أقلام حرة

مقال للكاتب فهمي هويدي بعنوان : ( زيتنا في دقيقنا )

نشرق موقع الشروق مقال للكاتب فهمي هويدي .. وفيما يلي أبرز ما تضمنه :

  1. يكفى أن تقرأ خبر إغلاق وتشميع مركز ( النديم ) لعلاج ضحايا التعذيب لكى تعرف كل الحكاية فهذا قرار دولة ، والذين نفذوه تابعون لوزارة الداخلية ،  والهدف من الإغلاق هو منع علاج ضحايا التعذيب من ناحية ،  وإسكات صوت المركز الذى كان يتابع مختلف الممارسات التي تنتهك كرامة البشر وتعد جرائم بحق الإنسانية ، ولست واثقاً من تعليق أحد المدونين الذى قال فيه إن إغلاق المركز أريد به عدم تعطيل مهام التعذيب التي تقوم بها الشرطة .
  2. في السابق كان المسئولون يرددون فى مختلف المناسبات أنه لا يوجد تعذيب في مصر، وأن إثارة الموضوع أريد به تشويه صورة النظام ، وهى المهمة التي يقوم بها ( أهل الشر ) المصريون وأعوانهم من أشرار المنظمات الحقوقية في العالم الخارجي ، وهو ما كان يثير الشك حول صحة التقارير ( المحلية  / الدولية ) ، ولكن قرار الإغلاق والتشميع حوّل الشك إلى يقين ، وبرأ ساحة (الأشرار) في الداخل والخارج من تهمة تشويه صورة مصر ، إذ صار بوسع أي أحد أن يتساءل قائلاً إذا لم يكن هناك تعذيب ولا يحزنون ، وإذا كانت أيدى النظام وشرطته بريئة من دماء المصريين ، فلماذا خاضت السلطة وأجهزتها الأمنية معركتها الشرسة ضد المركز ، وإستخدمت مختلف الحيل والألاعيب لإسكات صوته وإغلاقه ، ودفعت بموظفيها في يوم العطلة إلى تشميع بابه وحظر الدخول فيه .
  3. من المفارقات أن الذين أغلقوه خدموه من حيث لا يحتسبون ، كما أن الذين تصورا أن تقارير المركز تسىء إلى سمعة البلد ، هم أنفسهم الذين لوثوا تلك السمعة وفضحوها ، فقد تحول إغلاق المركز إلى خبر ترددت أصداؤه في أوساط الحقوقيين في العالم الخارجي ، من ثم ذاعت شهرته وتابع قضيته وعرف بأمره كل من لم يسمع به ، ثم إن من حسنت نواياه وشك يوما في أن مصر تمارس التعذيب وإنتهاك حقوق الإنسان ، أصبح متأكدا الآن بأن التعذيب حاصل وأن الدولة التي تحرض على ستره وإخفائه ضاقت بجهود كشفه وعلاج ضحاياه ، لذلك فإنها إنقضت على المركز وضمته إلى ضحايا الاختفاء القسري ، مع فارق بسيط أن مكان المركز بات معلوماً .
  4. إذا كانت السلطة قد قدمت خدمة للمركز بالقرار الذى إتخذته ، فإن ضحايا التعذيب وحدهم الذين أضيروا بالإغلاق ، وكان بوسع فريق العمل الذى يديره أن يتخلى عن مهمته محملاً السطة وحدها مسئولية التوقف عن علاج ضحايا التعذيب ، إلا أن إصرار السيدات المناضلات اللاتي يؤدين ذلك الدور على الأستمرار في المهمة رغم ما جرى بدا مثيرا للدهشة والإعجاب ، إذ فوجئت ببيان تناقلته مواقع التواصل الاجتماعي جاء فيه ما يلى : ( نظراً لتشميع عيادة النديم من قبل السلطات يوم الخميس ٩ فبراير ٢٠١٧، وإلى حين نتمكن من اللقاء وجها لوجه مرة أخرى ، يمكن للناجين والناجيات من العنف أو التعذيب أو أهالي المختفين قسرياً أو المعتقلين أن يتصلوا على الأرقام التالية لتلقى المشورة النفسية ، وذلك في نفس أوقات عمل عيادة النديم ، من السبت إلى الأربعاء ، من الساعة الـ (١٠) صباحاً إلى  الـ (3) مساءاً ، وسوف نعمل ما بوسعنا لتقديم المساعدة وإلى لقاء قريب ، وحمل البيان أسماء وأرقام خمس طبيبات وهم ( منى حامد  /  رغدة سليط  / عايدة سيف الدولة  / سوزان فياض / ماجدة عدلي ) .
  5. إن قرار تشميع مركز النديم نموذج للقرارات العشوائية التي تصدر مفتقدة للذكاء في مصر بحيث يصبح الضرر فيها أكثر من النفع ،  وهو ما يدعونا إلى القول بأنه في ظل أداء من ذلك القبيل لا تكون مصر مضطرة للإشارة إلى (أهل الشر) في الإساءة إليها .. إذاً صار زيتنا في دقيقنا .
زر الذهاب إلى الأعلى