نشرت صحيفة الوطن مقالاً للكاتب محمود خليل بعنوان ( كان فى الهرم.. والآن فى مصر ) ، وجاء كالتالي :
أوائل يناير 2016، كتبت مقالاً فى هذا المكان تحت عنوان: «حدث فى شارع الهرم» كنت أعلق فيه على «فيديو» انتشر على عدد من المواقع يصور عملية كر وفر بين مجموعة من المهاجمين لأوتوبيس يقل سياحاً من عرب إسرائيل بشارع الهرم وقوات الشرطة، بعدها أعلن تنظيم «داعش» مسئوليته عن الحادث، وذكر المسئولون وقتها تعليقاً على الواقعة أن المهاجمين مجهولون، ويقدر عددهم بنحو 35 فرداً. ربطت حينها هذه الواقعة بواقعتين سابقتين (2015) قام فيهما عدد من الإرهابيين باغتيال عدد من رجال الشرطة بالجيزة. وقتها قلت: «انتباه.. داعش فى الجيزة».
عام وبضعة شهور مضت على هذا المقال، لنفاجأ بأن داعش يتحرك فى القاهرة، فى تفجير الكنيسة البطرسية، ثم فى الدلتا، مع تفجير كنيسة مارجرجس بطنطا، ثم فى الإسكندرية، مع تفجير كنيسة مارمرقص، ثم فى قنا، مع إعلان القبض عن عدد من المتهمين فى واقعتى تفجير طنطا والإسكندرية، وكذا الإعلانات التى تتدفق عبر شاشات التليفزيون وتعد بمكافأة سخية لمن يرشد عن بعض المتهمين الهاربين فى وقت تحكم البلاد فيه «حالة طوارئ»!. لو أننا جمعنا هذه الوقائع إلى جوار بعضها بعضاً، فسنجد أن التنظيم الإرهابى يتحرك داخل أكثر من محافظة، ولم يعد يتحرك فى سيناء وحدها، وأن هذا التحرك بدأ منذ فترة، فليس من المنطق أن نقول إن أعضاءه تحركوا ونفذوا عملياتهم الإرهابية بين يوم وليلة، لأن من المؤكد أن الإعداد لأى من هذه العمليات يستغرق وقتاً. الكثير من المسئولين قالوا إن العمليات الأخيرة التى قام بها التنظيم فى قلب مصر مردها الضربات الموجعة التى وجهتها قوات مكافحة الإرهاب إليه فى سيناء، قد يكون، لكن ما يثير القلق أننا نسمع هذه العبارة مع كل عملية جديدة تتم خارج سيناء، وهو أداء يفقدها الكثير من معناها، خصوصاً إذا تتبعنا ميلادها منذ أواخر 2015.
هناك خطر حقيقى يتهدد هذا البلد، وهو خطر يتزايد يوماً بعد يوم، وتمدده يعنى أحد أمرين، أولهما أن هناك من يغذيه مادياً ومعنوياً بشكل منتظم يساعده على النمو والتحرك، وثانيهما أن يكون هناك مشكلة فى المؤسسات التى تتولى مواجهته، مشكلات فى الأداء، أو فى مستوى التنسيق فيما بينها، أو غير ذلك. لقد توقفت كثيراً أمام شهادات بعض المتهمين بالضلوع فى التفجيرين الإرهابيين بطنطا والإسكندرية، فالكثير من أقرباء أو جيران المتهمين، وصفوهم -فى الأغلب- بأنهم فى حالهم ولم يلاحظوا عليهم شيئاً وأنهم فقط اختفوا فجأة، ولم يعلموا عنهم خبراً بعد ذلك!. هذا الكلام يعنى ببساطة أن «بعض الدواعش يمشون بيننا». فلم يقل أحد من المحيط بأى من المتهمين أنه أحس يوماً بأن ثمة «داعشى» يعيش إلى جواره أو فى بيته أو عمارته. «الدواعش» ينفجرون فجأة، إرهابياً ومعرفياً، وهو أمر من الخطورة بمكان، يساعدهم على ذلك وجود عالم افتراضى -غير قابل للسيطرة- يتحركون من خلاله فى غفلة من أقرب المقربين إليهم، أضف إلى ذلك ظروف وأجواء أداء عام أخشى أن أقول إنه ليس على ما يرام!.