آراء أخرىأقلام حرة

حماية المجتمع من التوك توك

عزيزى المواطن خلى بالك.. سايق عربيتك “هتلبس” .. شايل ولادك “هتلبس”.. معدى الرصيف “هتلبس”.. ماسك إيد المدام برضه “هتلبس”.. ما فيش فايدة فى كل الأحوال أنت “ هتلبس .. هتلبس”.
التوك توك بالمصرى أو “الركشة” بالهندى بلد المنشأ والتصنيع.. مركبة صغيرة الحجم ب3 عجلات يتسع لشخصين فى المقعد الخلفى بجانب السائق فى الكرسى الأمامى، كارثة حلت على شوارع مصر بدايات 2005، فرح بها البسطاء من سكان المناطق الشعبية والعشوائيات والقرى، لأنها مثلت حلا مثاليا لنقلهم إلى منازلهم عبر شوارع ضيقة وأزقة لا تسمح بمرور السيارات، لكن مع مرور الوقت والسنوات انتشرت مركبات التوك توك كالورم السرطانى فى جميع شوارع مصر.. لم تعد تفرق بين طريق رئيسى او جانبى .. حارة شعبية أو وسط مدينة.. صحراوى  إقليمى.. نسى ما هيته الأصلية ووضع نفسه فى مصاف السيارات بل اعتبر نفسه “تاكسى” الغلابة .
مع بداية ظهور التوتوك، لم يتخط سعره حاجز الـ5 آلاف جنيه، وبعد الشهرة التى نالها والمكاسب الخيالية التى يدرها على أصحابه وزيادة الإقبال عليه وصل سعره فى السوق المصرى لـ45 ألف جنيه، ولما لا وهو مشروع مضمون الربح دون أى مصاريف إدارية أو حكومية أو الدخول فى دوامة الترخيص والفحص و الضريبة، ولا الخضوع لقوانين المرور أو اشتراطات الأمن والسلامة.
بين فترة وأخرى تظهر على السطح الأوصات المطالبة بضرورة تقنين أوضاع تلك المركبات الشيطانية فى الشوارع، ووضع شروط لحماية المواطنين من بلطجة قائدى تلك المركبات.. وبالفعل يتم وضع مشروعا قوانين وقرارات أحادية الجانب من محافظ أو رئيس حى لتحديد خطوط سير التوكتوك وحظر سيرها فى مناطق أخرى، لكن لم نر قرار قاطع حازم صارم يضع حدا لتلك المهزلة، ويواجه الفوضى والعشوائية والغوغائية التى يتعامل بها قائدى تلك المركبات الشيطانية فى شوارعنا.
كوراث وسلبيات اجتماعية وأمنية واقتصادية حلت على مجتمعنا  المصرى مع انتشار التوك توك، لا تتسع مساحة المقال لسردها جميعا، وإنما تحتاج مجلدات لجمعها ورصدها، وهنا سأحاول ان أسرد أبرز تلك السلبيات.
على الناحية الأمنية .. صفحات الحوادث على الصحف والمواقع الإخبارية لا تخلو يوميا من الحوادث التى ارتكبها قائدى التوك توك، ما بين خطف أنثى لمحاولة اغتصابها أو خطف الأطفال من الشوارع، ذبح مواطن لسرقته أو جرائم خطف حقائب السيدات، أو ذبح طقل يقود توك توك لسرقة مركبته لسهولة بيعها لعدم وجود أوراق أو رخص يسأل عنها قائدها، بجانب تعطيل حركة المرور والوقوف فى الممنوع، والتسبب فى الحوادث المروية لعدم دراية قائدى تلك المركبات بقواعد وقوانين المرور، عدم خوضهم أى اختبار أو حتى دورة تديبية على القيادة فى الشوارع.
من الناحية الاجتماعية.. الربح السريع والعائد الكبير من تشغيل التوك توك أغرى الكثير من الأباء على تشغيل أطفالهم كسائقين لتلك المركبة، غير مبالين باستكمال تعليمهم، ما حرم كذلك الورش الفنية من وجود الصبية الصغار الراغبين فى تعلم حرفة، فيخرج الطفل فى سن صغير للعمل بالشارع دون رقابة أو سؤال فيخلتط بأصحاب السوابق ومتعاطى المخدرات والمسجلين الذى يحتضون الطفل ويضعون أقدامه على أول درجات سلم الإجرام والانحراف.. والأب قصر البصيرة يسعد بعدة جنيهات يرميهم طفله  كل مساء ولا ينتبه إلى أنه يوما بعد يوم يفقد فلذة كبده.
ومن الناحية الاقتصادية، تفقد الخزانة المصرية ،عائدا ضخما لترك تلك المركبات دون ترخيص أو ضريبة أو تأمينات على أصحابها وعلى قائديها، فى حين يتم تحميل أصحاب التاكسيات كل تلك الرسوم، فتصبح المعادلة بين الجانبين بالغة الصعوبة، ما دفع أصحاب تاكسيات إلى بيع سياراتهم لشراء توكتوك يعفيهم من أى رسوم أو بيراقرطية حكومية.
لا أنكر أن تلك المركبة حلت أزمة كبيرة لكبار السن وأبناء القرى والمناطقة الشعبية للوصول إلى منازلهم، لكن يجب تقنين وضع تلك المركبات حتى لا يترك المواطن فريسة لقائديها، ولمنع استغلال الأطفال للعمل عليها، وللحد من الجرائم التى ترتكب بتلك المركبات الشيطانية مستغلة صغر حجمه وسرعة حركته.
زر الذهاب إلى الأعلى