نشرت صحيفة الشروق مقالاً للكاتب أشرف البربرى بعنوان : ( اللعب فى الدستور مؤامرة على الرئيس ) ، وجاء كالتالي :
حسنا فعل «النايب» إسماعيل نصر الدين بإعلان إرجاء تحركه البرلماني لتعديل بعض مواد الدستور من أجل زيادة مدة الرئاسة من 4 سنوات إلى 6 سنوات،. ولكن من يقرأ المذكرة التي قدمها نصر الدين سيدرك أن «إخوانا البعدا» قرروا العبث فى الدستور لتأبيد بقاء الرئيس فى السلطة، حتى لو كان الرئيس عبدالفتاح السيسى نفسه قد أكد مرارا وتكرارا أنه لا يمكن لإنسان أن يظل فى منصبه ساعة واحدة بعد انتهاء مدته.
فالمذكرة التى قدمها «النايب الموقر»، قبل التراجع عنها مؤقتا، بما تضمنته من دراسة تحليلية ونقدية لمواد الدستور وما قدمته من أسانيد لا يمكن أن تخرج من مكتب عضو مجلس نواب لم نسمع عنه كثيرا قبل هذه الخطوة، وهو ما يشير إلى احتمال وجود «رغبة سامية» تقف وراء هذا التحرك وحشدت له خبرات قانونية ودستورية مهمة لكتابة المذكرة.
وبالطبع لا يمكن الاطمئنان إلى قرار إرجاء التحرك لتعديل الدستور ولا يمكن الرهان على البرلمان فى التصدى لرغبة هؤلاء «البعدا، داعين إلى الله أن يكون كلامنا خفيف عليهم» حتى لو كانت هذه الرغبة إعادة إنتاج لدولة الفشل والاستبداد فى أقبح صورها. فما رأيناه من ممارسات البرلمان منذ تشكيله لا يبشر بأى خير.
فهذا البرلمان يضع حكما قضائيا نهائيا وباتا بأحقية عمرو الشوبكى فى المقعد النيابى على الرف دون مبرر. وهذا البرلمان أسقط عضوية نائب لأنه استقبل سفير دولة ترتبط معها مصر بعلاقات دبلوماسية، ثم أسقط عضوية نائب لأنه يتصل بالاتحاد البرلمانى الدولى وكأن المطلوب من النائب الاتصال بالاتحاد الدولى لكرة القدم، وهو نفسه البرلمان الذى قال تحت قبته النائب الموقر «اللى هايغلط فينا هانضربه بالجزمة القديمة» ليرد عليه رئيس المجلس بقوله «بلاش الجزمة القديمة».
معنى هذا أنه إذا ما جاء «الهاتف» في أي وقت يطالب البرلمان بتعديل الدستور، فلن يتردد النواب فى الاحتشاد لتمريره، وبالطبع ستأتى نتيجة الاستفتاء الشعبى لتؤكد التأييد الكاسح لهذه الخطوة حتى لو لم يذهب أحد إلى صناديق الاقتراع كما هو معتاد.
مهما يكن الأمر، فلا يجب أبدا السكوت على محاولات العبث بالدستور من أجل عيون «مدة الرئاسة». فالدساتير توضع لكى تحترم لا لكى يتم تعديلها قبل أن يجف حبرها، ومدة الرئاسة التى تبلغ 4 سنوات كافية، فإما يحقق الرئيس من الإنجازات ما يضمن له إعادة الانتخاب لفترة ثانية، وإما لا ينجح فى الوفاء بوعوده فلا يعاد انتخابه ويغادر منصبه آمنا مطمئنا و«يا دار ما دخلك شر».
أما تمديد فترة الرئاسة، فلن يكون له سوى معنى واحد فقط وهو أن الرئيس، سواء كان الرئيس عبدالفتاح السيسى أو غيره «جاء ليبقى» وأنه لا سبيل لمواجهة تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية فى ظل رئاسته سوى الخروج عليه والنزول إلى الشارع لأن «النايب» الموقر والذين معه قطعوا الطريق على أى أمل فى تداول سلمى ومنظم للسلطة، وساعتها سيكون العبث فى الدستور لضمان بقاء الرئيس فى السلطة ليس إلا مؤامرة سيدفع ثمنها الرئيس قبل أى طرف آخر.
أخيرا، أقول إن «النايب» إسماعيل نصر الدين والذين معه والذين وراءه يسيئون للرئيس عبدالفتاح السيسى إساءة بالغة بحديثهم عن ضرورة زيادة مدة الرئاسة وكأنهم يقولون إنه لا يضمن الفوز فى الانتخابات المقبلة ويجب تجنيبه خوض «امتحان الصندوق» المنتظر بعد نحو عام من الآن، ولذلك يحاولون تمديد فترة رئاسته بعيدا عن الصندوق.