فجأة تحولت «لحية» اللاعب الدولى «محمد صلاح»، نجم ليفربول الإنجليزى ومنتخب مصر، إلى أزمة دينية، فبعض خفافيش الظلام يفضلون الكمُون فى مقابرهم المظلمة، ويتحيّنون الفرصة للانقضاض على المجتمع، بنهش سمعة «نجم» يلتف حوله الملايين، وتكفيره أملاً فى سقوط النجم عن عرشه أولاً، وسعياً وراء «شهرة سلبية» يحترفها «حزب التكفير» الذى يعادى كل ما يتعلق بالدولة المدنية!
آخر الفتاوى التكفيرية كانت من نصيب «صلاح» لأنه سجد شكراً لله بعدما أحرز هدفاً، فطالبه الداعية السلفى «هشام البيلى» بـ(التوبة وترك كرة القدم).. وهنا يجب أن نتوقف طويلا لأننا نسمع نفس الآراء التى أدت إلى اغتيال المفكر «فرج فودة».. حول «اللباس الشرعى» للاعب الكرة، وتحريم لعب الكرة نفسها.. وبحسب نص كلام «البيلى» فقد ارتكب «صلاح» عدة معاصٍ، منها أنه: (قد كشف عن فخذيه، وربما ضيّع بعض الصلوات، ودخل فى «مقامرات!»، وأقر الاختلاط فى المدرجات بين النساء والرجال بما يترتب عليه من «زنى!» ومن حرق وسفك للدماء فى الملاعب).. وعليه فقد قرر «البيلى» أن «محمد صلاح» لا يمثل الإسلام، وأنه يرتكب معصية، وعليه أن يتوب، ويترك اللعب، ويتعلم «العلم الشرعى».
والحقيقة أن التصدى لأفكار السلفيين، والمطالبة بحل الأحزاب الدينية التى ترعاها الدولة خلافا للدستور، قد أصبح مهمة سخيفة، وعبئا نفسيا يتجدد- كل يوم- مع انفجار «لغم جديد» فى وجوهنا.. وفكرة تراخى الدولة عن غلق منابر السلفيين على الشبكة العنكبوتية أصبحت مستفزة.. والكاتب مننا لا ينوبه إلا التشهير بسمعته من اللجان الإلكترونية السلفية.. دون أى «غطاء رسمى» يشير على الأقل إلى أننا- فعلا- فى «دولة مدنية» تستحق أن ندافع عنها!
لكن هل يمكن أن تتجاهل «لوبى سلفى» يضرب الاقتصاد، فـ«البيلى» يقول: إن (شهادات الاستثمار حرام والتعامل مع البنوك غير جائز)، ويعتبر أن «اللحية» هى راية الإسلام، فيقول إنه: (لا يجوز حلق اللحية لتأدية الخدمة العسكرية إلا فى حالة الإكراه).
لقد كشف الدكتور «محمد الباز»، فى برنامج «90 دقيقة» المذاع على قناة «المحور»، كل الأفكار المعادية للدولة والتكفيرية التى يتبناها «البيلى»، ولم نكن قد سمعنا عنه من قبل!
فإذا بوزارة الأوقاف تتخبط لا تدرى ماذا تفعل معها.. فبعد أن قال الشيخ جابر «طايع يوسف»، المتحدث الرسمى باسم وزارة الأوقاف، إن «البيلى» ليس إمامًا بالأوقاف، ولم يتم التصريح له بالعمل فى مساجدها ولن يسمح له بذلك.. وأشار إلى أن الوزارة سوف تحرر محضراً بموجب الضبطية القضائية ضده لزعمه أنه يباشر العمل الدعوى بمسجد الرى بكفرالشيخ.. رفضت الإدارة المختصة تحرير محضر للداعية السلفى، وذلك لأن فتوى وتصريحات «البيلى» لم يثبت إطلاقها داخل المسجد، بل عبر الصفحة الشخصية لـ«البيلى» على الفيسبوك، وهى لا تخص الأوقاف!
وبنفس الآلية دافع «البيلى» عن نفسه على «الفيسبوك»، مؤكدا أن فتواه ببطلان «سجدة صلاح»، قد سجلها فى (المسجد النبوى الشريف، وتم نشرها مُسجلة عبر الشبكة العنكبوتية).. ثم لجأ إلى نفس ألاعيب التيار السلفى، معلنا أنه يحارب «التكفيريين والتفجيريين» لأنه ضد «الخروج على الحاكم».. وكأنه لا يعلم أن ما قاله هو «جريمة تكفير» وتحريم للعب «كرة القدم»، واغتيال معنوى لشخصية يلتف حولها الشباب كـ«قدوة».. وأن كل فتاواه مدمرة للوطن وشعبه واقتصاده.. ومهلكة للمجتمع الذى فقد بوصلته!
لا تلوموا «البيلى» وأمثاله.. بل لوموا أنفسكم.. لوموا الدولة التى تربى «الثعابين» فى أحضانها، وتمنحهم شرعية الوجود السياسى والإعلامى من خلال الإبقاء على «الأحزاب الدينية».