أقلام حرة

مقال للكاتب عبد الناصر سلامة بعنوان : ( صواريخ إثيوبيا .. ومشروعية السد )

نشر موقع المصري اليوم مقالاً للكاتب ” عبد الناصر سلامة ” .. أبرز ما جاء فيه الآتي :

  1. الأنباء الواردة من إثيوبيا تؤكد أن سبتمبر المقبل سوف يشهد البدء في تخزين المياه وتوليد الكهرباء من سد النهضة ، الأنباء تؤكد أنها نشرت بطاريات صواريخ للدفاع الجوي فرنسية الصنع في محيط إنشاءات السد ، عقب اعتماد محيط موقع الإنشاءات بمساحة (63) كم2 كمنطقة عسكرية خاضعة لتأمين قوات الجيش ، إضافة لإنشاء حزام أمان من صخور أحد الجبال العملاقة هناك ، بما يضمن تخفيف حدة اندفاع المياه ، حال تعرض السد لعمل عدائي ، التفكير في بناء هذا الحزام جاء في أعقاب تهديد مصر خلال فترة الرئيس المعزول ” مرسي ” بالقيام بعملية عسكرية ضد هذه الإنشاءات .
  2. في أوغندا رفض الاجتماع الاستثنائي لدول حوض النيل طلب مصر الحصول على مزيد من السيطرة على الأمور المتعلقة بتدفق المياه ، في الوقت الذي استبقت فيه مصر الاجتماعات بالإعلان على لسان وزير الري نيتها تجميد العضوية في مبادرة حوض النيل والعودة لممارسة أنشطتها كاملة في المبادرة إذا تم التوصل لاتفاق بشأن ما سمَّاه ” المبادرة القانونية ” التي قدمتها القاهرة .. مما لا شك فيه أن الموقف يتـأزم فـي إطـار التعنـت الإثيوبـي من جهـة ، وموقـف مصر غير الحاسم من جهة أخرى ، ذلك أن توقيع مصر على اتفاقية إعلان المبادئ في مارس 2016 منح السد الإثيوبي المشروعية القانونية التي كان يفتقدها ، وبالتالي حصل على اعتراف واضح ، في الوقت الذي لم تحترم فيه إثيوبيا نصوص الإعلان ، وأجرت تعديلات في التصميمات لم يتم الاتفاق عليها ، بهدف إنتاج أكبر من الكهرباء ، بل رفضت طلباً مصرياً بزيادة الفتحـات خلـف السـد مـن ( 2 : 4 ) ، لضمـان تدفـق الميـاه حـال توقف المحركات عن العمل خلال فترة المناسيب الضعيفة لمجرى النيل ، كما رفضت أيضاً زيادة فترة ملء خزان السد إلى (7) سنوات ، أو حتى (4) سنوات ، وهو ما سوف يشكل ضرراً مؤكداً على مصر ، في الوقت الذي ترفض فيه الاعتراف بحصة مصر السنوية .
  3.  مصر أيها السادة تعاني عجزاً مائياً سنوياً يصل إلى (33) مليار م3 من المياه ، في الوقت نفسه تستورد منتجات تزيد قيمتها على (70) مليار دولار من بينها (10) سلع غذائية تستحوذ وحدها على (63%)‏ من حجم الإنفاق ، بما يشير إلى أننا في حاجة لكل نقطة ماء إن أردنا تحقيق تنمية حقيقية ، مع الأخذ في الاعتبار ما تؤكده الحسابات من أن العاصمة الإدارية الجديدة المزمع إنشاؤها سوف تحتاج وحدها إلى نحو (9) مليار م3 من المياه سنوياً .. كل الشواهد تؤكد أن مصر على المستوى الرسمي تعاملت ولا تزال تتعامل مع هذا الوضع الخطير باستسلام غريب ، في الوقت الذي تتعامل فيه معنا الحكومة الإثيوبية باستخفاف مُهين ، معتمدة في ذلك على سياسة الأمر الواقع ، وقد وجدت في ذلك دعماً مالياً خليجياً لم يعد سراً ، كما وجدت دعماً تفاوضياً سودانياً مفضوحاً ، في الوقت الذي اعتمدت فيه منذ البداية على دعم إسرائيلي فني كبير ، بينما انطلق الصمت الدولي ، بل التأييد في بعض الأحيان ، بالنسبة لذلك الموقف المصري الذي لم يحمل على عاتقه التصعيد في أي من المراحل ، بما فسره المراقبون بأنه يأتي في إطار صفقة عودة مصر لعضوية الاتحاد الأفريقي .
  4.  لم تتعامل مصر مع صواريخ السد ، ولا مع مشروعيته بالتهديد ولا بالقانون ، ولا بأي من أوراق الضغط الدولية التي كانت تستخدمها في السابق ، والتي حالت طوال تلك السنوات دون تنفيذ هذا المشروع ، بالتالي كانت إثيوبيا في حِلّ من التراجع أو الخضوع ، ذلك أنه لم يعد هناك ما يردعها ، في الوقت الذي لم تحدث فيه أي ضغوط شعبية على النظام الرسمي ، مثلما حدث مع محاولات التنازل عن جزيرتي البحر الأحمر ، سواء من خلال الشارع ، أو من خلال القانون ، وقد كان اللجوء لمجلس الدولة متأخراً في محاولة لإبطال التوقيع على اتفاقية إعلان المبادئ ، وهو التوقيع الذي حدث دون عودة للبرلمان أو الحكومة ، ضارباً أيضاً عرض الحائط بآراء ونصائح المتخصصين .
زر الذهاب إلى الأعلى