طوال غياب الدولة عن مسئولياتها عبر أربعين عاما سبقت 2014 تسللت أفكار غريبة إلي مجتمعنا.. مؤمنون بالحرية المطلقة.. من أنصار فكرة “سيبوا الولاد يعيشوا زمنهم” وهؤلاء لا يستفيقوا إلا علي كارثة.. علاقات غير شرعية لها نتائجها غير الشرعية أيضا أو إدمان أو جرائم قتل أو “فيرمونت” بدرجات متعددة!
أصحاب منطق “بنتك راجعة وش الفجر” فيكون الرد “وفيها إيه.. هي مش صغيرة” هم أنفسهم أو هن أنفسهن وراء دعم أفكار تسربت إلى بلادنا بليل.. حتى أنهم أو إنهن مع حماسهن للباطل لا يعرفن الفرق لغة أو قانونا بين المكان العام والمكان الخاص.. بين الحرية والتحرر. بين إشاعة البهجة وبين إشاعة الانحلال.. بين الاحتفال البريء وبين التعدي على قيم الناس وخدش حياؤهم..
ولا نعرف لماذا نطارد تجار ومتعاطي المخدرات إذن؟ المتعاطي مع نفسه والتاجر لا يجبر أحدا على الشراء بل يساهم في إسعاد الآخرين! لا نعرف لماذا نمنع ونعاقب على بيع الأدوية في غير مقتضاها ولا نمنع الدروس الخصوصية وكلها تتم بالإرادة الحرة لأصحابها إذا كان منطق هؤلاء “أي حد يعمل أي حاجة”! والنتيجة معدل جرائم غير مسبوق.. والنتيجة أيضا: شكل الجرائم ونوعيتها غير مسبوق أيضا!
أصحاب فقه التبرير وأنصار الحرية المطلقة والسلوك المطلوق بلا ضابط أو رابط يساهمون في التشجيع على تفكيك المجتمع ليصبح بلا أي مناعة. فيسقط كمجتمعات عديدة.. ورغم أن الكثيرين ممن تحدثوا عن خطط تفكيك المجتمعات لإسقاطها وربما أشهرهم رجل المخابرات الروسية السابق الراحل “يوري بيزمانوف” والذي تحدث عن ممارسات تمت بالفعل -بالفعل وليست أوهاما- ضد دول أخرى وأثمرت نتائج حقيقية استهدفت القيم ومنظومة القانون والتعليم والتاريخ إلا أن البعض-بيننا- ينكر وينكر!!
المدهش أنهم لا يعدمون الحجج.. حتى انتشر المصطلح المزعج جدا “تركتوا كل حاجة مافيش غير الموضوع ده” وهم يرددونه مع كل قضية يتصدى لها المجتمع! إذا تصدى المجتمع للدعوة للرذيلة من فتيات التيك توك وجهوا اليوم بذات الجملة، وإذا تصديت لإبتذال الدراما رددوا ذات الجملة وإذا تصديت للعلاقات المفتوحة ردوا بذات الجملة!!
على كل حال.. المعركة مستمرة.. ضد الاختراق بالتعليم الأجنبي وضد الإختراق بالتقاليع وصد الاختراق حتى بمحاولات تغيير ثقافة الطعام.. والمجد لمن يتسق مع نفسه.. يبرر لأفعال فاضحة بحجة الحرية.. ولا يكف ولا يتوقف عن المطالبة بمنع النقاب ومنع الحجاب ويتناسون تماما -هنا- كل دعاوى الحرية ويتذكرون -هنا فقط- فجأة “العدوان على المجتمع”! اتسقوا مع أنفسكم.. واستقيموا يرحمكم الله.. ويرحمنا!
ملحوظة: كاتب هذه السطور صاحب معركة طويلة ضد الأفكار المتطرفة وضد الأفكار السلفية وضد الفتاوي الفقهية الشاذة التي تخالف الفطرة السليمة وتخالف الإسلام نفسه وضد الإخوان وخصوصا وهم في السلطة ودون تردد أو تراجع أو توقف منذ المرحلة الإعدادية وحتى اليوم عبر أكثر من ثلاثين عاما متصلة وبما لا نقبل معه أي مزايدة!