لم تعد تركيا تخفى دعمها للإرهاب، وبالرغم من محاولة رجب أردوغان الإيحاء بأن حملته لغزو شمال سوريا هى لمكافحة الأكراد فإنه لم يقدم دليلا على عمل وقع من سوريا ضد تركيا، لكن هناك أدلة أكثر على الدعم التركى لداعش والقاعدة وصناعة الإرهاب فى المنطقة خلال ثمانى سنوات، ومن المفارقات أن أردوغان عجز عن إقناع أحد بحجة مواجهة تهديدات، كما أنه يستنكر على لسان وزارة الخارجية وصف الغزو والعدوان على الأراضى السورية باسمه.
لقد كانت هناك إشارات واضحة من قبل الخارجية المصرية وبشكل علنى إلى ضلوع رجب طيب أردوغان فى صناعة وتمويل ودعم الإرهاب فى سوريا والعراق وليبيا واليمن، ومعه قطر، وهى الممول الرئيسى لمغامرات أردوغان سواء فى صناعة داعش أو تمويل القاعدة أو تمويل العمليات الإرهابية ضد مصر، وكانت هذه الإشارات والاتهامات واضحة بشكل رسمى، ولهذا جاء الموقف القطرى كما هو متوقع، مؤيدا للغزو التركى لسوريا مثلما كانت قطر شريكا فى الحرب بالوكالة التى جرت فى سوريا، ويبدو أن هزيمة داعش وتوابعها وتنظيم الإخوان فى سوريا دفع أردوغان لمحاولة وقف تداعيات الهزيمة والسعى لإطلاق سراح عشرات الآلاف من مقاتلى داعش من سجون قوات سوريا الديمقراطية، ربما لإعادة إحياء التنظيم واستعماله فى مواجهات وحروب جديدة.
وقد ظهرت مئات الصور والفيديوهات لمقاتلى داعش ضمن المرتزقة التى أطلق عليها أردوغان الجيش السورى الوطنى، فى محاولة لمنح غطاء للتنظيمات الإرهابية من أجل إعادة إدخالها لسوريا، وحسب كلمة أحمد أبوالغيط أمين عام الجامعة العربية، هناك «12 ألف عنصر من «داعش» محتجزون فى شمال سوريا»، وهذا الرقم يتضاعف فى بعض التقديرات، وهناك تقارير عن هروب دواعش ومحتجزين فى سجون تم قصفها عمدا. خصوصا أن المناطق التى تستهدفها تركيا فى شرق الفرات بها 7 سجون تضم عناصر من تنظيم «داعش».
الأمر الذى يجعل أحد أهداف الغزو التركى إطلاق سراح الإرهابيين، وأيضا ممارسة تطهير عرقى وإبادة للأكراد، وهو ما تظهره الصور والفيديوهات التى كشفت عن جرائم أردوغان فى سوريا.
اللافت للنظر والمثير للسخرية فى رد تركيا على بيان الجامعة العربية، هو الادعاء بأن الجامعة العربية «يزعجها دفاع تركيا على الفلسطينيين»، ووجه الفكاهة فى الادعاء التركى أن أردوغان يرتبط بعلاقات حميمة عسكرية واقتصادية مع إسرائيل، ويقدم لها خدمات كبيرة بشكل مستمر، بينما يصدر خطابا عاطفيا للتغطية على جرائمه، بل إن تركيا وقطر تمولان الصراع الفسطينى الفلسطينى لإبقاء أوضاع الفسطينيين فى حالة من الضعف، لدرجة أن إسرائيل نفسها رحبت بالدعم الذى تقدمه قطر لبعض الفصائل. يضاف إلى ذلك أن الغزو التركى هو خدمة لإسرائيل بشكل مباشر، ولا يختلف عن الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية والسورية، مثلما كان داعش والقاعدة أهم حلفاء أردوغان داعمين لفوضى وحروب بالوكالة ليس من بينها أى أعمال لصالح الفلسطينيين.
النكتة الأخرى التى أطلقتها تركيا أن الحكومات العربية لا تعارض «احتلال حزب العمال الكردستانى لمناطق عربية وتهجير مدنيين عرب»، المفارقة أن أردوغان دعم ومعه قطر أكبر عمليات للحرب بالوكالة وسهل دخول الإرهابيين من كل دول العالم لسوريا والعراق، وهو ما تسبب فى مذابح وتهجير وخراب أدى لملايين اللاجئين، وكل هذا ثابت بالأدلة والوثائق، ومعروف أن تركيا تمارس تطهيرا عرقيا تجاه الأكراد، وأن أردوغان سبق له وخدعهم بوعود سرعان ما سحبها بعد أن أيدوه انتخابيا.
كل هذه الملابسات تجعل حجج أردوغان أقرب للفكاهة السياسية، ومزايدات لتبرير حرب إبادة واحتلال ودعم واضح للإرهاب.