هى المرة الأولى التى يظهر فيها اليمين المتطرف فى فرنسا بهذا التأثير مع ظهور مرشح ثان جاء من مجال الكتابة والإعلام، وهو الصحفى والباحث الفرنسى إريك زمور، الأكثر تطرفا من بين مرشحى هذا التيار مقارنة بالمتطرفة مارين لوبان.
تشير بعض استطلاعات الرأى إلى أن النسبة التى سيتقاسمها كلا المرشحين فى الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة العام المقبل، ستتراوح بين 25% و30%، وهى بذلك ستكون أعلى نسبة أصوات سيحصل عليها اليمين المتطرف فى تاريخ الجمهورية الخامسة (تأسست عام 1958 على يد الزعيم شارل ديجول) حتى لو كانت موزعة على مرشحين اثنين، وهو ما يفتح الباب أمام خسارتهما معا وصعود مرشح يسارى إلى الجولة الثانية.
والحقيقة أن إريك زمور، الذى تعود أصوله إلى عائلة يهودية جزائرية هاجرت إلى فرنسا منذ عقود ويعرف نفسه قائلا: «أنا يهودى الديانة وكاثوليكى الثقافة»، تبنى خطابا أكثر فجاجة من مارين لوبان، وقد ساعدته خلفيته فى مجال البحث على طرح أفكار صادمة على أنها حقائق، فقد اعتبر «الاحتلال الفرنسى للجزائر نعمة من السماء على الجزائريين قبل أى شىء»، وأضاف: «إن فرنسا جنّدت ترسانتها الثقافية والتنويرية والحضارية والعسكرية لإخراجهم من حياة الفقر والتخلُّف، قبل أن تُقرِّر الانسحاب سنة 1962 بسبب مقاومة الشعب الجزائرى، للمحافظة على ركائزه الدينية والثقافية، وعلى رأسها الإسلام واللغة العربية».
واعتبر زمور أن فرنسا لم تبد الشعب الجزائرى عن بكرة أبيه كما فعل المهاجرون البيض مع الهنود الحمر فى أمريكا، وهى مغالطة تاريخية تصل لحد الجريمة، لأنه كان هناك شعب جزائرى يعتز بتاريخه وثقافته، ويرفض، مثل كل شعوب الدنيا، الاحتلال، وقاومه ببسالة.
وقد وصف فى مؤتمر، عقد العام الماضى وضم قيادات اليمين المتطرف، بأن الإسلام أسوأ من النازية، ولم تفلح كل الملاحقات القضائية فى محاسبته أو دفعه للتوقف عن مثل هذه التصريحات العنصرية.
وقد أصدر كتابا شهيرا تحت عنوان «فرنسا لم تقل كلمتها الأخيرة» (La France n›a pas dit son dernier mot)، روج فيه لخطاب تحريض وكراهية غير مسبوق ضد مختلف مكونات الشعب الفرنسى، سواء التى من أصول عربية أو إفريقية، واستند، فى جانب منه، على كتاب «الاستبدال الكبير» لباحث فرنسى آخر هو «رونو كامو»، والذى تبنى أطروحته كثير من قوى اليمين المتطرف فى أوروبا وأمريكا، وتقوم ببساطة على أن هجرة المسلمين وتزايد أعدادهم فى أوروبا ستؤدى إلى استبدال الشعوب الأوروبية بهم.
إريك زمور هو الأصل الذى يقول كلام اليمين المتطرف دون «تزويق»، فالمشكلة فى المهاجرين والإسلام (وليس التطرف الإسلامى)، ومن الواضح أنه سيترشح فى انتخابات الرئاسة، مما سيعنى انقسام أصوات اليمين المتطرف فى الجولة الأولى، لكنها لن تؤدى بالحتم إلى عدم نجاح أحدهم والوصول إلى الجولة الثانية.