في دراسة أمريكية عن أسرار النوم (من على موقع الجزيرة والدراسة نشرت في مجلة الطبيعة) وجد العلماء أن التعرض للإضاءة ليلاً يؤدي إلى اضطرابات الساعة البيولوجية عند الإنسان. فقد حذر رئيس قسم طب النوم في مستشفى “بريغهام آند وومن” تشارلز كيزلر من أن النظر في شاشات الحواسيب والهواتف الذكية والتلفزيون خلال فترة المساء يتسبب في نقص النوم، وهو ما يزيد من مخاطر التعرض لمشاكل صحية عدة منها البدانة والاكتئاب وأمراض القلب والسكتة الدماغية.
إن التعرض للضوء الكهربائي في أوقات الليل الذي يُفترض أن يكون وقت النوم الطبيعي، هو السبب الأهم في حدوث نقص واضطراب النوم، رغم وجود عوامل أخرى أحدثها نظام الحياة المعاصرة الذي يتحرك على مدار 24 ساعة طوال أيام الأسبوع، مثل الاستيقاظ مبكراً للعمل والدراسة، والإفراط في تناول الكافيين، والرحلات الطويلة.
ويقلل التعرض للضوء الصناعي من راحة الجسم أثناء الليل بتثبيطه نشاط الخلايا العصبية المسؤولة عن النوم مع تنشيط الخلايا المسؤولة عن اليقظة، بجانب إعاقة إفراز هرمون النوم المعروف باسم “الميلاتونين”، فضلا عن تأثيره على الخلايا الحساسة للضوء في العين. وتؤدي هذه العوامل معاً إلى اضطراب الساعة البيولوجية أو الحيوية للجسم والتي تضطلع بتنظيم أوقات النوم والاستيقاظ.
ويرى كيزلر أن “التقنية تتسبب في إبعادنا عن نمط النوم الطبيعي الذي يُلائم أجسامنا”، ويعتقد بأن انتشار الإضاءة الصناعية والزيادة المستمرة في استهلاكها أدى إلى شيوع نقص النوم، حيث يرتبط انخفاض تكلفة توفير الإضاءة بزيادة استهلاك الفرد لها.
إن قلة نوم الأطفال تدفعهم للاستيقاظ ولا تزيد من شعورهم بالنعاس، كما تتسبب في ضعف تركيزهم. ويُرجِّح أن يكون نقص النوم ضمن الأسباب المؤدية إلى ما يُعرف باسم متلازمة اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط.
كما يرفع استمرار نقص النوم لفترات طويلة من خطر الإصابة بمجموعة من الأمراض. وبحسب دراسة للمركز الوطني الأميركي لمعلومات التقنية الحيوية، تزيد معدلات الوفاة بنسبة 15% للأشخاص الذين ينامون أقل من خمس ساعات يومياً، مقارنة مع أشخاص من نفس العمر ينامون جيداً.
يؤكد العلماء على أهمية النوم للصحة الجسدية والعقلية، وضرورة الانتباه إلى تأثير استهلاك الضوء على الساعة البيولوجية للفرد، وتغيير السلوكيات اليومية بجانب تقديم ابتكارات تقنية للتقليل من الآثار الضارة للتعرض للإضاءة.