نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً لمحمد أمين بعنوان : ( عفواً يا ريس ) ، وجاء كالتالي :
الشىء المؤكد الآن الذى كشفته أزمة جزيرة الوراق أن هناك من يقدمون معلومات مغلوطة للرئيس.. وبالعربى، يضللون الرئيس لأسباب لا يعلمها إلا الله.. وإلا ما كان قد تم العرض بطريقة خطأ، وتم التنفيذ بطريقة التتار.. نعم، نحن أمام أزمة تستدعى إعادة النظر فى كل الإجراءات.. المعلومات عن الجزيرة كلها غلط.. كما لو كان السكان قد استولوا عليها منذ عدة أعوام فقط.. مما استدعى تحرك البلدوزر!
ولا أستبعد أن يكون تضليل الرئيس خدمة لبيزنس هنا أو هناك.. فمن قال إن الوراق محمية طبيعية؟.. ومن قال إنها كلها من أملاك الدولة؟.. ومن قال إنه يمكن حصارها بالطريقة التى جرت؟.. أى نظام هذا الذى يحاصر شعبه؟.. كيف تم تحميل الرئيس كل هذا العبء؟.. للأسف الخاسر الوحيد هو الرئيس السيسى نفسه.. كان الناس يعلقون عليه آمالهم، فأصبحوا الآن يستنجدون منه.. قمة المأساة وخيبة الأمل!
تلقيت اتصالات من كل الأطراف إلا الدولة.. وافقنى البعض على ما كتبته.. وقال آخرون إن الدولة تنفذ القانون.. أعرف هذا الصنف الأخير من تعليقاته.. لكن الجميع اتفق على أن الطريقة غلط.. لم يسبقها تمهيد نيرانى.. ولم يسبقها تمهيد إعلامى.. ولم يسبقها نقاش مجتمعى.. وغابت السياسة ليتحرك البلدوزر.. وما هكذا تكون الإدارة السياسية للأمور.. فشلنا جميعاً.. دولة وأحزاباً وإعلاماً.. ولكن بفعل فاعل!
ومن الذين تواصلوا معى، كان الأستاذ يحيى المغربى، رئيس المجلس المحلى.. أبدى حزنه على اقتحام الجزيرة وحصارها.. قال إنه التقى مسؤولى المحافظة منذ ثلاث سنوات.. شرح لهم قصة الجزيرة.. قال هناك عقود منذ مائة عام.. وهناك أحكام قضائية احترمها مبارك.. وتم إجهاض مخطط لبيع الجزيرة لبعض المستثمرين.. وقال إن الجزيرة ليست كلها أملاك دولة.. وأكد أن منع العبور للجزيرة خطيئة كبرى!
وبعد سماع شهادات الشهود، وبعد سماع مداخلات المسؤولين، وبعد المداولة، تأكدت أن حجة المحافظة باطلة.. وتأكدت أنه تم تقديم معلومات مكذوبة للرئيس.. ولا أخفى أن البعض فسر قرار انسحاب القوات بأنه صدر من الرئيس شخصياً.. هكذا قالوا.. والله أعلم بحقيقة الأمر.. وأقول إذا كان الرئيس قد أصدر الأمر بالانسحاب والدراسة، فلابد أن يحاكم من اتخذ هذه القرارات العشوائية.. الأمر ينبغى ألا يمرّ!
أعود مرة أخرى لأقول إن تحديد ساعة الصفر لا يصلح مع حكومة وشعبها.. إنما يصلح فى ميادين القتال مع الأعداء.. فهل أصبح الشعب فى مقام العدو؟.. هل كان المجتمع المدنى يستطيع أن يقوم بهذا الدور قبل تحريك القوات؟.. هل نؤمن أصلاً بفكرة الحوار والمجتمع المدنى؟.. هل لدينا قناعة بالدور الوطنى للأحزاب؟.. لقد حدث ما حدث لانفراد الدولة بالحكم بعيداً عن الأحزاب السياسية والنقابات والإعلام!
عفواً يا ريس.. هناك احتمال وارد أن تكون المعلومات مغلوطة.. وهناك احتمال وارد للتضليل.. وبالتالى القوة لا تصلح كخطوة أولى.. القوة تصلح خطوة أخيرة.. كنت أتمنى أن تبقى أملاً للمستضعفين والفقراء.. فلا تحمّل نفسك ما لا تطيق من الأعباء.. وكنت أتمنى أن تُصدر القرار اللازم بعد دراسة رئاسية متأنية!