نشرت صحيفة الوفد مقالاً لعزة أحمد هيكل بعنوان : ( الوجه الآخر للرئيس ) ، وجاء كالتالي :
الوجه الآخر للرئيس «السيسي» ظهر في خطابه الأخير بعد الحادثة الإرهابية التي ضربت قلب المصريين في أعيادهم الدينية على أبواب الكنيسة المرقسية– الإسكندرية وصحن الكنيسة ماري جرجس– طنطا… ذلك الوجه الحازم الصارم الذي يؤكد أن مواجهة الإرهاب لن يكون مسئولية منفردة لجهة أمنية أو عسكرية أو حتى مؤسسة الأزهر الشريف، وإنما أكد الرئيس أن الإرهاب يحتاج إلى المجتمع ككل وإلى الحشد الجمعي للعقل المصري سواء اجتماعياً أو إعلامياً أو ثقافياً وفكرياً مع المؤسسات الدينية والأمنية المختلفة حتى نستطيع أن نخرج وثيقة اجتماعية سياسية تحمي الوطن من هؤلاء الذين يستهدفونه ويريدون الدمار النفسي وزعزعة الثقة في الدولة المصرية الراسخة الثابتة أبد الدهر بإذن الله.
إنشاء مجلس أعلى لمحاربة أو مكافحة أو مقاومة التطرف والإرهاب هو خطوة هامة واستراتيجية على طريق الأمن والسلم الاجتماعي واستقرار الدولة الاقتصادي والأمني وهذا المجلس يحتاج من جميع المصريين المشاركة الفعلية حتى يخرج إلى النور وحتى يصبح مجلساً تفاعلياً قادراً على وضع سياسات قابلة للتنفيذ وأيضاً واجبة النفاذ سواء على المستوى التشريعي أو المستوى النيابي أو المستوى التنفيذي بمعنى أن هذا المجلس يجب أن يضم خبراء علم نفس تربوي لتنقية مناهج المعاهد الأزهرية من كل ما يصيب الوطن والمواطن في قناعاته ومعتقداته الدينية بدعوى الأصولية والتمسك بالثوابت في المناهج المدرسية الأزهرية في المراحل العمرية المتعددة تحتاج إلى تدخل خبراء علم نفس تربوي وإخصائيين اجتماعيين وخبراء في علوم مقارنة الأديان مع عدد من المثقفين والإعلاميين الذين لديهم خبرة في المجال التربوي والتعليمي للمراحل الفكرية والعمرية لهؤلاء الذين يتم تجنيدهم عن طريق العقل ثم عن طريق وسائل وشبكات التواصل الاجتماعي.
ومن ثم فإن ذلك المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب والتطرف سوف يضم في تشكيله كذلك خبراء في وسائل الاتصال الالكتروني مع قانونيين في ذلك المجال التكنولوجي الجديد حتى نستطيع مقاومة الكتائب الالكترونية التي تجند الصغار والشباب وتصمم العمليات الإرهابية من خلال تلك الشبكات العنكبوتية المدمرة والدموية ومن هنا يبدأ دور جديد للإعلام المصري ليس مجرد حوارات ولقاءات وتحليلات سياسية وإنما على الإعلام أن يتحول إلى الإعلام التنويري التثقيفي ويكون الشخصية المصرية من الداخل عبر التراكم الفكري والقوة الفنية والثقافية الناعمة والتي تتوغل في نسيج البناء والتكوين الوجداني للفرد وللطفل وللمراهق عبر تغيير الخريطة الإعلامية والعودة إلى أهمية دور ماسبيرو أو ما يعني الإعلام الرسمي المعبر عن الدولة المصرية والهوية.
وفي ذات الوقت ضرورة خروج المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة وللإعلام حتى تكون المنظومة متكاملة في خريطة واستراتيجية إعلامية ثقافية متكاملة تساهم فيها جميع المؤسسات الفكرية والثقافية لعودة سينما الطفل في قصور الثقافة ومراكز الشباب وكذلك مسرح الطفل وبرامج الطفل في المدارس على كافة المستويات خاصة المعاهد الأزهرية والمدارس النائية في المناطق العشوائية وصعيد مصر وهو دور حيوي لوزارة التربية والتعليم والشباب والرياضة والثقافة.
إنها مسئولية مجتمعية كاملة يضع لها السياسة العامة ذلك المجلس الجديد لمكافحة التطرف والإرهاب من الجانبين الأمني والثقافي الفكري الإعلامي التربوي النفسي التكنولوجي التشريعي التنفيذي.. لهذا فإن خطاب الرئيس على النطاق الداخلي أكد التغيير السريع والحاسم لسياسة الدولة في مكافحة الإرهاب ومع ذلك التوجه الجديد نجد تصريحاً آخر على المستوى الدولي والإقليمي حين وجه الرئيس خطاباً صريحاً إلى المجتمع الدولي الذي يساند الإرهاب وتلك الدولة التي تمول الإرهاب بالمال والسلاح والدعم التقني والأجهزة الاستخباراتية فكان ما صرح به الرئيس متوافقاً مع تصرفه وخروجه من القمة العربية لحظة أن ألقى أمير قطر خطابه أمام الجمعية العامة للقمة العربية بعمان وفي ذلك ما يؤكد أن الرئيس ومصر تسير في طرق متوازية داخلية وخارجية تدعم الاستقرار وتمكن الدولة من تنفيذ قرارات السيادة وتأييد المكانة السياسية والدولية والإقليمية لمصر كأكبر قوة عربية عسكرية واستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط.
يظهر الضوء حين يخيم الظلام ويشتد الكرب إذ بؤرة ضوء وخيط أمل يبزغ من أطراف عتمة الليل.. ستبقى مصر آمنة وشامخة بالمصريين جميعاً وبقيادة حازمة حاسمة تضم الوطن وتعلي شأن الدولة المصرية.