السعودية قد تجد نفسها فى حاجة لإرسال إشارة طمأنة للمعارضين لتهدئة الانتقادات الدولية، فى ملف الحريات وحقوق الإنسان.
أما الكاسب الأكبر طبقا لكثيرين فهو الاقتصاد الأمريكى الذى سيتلقى العديد من الصفقات والاستثمارات من الجانب السعودى.
الاجتهادات فى هذا الملف كثيرة، وإحداها قرأته لإحدى الكاتبات على صفحتها على الفيسبوك قبل ثلاثة أيام تقول: «يبدو أن هناك انفراجة فى المنطقة.. ولى العهد السعودى يشيد باقتصاد قطر، وتركيا تضغط لصالح الدوحة وبالتالى احتمال إنهاء المقاطعة، ورئيس الوزراء الإسرائيلى فى سلطنة عمان، وباكستان تتوسط بين السعودية وإيران وترامب قبض.. هذه هى بشائر نتائج مقتل خاشقجى حتى الآن!!».
ربما يسأل البعض: وماذا عن مصر؟!