تحقيقات و تقاريرعاجل

مخاوف من تجدد التجارب الفاشلة للإسلام السياسي في تونس

مع إعلان حركة النهضة الإخوانية، نيتها الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، تصاعدت المخاوف من تجدد التجارب الفاشلة للإسلام السياسي الذي عانى منه العالم ولا يزال، بسبب إصرار تنظيم الإخوان الإرهابي، على استغلال الدين لأغراض سياسية من أجل الوصول إلى الحكم.

لكن العديد من المراقبين للشأن التونسي يستبعدون حصول الإخوان على ثقل انتخابي يؤهلهم لتسلم الحكم في تونس، خاصة في ظل التجارب الفاشلة السابقة للحركة.

تعدد الترشيحات

وضمن 26 مرشحاً للرئاسة، التي أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس قبولها، 4 مقربين من حركة النهضة الإخوانية، وهم نائب رئيس حركة النهضة عبدالفتاح مورو، والرئيس السابق لحركة النهضة حمادي الجبالي، ورئيس الحكومة الحالي والمتحالف مع الحركة يوسف الشاهد عن حزب “تحيا تونس”، والرئيس السابق والمقرب من الحركة منصف المرزوقي.
وحددت الدعاية الانتخابية من 2 إلى 13 سبتمبر، وبعد يوم الصمت الانتخابي، يدلي الناخبون بأصواتهم في 15 سبتمبر .

حيلة إخوانية

وتباينت الآراء في تونس بشأن تعدد مرشحي “النهضة” والمتحالفين معه، بين من أشار إلى أن التعددية تكشف حيلة إخوانية جديدة لمحاولة الوصول إلى قصر الرئاسة، وهي حيلة مكشوفة لا تحتاج لتأويل، فيما قال البعض الآخر إن تجربة حكم حركة النهضة زادت من وعي التونسيين، مما سيمنع وجود هذا التنظيم مرة أخرى في دفة الحكم.
الحركة الإخوانية التي أعلنت رسمياً تأسيسها عام 1981واعتُرف بها كحركة سياسية في تونس عام 2011، من قبل حكومة محمد الغنوشي الثانية بعد فرار الرئيس السابق زين العابدين بن علي إثر الثورة التونسية في ديسمبر 2010، تسعى إلى استعادة أمجادها على حساب الثورة التونسية بشتى الطرق الفاسدة والملتوية، لتتمكن من السيطرة على الدولة ومؤسساتها بهدف تعزيز المشروع الإخواني في المنطقة.

فساد

يقول القيادي السابق بالجماعة الإسلامية، منتصر عمران، لصحيفة “اليوم السابع”، إن هناك عدة حالات للتزوير ستلجأ لها حركة النهضة الإخوانية، ومن أهمها المال السياسي الفاسد لشراء أصوات الناخبين وتغيير نتائج الصندوق بالتزوير، مشيراً إلى أنه جرى رصد مثل هذه المخالفات في انتخابات سابقة وتتمثل في تقديم هدايا وأموال للناخبين.
من جهتها، علقت عدة صحف تونسية خلال الأيام القليلة الماضية حول المخاوف والتحديات التي قد تواجهها تونس في ظل إعلان الحركة ترشحها للمرة الأولى من منذ الثورة، وكتب المحلل التونسي محمود رشدي في مقال لشبكة الرؤية، قائلاً: “لا أعتقد أن النهضة ستهيمن على المشهد السياسي التونسي، لأنها غير قادرة على ذلك حتى ولو نزلت بكل ثقلها، وهي لا تمثل في الأقصى سوى 30 % من الناخبين، كما أنها لا تستطيع أن تحكم تونس بمفردها”.

معركة صعبة

من جانبه، يقول زعيم اليسار والناطق باسم الجبهة الشعبية حمة الهمامي، إن “المعركة لن تكون سهلة، لكن وفاة الرئيس الباجي قايد السبسي وحتمية إجراء انتخابات رئاسية سابقة لأوانها صححت قواعد اللعبة، حيث جردت أطرافا سياسية عديدة في مقدمتها النهضة من استخدام الانتخابات التشريعية كورقة ضغط، ومساومة المترشح للرئاسة على تقديم الدعم له بما قد تملكه من ثقل برلماني”.
وأشار في تصريحات صحافية، إلى أن هناك قلق متزايد حول ما يردد عن وجود تمويلات غامضة ومشبوهة من الداخل والخارج لدعم أطراف سياسية بالمعركة، ومن سوء استغلال رئاسة الحكومة لأجهزة الدولة خاصة مع ترشح رئيسها، أو استغلال النهضة لمواقعها أيضاً بالجهاز الإداري، فضلاً عما تسيطر عليه من مساجد عديدة وبدأنا نسمع مؤخراً خطباً تكفيرية، فضلاً عن خطورة توظيف الإعلام الحكومي والخاص وأخيراً استغلال العمل الخيري”.

فرص ضعيفة

من جهته، يلفت الكاتب جمال نصار في مقال صحافي، إلى أنه “ربما يصل عبد الفتاح مورو إلى الدور الثاني، لكن فوزه برئاسة البلاد يبدو أمراً صعباً في ظل الظروف الحالية في الداخل والخارج، لأنه مهما كان عدد الأصوات التي سيحصل عليها في الدور الأول، فإن الكل سيتحالف ضده بعدها، لكن الكلمة الأخيرة، بطبيعة الحال، للشعب التونسي القادر على اختيار رئيسه بشكل ديمقراطي”.
وتأكيداً على ذلك، يرى الباحث السياسي الدكتور طه علي، في حديثه لصحيفة “اليوم السابع”، أن “عبد الفتاح مورو لا يتمتع بشعبية كافية في الشارع التونسي على غرار عبد الكريم الزبيدي، كما أن إعلان حركة النهضة في السابق عدم الدفع بمرشح للرئاسة ثم تراجعها جعل الشعب لا يثق بها، فالشعب يدعم كل من يوقف مخطط حركة إخوان تونس في السيطرة على مؤسسات الدولة، وعبد الكريم الزبيدي يمثل هذا التوجه”.

خلافات داخلية

وتعاني حركة النهضة من خلافات داخلية تكشفت أوراقها خلال الأيام الماضية، حيث شهد اجتماع مجلس شورى النهضة الذي عقد بداية الشهر الجاري، بمدينة الحمامات، خلافات عميقة بين الأعضاء على خلفية الاختبار بين دفع الحركة بأحد القياديين لخوض الانتخابات أو الاكتفاء بدعم أخد المرشحين من خارجها.
وبعدها بأيام أعلنت الحركة عبر صفحتها على فيس بوك، أن نائب رئيسها عبد الفتاح مورو (71 عاماً) سيترشح لانتخابات الرئاسة المبكرة التي ستجرى في 15 سبتمبر المقبل.

تشويش وترهيب

من جهة أخرى، استخدمت الحركة الإخوانية طرقاً أخرى لمحاولة التشويش على الناخبين الآخرين بينهم الزبيدي الذي تعرض لحملة تشويش غير مسبوقة من قبل جنود الحركة الإلكترونيين، على خلفية إعلان تعهده بفتح ملف الجهاز السري للحركة، وإعادة العلاقات مع سوريا.
وتعليقاً على ذلك، يقول المحلل السياسي مصطفى البارودي لـ “إرم نيوز”، إن “التعهدات التي طرحها الزبيدي في برنامجه الانتخابي تمثل نقاط ضعف الحركة الإسلامية في علاقتها بالشأن الداخلي والخارجي، التي تواجه منذ 2011 اتهامات بدعم الإرهاب وبتجنيد الشباب التونسيين وتسفيرهم للقتال في سوريا، فضلًا عن الاتهامات التي علقت بالحركة منذ سنة 2013 وتخص الاغتيالات السياسية، وما يسمى الجهاز السري للحركة المتهم بتدبير تلك الاغتيالات وبتعكير الأمن القومي”.

ومن المنتظر أن تتواصل تلك الحملات إلى جانب عمليات الرشاوى والفساد المالي حتى يوم إجراء انتخابات الرئاسة في 15 من سبتمبر المقبل، التي ستحمل في طياتها الكثير من الأمور المحتملة ما من شأنه أن يغير المسار السياسي في تونس إما إلى الأفضل أو إلى الأسوأ في حال كسبت “النهضة” المعركة.

زر الذهاب إلى الأعلى