فجّر مشروع قانون الجمارك الجديد موجة عارمة من الغضب داخل مجتمع الأعمال المصري، وهاجم رجال مال وأعمال طريقة إعداد المشروع، بسبب ما وصفوه بتجاهل الاستعانة بهم أو بخبراء ومتخصصين من مجتمع الأعمال في إعداد القانون، والاطلاع على مواده، وأبدوا مخاوفهم من أن يكون للقانون الجديد آثار سلبية على الصادرات المصرية، والتنافسية التي يسعون لتحقيقها عالميا، بالإضافة إلى العقوبات التي قد تمس المستثمر.
بنود المشروع
وعبّرت 6 منظمات أعمال عن مخاوفها واعتراضها على بنود مشروع القانون، ومنها استبدال ضمان أصول المنشأة، وهو النظام المتبع منذ عام 2002 طبقًا لقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1635 لسنة 2002، واستبداله بخطابات ضمان بنكية، مؤكدين أن هذا أمر غير واقعي تماما، نظرا لصعوبة قيام البنوك بمنح الائتمان الكافي لتغطية تلك الضمانات بمبالغ باهظة، الأمر الذي سيؤدى إلى ارتفاع تكلفة التصدير ما سيفقده أحد أهم المزايا التنافسية بالأسواق الخارجية، كما سيزيد من تعثر الشركات وهو ما يتعارض مع رؤية القيادة السياسية في مساندة الشركات وتشغيلها بطاقاتها القصوى.
وأكدت منظمات الأعمال على إن العودة مرة أخرى إلى المبالغة في الغرامات والتوسع في التجريم والعقوبات والحبس ضد المستثمر المصري يمثل ردة اقتصادية، ويخلق مناخًا من عدم الثقة ما سينعكس سلبا على الاقتصاد المصري، ويعيق بشكل مباشر العملية التصديرية والاستثمارية، كما أنه يتعارض مع كافة الإجراءات التي تسعى الدولة إلى إتخاذها لتشجيع الاستثمار والتصدير.
وأوضحت منظمات الأعمال أن “التشديد والمغالاة من الجهات ذات الصلة في تطبيق النسبة الخاصة بالهالك والفاقد، يجعلها لا تتناسب مع النسب العلمية والعالمية أمر غير عملي، وبدوره يضع المصدر المصري تحت طائلة التجريم والتهريب دون وجه حق في ذلك”.
القطاع الخاص
وشددت منظمات الأعمال على ضرورة قيام متخذي القرار بمشاركة القطاع الخاص الذي يمثل قاطرة التنمية، بحصة قدرها يزيد على 70% من حجم اقتصاد مصر، حيث يجب التعرف على رؤيتهم قبل اتخاذ أي قرارات أو تشريعات اقتصادية مؤثرة في المناخ العام للاقتصاد المصري”.
وبالنسبة لباب العقوبات بمشروع قانون الجمارك، فاقترحت جمعية رجال الأعمال المصريين، ألا تزيد الغرامة وفقًا لمشروع القانون الجديد على 2000 جنيه (4 أضعاف ما جاء بالقانون السابق رقم 66 لسنة 1963)، مشيرة إلى أن مصر في أشد الحاجة إلى قدوم السفن إلى الموانئ المصرية لما لذلك من فوائد عظيمة على النقل والتجارة الدولية والسياحة وخاصة في ظل وجود الكثير من المنافسين.
مجلس النواب
وتقدمت جمعية رجال الأعمال المصريين بمذكرة لمجلس النواب اعتراضا على مشروع القانون، وقال المهندس على عيسى رئيس جمعية رجال الأعمال المصريين: إن 6 منظمات تمثل المجالس التصديرية علاوة على جمعيات رجال الأعمال المصريين تقدمت بملاحظاتها ومطالبها لمجلس النواب، شاملا مذكرة تفصيلية بمطالبهم ونتظر مناقشتها بلجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب.
فيما قال المهندس خالد حمزة رئيس لجنة الجمارك بالجمعية: أرسلنا للبرلمان مطالبنا ومن بينها أن المادة 8 من مشروع قانون الجمارك تعطى الحق للمراجعة اللاحقة والمتابعة بزيارة مكاتب المستوردين والمصدرين والمخلصين الجمركيين وكل من له صلة بالأعمال الجمركية، بعد أخذ موافقة رئيس المصلحة لمدة 5 سنوات يحتفظ فيها بالمستندات للاطلاع عليها، ومراجعة البضائع الواردة من الخارج من جديد، لافتا إلى أن تلك المادة تفتح خلافا حول التقدير أو السعر أو البند الجمركى، ويعاد تسعيرها من جديد ويتحمل المستورد أو الصانع عبء فروق أسعار السلع التي تم تصنيعها وبيعها منذ فترة كبيرة.
وأضاف أن منظمات الأعمال طالبت بعدم تغيير مدة فترة السماح المؤقت وبقائها سنتين كما كان الأمر في السابق، حيث أنه لا داعي لتقليصها لتصبح سنة واحدة، فهذا التقليص سيؤدي إلى تعثر المصدرين وزيادة التكلفة عليهم، نظرًا لاستحالة التزامهم بتلك المدة.
وحذر محمد جنيدى نقيب المستثمرين الصناعيين، من العودة إلى المبالغة في الغرامات والتوسع في التجريم والعقوبات والحبس ضد المستثمر المصري، لافتا إلى أن ذلك يمثل ردة اقتصادية، ويخلق مناخًا من عدم الثقة ما سينعكس سلبا على الاقتصاد المصري، ويعيق بشكل مباشر العملية التصديرية والاستثمارية، كما أنه يتعارض مع كافة الإجراءات التي تسعى الدولة إلى إتخاذها لتشجيع الاستثمار والتصدير”.
وأضاف أن عقوبة الحبس يجب أن تطبق على من يثبت تورطه في تهرب عمدى، على أن تكون العقوبة تدريجية تبدا بالتحذير وصولا إلى وضعه في قائمة رمادية وسوداء وصولا إلى إلغاء السجل الضريبى والتصدير وحرمان اقاربه من الدرجة الأولى من ممارسة النشاط.
على جانب آخر بدأت لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، برئاسة الدكتور حسين عيسى، وبحضور أكثر من 20 جهة وهيئة حكومية إلى جانب اتحاد الصناعات المصرية واتحاد الغرف التجارية وجمعيات رجال الأعمال، مناقشة مواد مشروع قانون الجمارك، المقدم من الحكومة.
وانتهت اللجنة من صياغة مواد الإصدار بمشروع القانون وعددها 5 مواد، بالإضافة إلى مادة النشر إلى جانب المادة الأولى من مواد القانون وهي المادة الخاصة بالتعريفات والبالغ عددها 33 تعريفا، ومن المقرر أن تستكمل اللجنة مناقشة باقي مواد مشروع القانون تزامنا مع جلسات البرلمان الشهر الجاري.
وأكد الدكتور حسين عيسى، رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب، أهمية هذا التشريع، مشيرا إلى أن اللجنة حريصة على الاستماع لكافة الجهات المعنية، للخروج بقانون متوازن يحقق كافة الأهداف المرجوة، ولفت عيسى، إلى أنه من أبرز المواد التي تم إعادة صياغتها المادة الثالثة من مواد الإصدار وهي مادة انتقالية، والتي تنظم تسوية الأوضاع الجمركية بصفة نهائية للبضائع التي أفرج عنها قبل العمل بأحكام القانون الجديد تحت نظام الإفراج المؤقت خلال عام من تاريخ العمل بهذا القانون، موضحا أن اللجنة أيضا أدخلت تعديلات على صياغة بعض التعريفات لتكون أكثر انضباطا، ومن بينها الخط الجمركي والنقاط الجمركية ومنشأ البضاعة، وأوضح أن اللجنة تستهدف وضع حدود زمنية ملزمة لجميع الجهات لإنهاء الإجراءات الجُمركية، بما يحقق مصالح ومتطلبات جميع الأطراف، مشيرا إلى أن التشريع الجديد يفتح باب إصلاح العلاقة بين الجمارك والجهات المختلفة التي تتعامل معها، بما يساهم في إزالة كافة العقبات.
وتيسيرا على الجميع، وفي شأن التخوفات من بعض المستوردين بسبب تغليظ العقوبات، أكد النائب ياسر عمر، وكيل لجنة الخطة والموازنة أن التشريع الجديد يقر بأن المستورد أو المُصدر الذي يقع في خطأ يعتبره القانون تهربا جمركيا ستكون عقوبته الغرامة المالية فقط دون حبس.