بقلم : محارب سياسى
منذ بدأت الأزمة السورية خلال العامين السابقين تسابق الجميع لتنفيذ المخطط الشيطاني لتقسيم سوريا وإقصاء بشار الأسد .. وبدأ التحالف الدولي يعلن عن توجيه ضرباته لداعش في العراق وسوريا وكانت نتيجة هذه الضربات زيادة قوة وحجم التنظيمات المتطرفة التي تعمل داخل الأراضي السورية ومنها داعش وجبهة النصرة وغيرها .. وبدأ الجيش السوري يعاني من هجمات هذه الجماعات إضافة إلى المعارضة التي سعت إلى تحقيق انتصارات سياسية على حساب تمزيق الوطن ووضعه تحت ضغط الجماعات الإرهابية المتشددة .. وبدأت اللغة السائدة من كل دول التحالف بأنه لا حل سياسي يكون الأسد طرفاً فيه وقد نصب الجميع أنفسهم أوصياء على الشعب السوري .. وكانت النتيجة فشل التحالف في تحقيق أي نجاح على الأرض وفشل الجيش السوري في استعادة ما فقده من قرى ومدن سيطرت عليها الجماعات المتشددة وكانت مأساة اللاجئين السوريين التي نقلتها وسائل الإعلام للعالم آلاف اللاجئين يصارعون الموت في البحر المتوسط للوصول إلى الدول الأوروبية والتي تعاملت معهم بأسوأ ما يكون في بادئ الأمر حتى أصبح الوضع خطيراً وتحول إلى قضية رأي عام عالمي هنا بدأت النغمات تختلف وبدأ التحرك لإيجاد آلية لتسكين هؤلاء اللاجئين في الدول الأوروبية بل وأعلنت الولايات المتحدة عن استعدادها لاستقبال عدد منهم هذا العام على أراضيها .
الولايات المتحدة تمر بأصعب ظروف في تاريخها الحديث نتيجة ضعف الإدارة الحالية برئاسة أوباما ، حيث فقدت الكثير من المصداقية وفقدت الكثير من الأصدقاء .. القرار الأمريكي يترنح تحت تأثير مجموعة من المستشارين قليلي الخبرة معدومي الكفاءة ، دفعوا بالإدارة الأمريكية للعديد من الأزمات خلال الأعوام السابقة بدءاً من العراق وتدمير قواته المسلحة والانسحاب منه وتركه فريسة للصراعات الطائفية والإقليمية ، حتى تمزق وصار محتلاً مما يعرف بالدولة الإسلامية أو داعش وبدأت قصة الانفصال داخله واشتدت النعرة الطائفية التي تحرق كل شيء ولم يتبقى إلا غارات وهمية ينفذها ما يسمى بالتحالف الدولي ، حيث لم يتم رصد أي نتائج ذات قيمة لها ، وبمفهوم الأمن القومي العربي فإن نسر الشرق الذي يحمي البوابة الشرقية للدول العربية قد هوى وأصبحت بلا حارس ، يمتهن حدودها كل يوم المتربص التركي أو المتآمر الإيراني ولا حياة لمن تنادي .
ولو أضفنا إلى هذا الموقف الأمريكي المتخاذل والمعادي بعد ثورات الربيع العربي لاكتملت الصورة ، ولو سقطت مصر لاكتملت المؤامرة وتمزق العالم العربي تماماً .
هنا بدأ الدب الروسي التحرك بذكاء وقوة ، فهو يعرف أن مصر هي قلب العالم العربي وأن العالم العربي بدون مصر من السهل تمزيقه وزرع حالة من الفوضى داخله قد تمتد لمئات السنين .. وبدأت روسيا في خطوات التقارب بذكاء مع مصر والتي كانت تقرأ المشهد بعناية فائقة وتعد خططها وقوتها للتصدي لهذه المؤامرة .. وبدأ تسليح الجيش المصري منذ تولي الرئيس السيسي السلطة وانتهاءً بحاملتي الطائرات الهل ( الميسترال ) ، وصفقة مقاتلات الهل طراز (ka-52) والتي ستعمل على متن هذه الحاملات ، وسيشهد التعاون العسكري خطوات عملاقة خلال الفترة القادمة .
ثم بدأ الدب الروسي يكشر عن أنيابه وبدأ التدخل العسكري في سوريا بعد فترة كافية من العمل الاستخباراتي لجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات على الأرض لاستخدامها حين يتحدد موعد ساعة الصفر وبدأت الضربات وبدأت سوريا تجني ثمارها على الأرض في تقدم نوعي للجيش السوري ولكن الخصم الأمريكي أبى أن يعترف بنجاح القوات الجوية الروسية في عملياتها وبدأت حرب الجيل الرابع واستخدام الميديا في أن الطيران الروسي استهدف أهداف مدنية وأن روسيا لن تخرج من هذا المستنقع في سوريا وطالبوا الروس بوقف غاراتهم دون إيجاد بديل سوى أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه بل وصل الأمر إلى مطالبة دول عربية بعينها بوقف الغارات الروسية وهو ما لن يحدث بكل تأكيد .
لقد اختلط المشهد وأصبحت الأراضي السورية هي أرض المعركة للجميع ( تركيا / إيران / إسرائيل / التحالف / روسيا / التنظيمات الإرهابية / داعش ) ، والكل ينتظر الحسم ، وماذا ستسفر عنه الأيام بخلاف زيادة أعداد الفارين من أبناء الشعب السوري والمهاجرين إلى أراضي لا تقبلهم ولا ترحب بهم ..
الأيام القادمة ستشهد متغيرات كثيرة في المشهد لو نجحت الضربات الجوية الروسية في فتح الخط الاستراتيجي من دمشق مروراً بحماة وحلب وحتى اللاذقية ، حينها ستتغير قواعد اللعبة ويتنفس الجيش السوري ، وقد نشهد خلال الساعات القادمة ظهور مارد آخر وهو المارد الصيني ليساعد السوفيت ، وتكون الإشارة واضحة للغرب أن الشرق آتي وبقوة وأن الهيمنة الغربية على العالم في مهب الريح .. وللحديث بقية .