لم يكن الوزير أسامة هيكل وحده من يترقب لقاء الرئيس السيسى، وإنما كانت الجماعة الصحفية والإعلامية أيضاً تنتظر ما يسفر عنه اللقاء.. لقد شعرت بارتياح أن اللقاء لم يتأخر كثيراً، وشعرت أيضاً بارتياح أن الرئيس تحدث عن الإعلام المحترف.. والاحتراف يعنى الاستقلال والحرية واحترام الرأى الآخر.. وهى الأمور التي كتبنا عنها كثيراً كأحد لوازم الإعلام الحديث!.
الأمر الثانى أن الجماعة الصحفية تنتظر القرار الجمهورى بتعيين المجلس الأعلى والهيئات الصحفية والإعلامية.. والتى قد يكون للوزير هيكل بعض المشاورات بشأنها، حتى ينسجم القرار، وتنسجم المنظومة الإعلامية.. وهو الأمر الذي يجعل توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى لتدعيم مفهوم الإعلام المحترف في موضعه الصحيح، ويجعل من «هيكل» وزيراً للدولة!.
ومن المصادفات الغريبة أن يصدر أمس التقرير السنوى للمجلس الأعلى عن حالة الإعلام في مصر، ثم يتحدث التقرير عن الحرية والمسؤولية.. كما يتحدث عن تراجع المخالفات والشكاوى بشأن الفضائيات.. والالتزام بالمهنية، في إشارة إلى أن المجلس كان يسير في نفس الاتجاه الذي تحرص عليه الدولة ويؤكد عليه الرئيس.. فضلاً عن الالتزام بالقواعد المهنية والرأى والرأى الآخر.. وهى نفس الرؤية التي جاء أسامة هيكل لكى ينفذها.. وها هو المجلس يصل إلى النتيجة نفسها دون «تعليمات»!.
وفى الحقيقة لم نسمع منذ زمن بعيد مصطلح «مفهوم الإعلام المحترف في مصر» في إطار منضبط لمواكبة التطور الكبير الذي طرأ على مجال الإعلام.. وهو تعبير لا يحتمل التأويل.. فالمطلوب هو إعلام محترف يراعى الضوابط المهنية، ويأخذ في اعتباره الرأى الآخر.. ويسمح ببرامج حوارية تتصارع فيها الآراء لمصلحة الوطن.. وقد سألت الوزير هيكل عن ملامح الخريطة التي يحملها، فقال عندنا أفكار جيدة، ولكننا سنترك القنوات تتصرف من تلقاء نفسها وتقدم أفكارها وبرامجها التي ترى أنها تخدم البلاد والإعلام معاً.
ولا أخفى عليكم أننى استحسنت هذا الرد من الوزير، خاصة أن الانطباع الذي تم تصديره هو أن أسامة هيكل سيكون جزاراً لا وزيراً، ولكن الوزير لم يكشف عن شىء من هذا.. وأشهد أنه كان منحازاً إلى إعلام حر مستقل يحتفى بالمعلومات والحرية أكثر من الغوغائية.. وهو التصور الذي عرضه على الرئيس!.
وأظن أن السفير بسام راضى قد شرح مُراد الرئيس بوضوح شديد، حين أكد أهمية دور الإعلام في تشكيل «وعى المواطن» في ظل التطورات والمستجدات على الصعيدين الوطنى والدولى، وفى عرض كافة الآراء والاتجاهات والاطلاع على الرأى والرأى الآخر، وترسيخ القيم والثوابت المجتمعية، موجهاً في هذا الإطار بقيام الوزارة بالعمل على تعزيز تلك الرسائل، من خلال صياغة السياسات الإعلامية ذات الصلة، وتحقيق التنسيق والتناغم داخل المنظومة الإعلامية، بما فيها الهيئات والمؤسسات الوطنية المنظمة للصحافة والإعلام.
وبخصوص تناغم المنظومة، فقد كان متصوراً أن قرار الهيئات والمجلس الأعلى سيصدر قبل لقاء الرئيس والوزير، وربما قبل تعيين الوزير نفسه.. وهو ما لم يحدث حتى الآن.. مما أربك المنظومة والمؤسسات نفسها.. فهل آن الأوان؟.. وعلى أي حال فقد قدم الرئيس رؤية لا تحتمل التأويل.. إعلام محترف لا تقييد ولا رقابة!.. والأمور الآن كلها في النور!.