تشهد القاهرة اليوم 4 أكتوبر لقاء قمة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره التونسي محمد الباجي قائد السبسي الذي يقوم بزيارة رسمية لمصر تستمر يومين.
القمة المصرية التونسية هي اﻷولى من نوعها بين رئيسي البلدين اللذين تربطهما علاقات تاريخيه والكثير من التشابهات والتداخلات في التطورات منذ انطلاق الربيع العربي في مطلع عام 2011 ، كما يربط الرئيسين الكثير من مواطن التشابه المرحلي واﻷهمية لبلديهما في مواجهة الحركات الإسلامية الراديكالية التي حاولت الاستيلاء على نتائج ثورتي البلدين، كما يرتبط البلدان بالعديد من القضايا المهمة يأتي في مقدمتها الارهاب الداخلي في كلا البلدين، والإشكالية الليبية وتهديد تطوراتها للأمن القومي لبلديهما، الأمر الذي جعلهما يهتمان بتلك الزيارة التي تعد اﻷولى للرئيس التونسي لمصر وذلك لتدشين علاقات استراتيجية بين البلدين، كما سيقوم الرئيس السيسي بزيارة مماثلة لتونس خلال اﻷشهر القليلة القادمة .
“خليفتا عبد الناصر” .. و”بورقيبة الجديد” هكذا يصف شعبا مصر وتونس رئيسي بلديهما حيث يعتبرون السيسي خليفة لزعيمهم الخالد جمال عبد الناصر، كما يعتبرون السبسي امتدادا للحبيب بورقيبه رمزهم التاريخي الكبير، ومن هناك تنطلق وتكثر مواطن التشابة والتقارب بين الرئيسين والتي تتقاطع أيضا مع ظروف البلدين.
السبسي على خطى السيسي
منذ ظهور رئيس تونس ” الباجي قائد السبسي” مرشحا في الانتخابات الرئاسية مطلع العام الماضي ربط الجميع بينهما من الوهلة اﻷولى فالاسم يفرق اﻵخر بـ”نقطة واحدة”، والتجربة المصرية كانت حاضرة وبقوة في ذهن الرجل حين خاض الانتخابات التونسية بعد أشهر قليلة من انتخاب السيسي في مصر، والذي مثل فوزه ضربة قاسمة للتنظيم الدولي للإخوان في كل العالم بمن فيهم إخوان تونس، المنافس الطبيعي للرجل، ولم يتوقف الأمر عند هذا فكما جعل السيسي”تحيا مصر” شعارا لحملته الرئاسية فإن المرشح الرئاسي التونسي، في أول انتخابات رئاسية تونسية بعد ثورة الياسمين قد اختار هو الآخر اليوم “تحيا تونس” شعارا لحملته اليوم.. ليكمل مسيرته على خطى “السيسي”.
السيسي السبسي من قيادة الجيش إلى قيادة الدولة
صحيح أن فارق السن كبير بين الرئيس السيسي الذي أكمل عامه الستين مؤخرا، وبين السبسي 89 عاما، إلا أنهما يتشابهان في خطوط كثيرة، فهما متقاربان في تاريخ الميلاد، كما أن كليهما كان وزيرا للدفاع في بلاده.
السبسي كان أول رئيس للوزراء في تونس بعد الثورة حيث شغل المنصب في 27 فبراير 2011 وحتى 13 ديسمبر من نفس العام، وسبق ذلك توليه العديد من المناصب الوزارية الأخرى، فقد تولى العديد من المناصب المهمة في الدولة التونسية.
مصر وتونس بلدان علّما بعضهما الثورة وخلع الإخوان
التشابه الكبير بين ظروف انتخاب كلا الرئيسين ﻻ يتبعد كثيرا عن التشابه الكبير الذي يجمع ظروف بلديهما، فتونس كانت أيقونة الربيع العربي حيث شهدت أولى موجاته في مطلع عام 2011 حين أشعل البوعزيزي النار في نفسه بعد اعتداء شرطية تونسية عليه ليخرج التونسيون في ثورة الياسمين والتي لم تهدأ إﻻ برحيل بن علي وأسرته، ليكتب التونسيون تاريخهم الجديد، إﻻ أن أطماع الإسلاميين في السلطة زادت وبالفعل حصلوا على أغلبية في أول انتخابات لهم مكنتهم من تنصيب رئيس اسموه توافقيا لكونه يساريا إﻻ أنه ما لبث إﻻ أن أصبح إحدى أدواتهم، وهو المنصف المرزوقي الذي أصبح يهاجم مصر اﻵن أكثرمن الإخوان، لكن هذا ليس بمستغرب فالسيسي بنجاحه هز عرش المرزوقي، وأفسح المجال أمام التونسيين إسقاطه، ولذا فيمكننا القول إن مصر تعلمت من تونس الطريق إلى الثورة في موجتها اﻷولى فأسقط المصريون مبارك بعد سقوط بن علي، وتونس تعلمت من مصر الطريق إلى الثورة التصحيحية في 30 يونيو 2013، حين أسقط المصريون محمد مرسي والإخوان، فانكمش إخوان تونس كثيرا وأطاح بهم الشعب التونسي في انتخابات بشرتهم مصر بنتيجتها بالتجربة.
وهكذا تجمع معاداة الإخوان ومكافحة الإرهاب وأزمات ليبيا المستعصية، ومساعي حلها إلى جانب الأجندة العربية في سوريا واليمن، وتأييد مصر في انتخابات مجلس الأمن، الشهر الجاري، ومحاوﻻت التنمية وتنشيط حركة السياحة، وصوﻻ لتأكيد علاقات استراتيجية بين البلدين.
سفير مصر بتونس: شراكة استراتيجية توثق علاقة البلدين
من جهته قال السفير المصري فى تونس أيمن مشرفة، إن لقاء الرئيسين عبد الفتاح السيسى ونظيره التونسي الباجي السبسي الأحد، يمثل شراكة استراتيجية وتوثيقا للعلاقة بين الدولتين.
وأضاف السفير المصري فى تونس، في تصريحات له، يوم السبت، أن زيارة الرئيس التونسي لمصر تعد زيارة سياسية وستتناول مناقشة عدد من القضايا العربية والإقليمية، وعلى رأسها الملف الليبى والذي يعد قضية أمن قومى للبلدين، فضلا عن قضية الإرهاب العابر للحدود والملفين اليمني والسوري.
وأوضح السفير المصري فى تونس أنه يوجد فى تونس مليون لاجئ ليبي، وأن الأحداث في ليبيا تلقي بظلالها، وتونس مهددة بتمدد الإرهاب داخلها من قبل داعش فى مدينة سرت مما يمثل تهديدا للأمن في مصر وتونس، المسألة الليبية تهم دول الجوار فى المقام الأول.
سفير تونس بالقاهرة: السبسي سيلتقي مسؤولين مصريين عقب المباحثات مع السيسي
أما السفير التونسي بالقاهرة، نجيب المنيف، فأكد كذلك أن الرئيس التونسي، محمد الباجي قائد السبسي، سيقوم بزيارة مصر يومي 4 و5 أكتوبر الجاري، للقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي، وأن الرئيسيين سيناقشان آخر التطورات التي تمر بها المنطقة، وتعميق العلاقات المصرية التونسية.
وأوضح السفير أن الرئيسين سيعقدان مؤتمرا صحفيا مشتركا للوقوف على نتائج المباحثات الثنائية، لافتا إلى أن السبسي سيعقد العديد من اللقاءات مع المسؤولين المصريين عقب لقائه بالرئيس السيسي.. مشيرا إلى أن هذه الزيارة هي الثانية للرئيس السبسي عقب توليه رئاسة الجمهورية في يونيو 2014، حيث كانت مشاركته الأولى في القمة العربية، التي انعقدت في مارس الماضي بمدينة شرم الشيخ.
السفير رخا حسن: الرئيسان سيتبادلان الخبرات حول التعامل مع التيار الإسلامي
من جانبه أكد السفير رخا أحمد حسن، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، أن الرئيسين سيناقشان ملف تبادل الخبرات حول التجارب السياسية في ظل استيعاب تونس للتيار الإسلامي، وقال إنه سيتم أيضا تناول ملف مكافحة الإرهاب، حيث يعتبر أهم الملفات الآن، كما سيناقشان الأزمات المتواجدة في عدد من الدول العربية أهمها ليبيا وسوريا، خاصة وأن قادة التيار الإسلامي في تونس لديهم تجارب سياسية من خلال معايشتهم في الدول الأوروبية.