أجرى رئيس وزراء تونس، يوسف الشاهد، التعديل الثالث على حكومته، شمل 13 حقيبة وزارية و5 مساعدي وزراء، في خطوة اعتبرها مراقبون أنها تشكل توازنات سياسية جديدة بالبلاد.
الحكومة الثالثة
الحكومة الجديدة للشاهد، تضم 39 وزيرا و10 كتاب دولة مساعدي وزراء، أعلن رئيسها ولادتها عقب مفاوضات شملت أطيافا سياسية متعددة وغابت عنها رسميا حركة “نداء تونس”، أحد قطبي الائتلاف الحاكم بالبلاد.
المفاوضات شهدت مشاركة كل من حركة “النهضة” – إخوان- وحركة “مشروع تونس” –ليبرالية-.
كما شارك فيها أيضا حزب “المبادرة الوطنية الدستورية”، وكتلة “الائتلاف الوطني”، وحزب المسار الديمقراطي.
ورسميا، لم يشارك بالمفاوضات “نداء تونس”، الفائز بالانتخابات البرلمانية والرئاسية المقامة في 2014، مع أن الشاهد يظل عضوا بالحزب رغم تجميد عضويته.
كما عين الشاهد رجل الأعمال روني الطرابلسي وزيرا جديدا للسياحة، وهو من الأقلية اليهودية التي لا يتجاوز عددها في تونس ألفي شخص.
النداء الغائب
6 وزراء واثنين من كتاب الدولة، هو نصيب “نداء تونس” من التشكيلة الوزارية الجديدة رغم غياب الحزب عن المفاوضات.
وحافظ «خميس الجهيناوي» على منصبه وزيرا للخارجية، ومحمد زين العابدين وزيرا للثقافة، وحاتم بن سالم على وزارة التربية، ومحمد رضا شلغوم وزيرا للمالية.
فيما انتقل رضوان عيارة من وزارة النقل، إلى وزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالعلاقة مع مجلس النواب، وتدرج شكري بن حسن من كاتب دولة لدى وزير الشئون المحلية والبيئة، إلى وزير لدى رئيس الحكومة مكلف بالاقتصاد الاجتماعي التضامني.
أما حاتم الفرجاني، فحافظ على منصبه كاتب دولة لدى وزير الخارجية مكلف بالدبلوماسية الاقتصادية، فيما عيّن عادل الجربوعي (مقرّب من النداء) كاتب دولة لدى وزير النقل.
دعم إخواني
ارتفع نصيب حركة “النهضة” –الإخوان- في حكومة الشاهد الثالثة إلى 5 وزراء و4 كتاب دولة، بعد أن كانت ممثلة بـ4 وزراء و3 كتاب دولة في حكومة الشاهد الثانية.
وحافظ أمين عام الحركة زياد العذاري على منصبه في وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي، وكذلك توفيق الراجحي الذي استمر وزيرا لدى رئيس الحكومة مكلفا بالإصلاحات الكبرى.
أيضا، حافظ أنور معروف على منصبه على رأس وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي، فيما عينت سيدة الونيسي، كاتبة الدولة السابقة لدى وزير التكوين المهني والتشغيل، بمهام الوزارة ذاتها.
وجرى تعيين نور الدين السالمي، القريب من “النهضة”، وزيرا للتجهيز والإسكان والتهيئة الترابية.
أما بالنسبة لكتاب الدولة، فقد تم تعيين بسمة الجبالي كاتبة دولة لدى وزير الشئون المحلية والبيئة، وهي تدخل للحكومة لأول مرة.
فيما حافظ خليل العميري على منصبه كاتب دولة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي، مكلفا بالبحث العلمي.
وتم تعيين أحمد قعلول كاتب دولة لدى وزيرة شئون الشباب والرياضة مكلفا بالرياضة، وهو يدخل الحكومة لأول مرة.
وحافظ حبيب الدبابي على منصب كاتب دولة، إلا أنه انتقل من وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي إلى كاتب دولة لدى الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، مكلفا بالمؤسسات الصغرى والمتوسطة.
مشروع تونس
بعد تصريحات عديدة لأمينه العام محسن مرزوق، الذي غادر “نداء تونس” نهاية 2015، بعدم المشاركة في حكومة تضم “النهضة”، اختار الحزب المشاركة في حكومة الشاهد الثالثة، وحصل على 3 وزارات وكتابة دولة واحدة.
وحصل الحزب على وزارة الصحة التي تقلد مهامها عبد الرؤوف الشريف خلفا لـ”عماد الحمامي” من النهضة، والذي غادر الحكومة.
كما تم تعيين سنية بالشيخ وزيرة لشئون الشباب والرياضة، ومحمد فاضل محفوظ وزيرا لدى رئيس الحكومة مكلفا بالعلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان.
أما سمير البشوال، فقد تقلد مهام كاتب دولة لدى وزير التجارة مكلفا بالتجارة الداخلية.
المبادرة الوطنية الدستورية
حافظت وزيرة المرأة والطفولة والأسرة نزيهة العبيدي على موقعها، في حين تم تعيين رئيس الحزب، كمال مرجان، الذي شغل عدة مناصب في عهد الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وزيرا للوظيفة العمومية وتحديث الإدارة والسياسات العمومية.
وزير لليسار
استمر وجود اليسار في حكومة الشاهد الثالثة من خلال سمير الطيب، الأمين العام لحزب “المسار الديمقراطي الاجتماعي”، الذي حافظ على منصبه وزيرا للفلاحة والموارد المائية والصيد البحري.
المستقلون
أما المستقلون فقد حظوا بـ10 حقائب وزارية وكاتب دولة واحد.
حيث استمر وزير الداخلية، المستقل هشام الفوراتي في منصبه، وكذلك وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، فيما تمّ تغيير وزير العدل غازي الجريبي بوزير آخر مستقل هو كريم الجموسي، وبقي وزير الشئون الدينية أحمد عظوم في منصبه، وتمّ تغيير وزير البيئة رياض المؤخر بـ”مختار الهمامي”.
وحافظ سليم خلبوس وزير التعليم العالي والبحث العلمي على منصبه، وكذلك سليم الفرياني وزيرا للصناعة، وإياد الدهماني وزيرا لدى رئيس الحكومة مكلف بالعلاقة مع مجلس النواب، ومتحدثا رسميا باسم الحكومة.
فيما حافظ وزيران قريبان من النقابات المركزية الكبرى على منصبيهما، إذ بقي محمد الطرابلسي القيادي السابق في الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية تونسية) على رأس وزارة الشئون الاجتماعية.
وأيضا حافظ وزير التجارة عمر الباهي، القيادي السابق في “الاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري” (اتحاد المزارعين) على منصبه على رأس وزارة التجارة.
وتمت ترقية هشام بن أحمد من كاتب دولة لدى وزير التجارة إلى وزير النقل، وجرى تعيين مدير ديوان رئيس الحكومة السابق، الهادي الماكني، وزيرا لأملاك الدولة والشئون العقارية خلفا لمبروك كورشيد، المحسوب على التيار القومي الناصري.
وبقي كل من صبري بشطبجي كاتب دولة لدى وزير الشئون الخارجية، وعبد الله الرابحي كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري مكلفا بالموارد المائية والصيد البحري في منصبيهما، وكذلك الأمر بالنسبة لكاتب الدولة لدى وزيرة شئون الشباب والرياضة المكلف بالشباب، عبد القدوس السعداوي.
انقلاب على الدستور
وفي أول رد فعل على التشكيل، وصفت حركة “نداء تونس”، اليوم الثلاثاء، التعديل الوزاري الذي أعلن عنه الشاهد، أمس، بأنه “انقلاب على الدستور والديمقراطية في البلاد”.
وقال أمين عام “نداء تونس” سليم الرياحي، في مؤتمر صحفي، إن “التعديل الوزاري شابته أخطاء إجرائية”.
وأضاف: “القانون لا يخول رئيس الحكومة القيام بهذا التعديل، دون التشاور مع رئيس الجمهورية وتباحثه في مجلس وزاري”، وهو ما لم يتم.
وعلى الصعيد ذاته، اتهم الرياحي حركة “النهضة” بأنها “تشارك في عملية انقلابية واضحة على الديمقراطية”.
وأضاف أن حركة نداء تونس، لها 51 نائبا برلمانيا من أصل 217، تعول على نواب البرلمان لإسقاط هذا المسار الانقلابي.
النهضة ترحب
على النقيض من النداء، رحبت حركة “النهضة” التونسية، بالتعديل الحكومي الذي أعلنه الشاهد، وقالت إنها ستصوت لمنح التشكيلة الجديدة الثقة في البرلمان.
عماد الخميري، المتحدث الرسمي باسم “النهضة”، إن “الشاهد قام، بالصلاحيات الممنوحة له دستوريا، بتعديل وزاري مهم نأمل أن يعطي نفسا جديدا لأداء الحكومة”.
وأضاف الخميري أن حركته 68 مقعدا بالبرلمان ترحب بالتعديل، وتأمل في أن ينهي الأزمة السياسية التي عاشتها البلاد لأشهر.
رفض رئاسي
ورفض رئيس الجمهورية الباجي قايد السبسي هذا التعديل، في خطوة لا يبدو أنها تمثل عائقا أمام الشاهد، لكنها تبرز بوضوح تفاقم الخلاف بين الرجلين، وقالت سعيدة قراش المتحدثة باسم رئيس الجمهورية “رئيس الجمهورية غير موافق على هذا التمشي لما اتسم به من تسرع وسياسة الأمر الواقع”.
وأضافت أن الشاهد أعلم الرئيس في وقت متأخر بالتعديل، ولا يتوقع أن يشكل رفض الرئيس عائقا أمام التعديل، حيث سيحتاج الشاهد إلى 109 أصوات للحصول على ثقة البرلمان بخصوص التعديل، بينما يملك تأييد نحو 120 نائبا من كتل النهضة والائتلاف الوطني ومشروع تونس.