القناطر الخيرية.. مكان جمع بين السحر وجمال المنظر، فهى المنطقة التى يتفرع فيها النيل لفرعى دمياط ورشيد، تستمد اسمها من قناطر بناها محمد على باشا بالمدينة، لتتحكم فى تدفق المياه لثلاث رياحات رئيسية فى دلتا النيل وتتميز بمساحات ممتدة من الحدائق والمتنزهات، وتعد واحدة من أهم المعابر لوسط الدلتا، وتبعد عن القاهرة نحو 20 كم.
القناطر الخيرية.. واحة الراحة والهدوء لحكام مصر عبر التاريخ، ترسخ عشقها فى قلوبهم بداية من محمد على الذى أنشأها مرورًا بالخديوى إسماعيل الذى بنى لنفسه بها قصرًا كان يقضى به أغلب أوقاته، كما اتخذ منها الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر استراحة خاصة، وكان يتوافد عليها من حين لآخر، كما عشقها الرئيس “السادات” الذى كان دائم التردد عليها، للهروب من ضغوط الحكم، قبل أن يتخذها لاستقبال ضيوفه من كبار الزوار ممن فتنوا بطبيعتها الساحرة.
تميزت القناطر الخيرية بين باقى مدن القليوبية بوجود عدد من القصور التاريخية التى أقامها حكام مصر بها فى العصر الملكى، ممن اتخذوها استراحات لقضاء إجازاتهم وفترات الاستجمام، فهى تضم كما هائلا من الأشجار المعمرة النادرة التى أحضرها الخديوى إسماعيل من دول أوروبا المختلفة، لزراعتها بالمدينة، فضلًا عن وجود عدد غير قليل من الكبارى والجسور التاريخية التى تتميز بطراز معمارى فريد.
ويوجد بالقناطر كوبرى “منشأة القناطر” ذو طابع معمارى خاص، بناه محمد على ليكون سدًا يتحكم من خلاله فى مياه النيل عند الفيضان والجفاف، وهو عبارة عن عيون يمكن فتحها أو غلقها لحجز الماء وقت الفيضان، حيث تتحكم فى تلك العيون آلات ضخمة أعلى الكوبرى ما زالت موجودة حتى الآن كما هى، بينما أصبح هذا الكوبرى حاليًا معدًا للمشاة.
مناظرها الخلابة وجمال طبيعتها جعلها الاستراحة الخاصة للملك فاروق الذى اتخذ بها استراحة خاصة سميت باسمه، واختارها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لتكون استراحة له ولكبار الزوار فيما بعد.
وتضم المدينة متحف الرى التاريخى الذى أنشئ فى عهد محمد على، وهو عبارة عن صالة عرض واحدة تعرض نماذج لأساليب الرى المتبعة آنذاك، إلى جانب إنشاء الرئيس عبد الناصر عام 1957 متحفًا جديدًا يستعرض وسائل الرى منذ عهد الفراعنة، مع عرض مجسمات للسد العالى ونماذج لجميع الكبارى والقناطر فى مصر، ويمثل المتحفان أهمية كبيرة فى تاريخ مصر الزراعية بتلك الحقب.
وتنتظر القناطر الخيرية قبلة الحياة لعودة الروح لها من جديد من خلال الخطوات التى تسعى الدولة فيها، حيث وضعت الحكومة المصرية خطة شاملة لتطوير مدينة القناطر الخيرية؛ لإبرازها على الخريطة السياحية واستعادة رونقها وجمالها، عبر مشروع قومى لتطوير “جزيرة الشعير”، وزيادة الفرص الاستثمارية بها، والاستفادة من الأماكن الأثرية فى إقامة مشروعات سياحية بالقرب منها تسهم فى جذب المستثمرين والسياح، مثل الفنادق وحدائق تعليمية للأطفال وممشى للسياح، مع إقامة وسائل مواصلات جيدة، لضمان نجاح هذه المشروعات داخل المدينة، مع تطوير منطقة الشاليهات بإضافة فندق على طراز أثرى يتماشى معها.
فمن جانبه، أكد محمود عشماوى، محافظ القليوبية، أن المشروع يشمل إقامة شبكة مواصلات نهرية متميزة ومرسى لليخوت يحمل طابعا أثريا، إلى جانب تطوير وصيانة الكبارى والمبانى الأثرية بالقناطر الخيرية، وإضافة إضاءات ليلية باهرة، بما يعزز فرص الاستثمار بالمدينة.
وأوضح “عشماوى”، أن المشروع يهدف إلى الترويج والإعلان عن الآثار الموجودة بالمدينة فى جميع دول العالم، وإضافتها لجميع مطبوعات وزارة الآثار، ورفع كفاءة الحدائق، من حيث التشجير والأرضيات، وتحديث شبكة الرى، مع مراجعة جميع شبكات النقل من المحافظة إلى القاهرة والجيزة، ودعم منطقة القناطر بعدد من الرحلات السياحية الداخلية والخارجية، وتزويد المنطقة بعدد من المرشدين السياحيين.
وكانت الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار والتعاون الدولى، شددت على ضرورة التحرك كفريق واحد بين وزارات الاستثمار والتعاون الدولى والآثار والرى والموارد المائية والنقل والسياحة والزراعة مع محافظة القليوبية، لإقامة مشروعات استثمارية وسياحية وتطوير وسائل النقل بها، وتشير إلى أن الوزارة ستتولى التنسيق مع القطاع الخاص لعرض الفرص الاستثمارية على المستثمرين، مؤكدة أن عددًا كبيرًا من رجال الأعمال أبدوا رغبتهم فى المنافسة.
بالرغم من كل تلك المحاولات إلا أنه لا جديد على أرض الواقع حتى الآن، فلازال مخطط التطوير مجرد “حبر على ورق” فى انتظار رجال الأعمال والمستثمرين، لمنحها قبلة التطوير والحياة لاستعادة رونقها وجمالها الذى اعتادت عليه مسبقا.
وبدوره قال رجب النقيدى، رئيس مدينة القناطر الخيرية، إن اللواء محمود عشماوى محافظ القليوبية استقبل وفدًا صينيًا برئاسة رئيس جمعية رجال الأعمال الصينية ورئيس إدارة مجموعة شنجهاى للاستثمار بالصين، ووفدًا مصريًا برئاسة الدكتور هانى الشرقاوى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين بالصين بمدينة القناطر الخيرية، مشيرًا إلى أن الطرفان استعرضا مقترحات تعزيز الفرص الاستثمارية بمنطقة الشاليهات، ومنطقة حديقة عفلة، وقد تم عرض فيلم تسجيلى عن القناطر الخيرية.
وأضاف “النقيدى”، أنه تم تقديم بعض المقترحات التى تدعم وتعزز فرص الاستثمار بالمدينة والتى تتضمن إقامة فندق سياحى خمس نجوم وعمل رحلات نيلية عبر الأتوبيسات النهرية بحيث تكون الرحلة تبدأ من القناطر الخيرية حتى تصل للأهرامات.
وتابع رئيس مدينة القناطر الخيرية، أن الوفد الصينى والمصرى أبديا إعجابهما الشديد بهذه المناطق واتفقا على دراسة المقترحات الخاصة بالتطوير حتى إذا تم التنفيذ يكون على أعلى مستوى من الجودة والحداثة لتحتل مدينة القناطر الخيرية مكانتها من جديد على خريطة السياحة.
واستطرد “النقيدى”، أن عدم توافر الدعم المالى هو السبب فى تأخر بدء التنفيذ وننتظر انتهاء دراسة المقترحات من قبل رجال الأعمال والمستثمرين، موضحًا “مفيش فلوس نبدأ ومستنيين رجال الأعمال”.