نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب حمدي رزق بعنوان : ( براءة المشير طنطاوى )
لم يطلبها المشير محمد حسين طنطاوى، ولم يقل بها، وكتم جرحه فى قلبه، ولكن وبعد سنوات عجاف من الحقيقة، والخلط والتخليط يفصل المستشار ماهر سامى، نائب رئيس المحكمة الدستورية السابق، فى الأمر
المشير طنطاوى لم يسلم مصر للضباع الإخوانية، ولم يعلم بفوز مرسى ولا تدخل فى إعلان فوزه، لم يسلم البلاد للإخوان كما يزعمون.
شهادة المستشار ماهر سامى، التى حظيت بها الزميلة «كريمة عبدالغنى» ونشرتها «الأهرام»، تفصل فى الأمر وتعيد للمشير حقه المهدور على أرضية الاحتراب السياسى، والغرض فى اتهام المجلس العسكرى مرض أصاب نفراً من السياسيين والنشطاء.. وإلى الآن.
نصاً يقول المستشار ماهر سامى: «ويمكننى القول وفق ما توافر لى من معلومات دون ادعاء أننى أملك يقيناً بها أن نتائج الانتخابات لم يعرفها المشير طنطاوى إلا لحظة إذاعة بيان المستشار فاروق سلطان عبر وسائل الإعلام.
والمتابع لهذا البيان سيذكر أنه كان مبتسرا، وسقطت منه بعض حلقات السياق المنطقية، حيث تحدث المستشار فاروق سلطان فى بداية البيان قائلا إنه كان المفروض أن يكون ذاك اليوم «يوم عرس» تحتفل فيه البلاد بأول رئيس مصرى منتخب فى انتخابات حرة نزيهة ديمقراطية، إلا أنه بعد تلك الفقرة، كانت هناك فجوة فى البيان وكأنها سطور على بياض خاوية، لنفاجأ به يعلن فوز محمد مرسى، بما يؤكد أن العرس لم يكتمل.
ويكمل شهادته التاريخية: «وفى واقع الأمر جمعنا لقاء بإحدى المناسبات مع المستشار فاروق سلطان، رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية والمحكمة الدستورية العليا، فى آخر ليلة لفرز الأصوات، وبسؤاله عن المؤشر النهائى للنتيجة، أفاد حينها بأن ما تم فرزه حتى اللحظات الأخيرة يشير لتقدم محمد مرسى.
ومع ذلك لدى جملة اعتراضية تحتم الأمانة البوح بها، وهى أن لجنة الانتخابات الرئاسية فى 2012 وقعت فى خطأ فادح أدى إلى الريبة والظنون، ونشر غبار قاتم وظلال كثيفة حول مسار فرز الأصوات وإعلان النتيجة، وهذه نقطة مهمة لا يمكن أن أتغافل عنها، لاسيما أنه تبين على نحو اليقين واقعة البطاقات الانتخابية المزورة ونسبت للمطابع الأميرية، كما تناولت التحقيقات منع الأقباط من الاقتراع فى عدد من القرى، فضلا عما أثير حول البطاقة الدوارة والرشاوى الانتخابية.
وقد رصدت لجنة الإشراف على الانتخابات الرئاسية مخالفات بأعداد كبيرة جدا من شأنها أن تحدث فارقاً وتؤثر على نتيجة الانتخابات ونظرا لأنها لا تملك أدوات وآليات تمكنها من التحقيق، وكل ما تملكه اللجنة هو إحالة المخالفات للأجهزة الرقابية، وعلى وجه التحديد النائب العام، لإجراء تحقيق فيها والوصول لنتائج فاصلة. كان على النيابة العامة الاستعانة بالأجهزة الرقابية التى تملك التحريات والمتابعة والتحقيقات الأمنية التى تمكنها من الوصول إلى نتائج هذه التحقيقات.
وللأسف توجه النائب العام بذاته إلى رئيس المخابرات العامة ورئيس هيئة الرقابة الإدارية وجميع الأجهزة الرقابية التى يمكن أن تكون عونا فى كشف الحقائق، إلا إنها للأسف الشديد لم تنجز تلك التحقيقات لتميط اللثام عن حقيقة الوقائع، وكان أمام اللجنة حينها خياران، الأول الانتظار لحين انتهاء التحقيقات، وإعلان النتائج بناء على ما تصل إليه، ولكن بدا أن هذا الخيار يهدد بصدام دام وقاس بين الإخوان ومختلف القوى، أما الخيار الثاني فتمثل في إعلان النتائج وفق ما انتهى إليه الوضع الظاهر لمسار الانتخابات.
وهنا أقول، ولو كان الأمر بيدى، إنه كان يجب على لجنة الإشراف على الانتخابات الرئاسية الانتظار حتى تنتهى التحقيقات وتجلى الحقائق كاملة وفق إرادة الناخبين فى اختيار رئيسهم بغض النظر عن أي تهديدات لاسيما أنها تحديد مستقبل ومسار دولة، ومن الذى يحكمها، إلا أنه فيما يبدو أن أوضاع البلاد فى تلك الفترة لم تكن تسمح بالانتظار.