نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للناقد الرياضي ياسر أيوب تحت عنوان : ( لا يستحقون الانتباه والاهتمام ) ، وجاء كالتالي :
هناك من أزعجتهم وأحزنتهم وأغضبتهم فرحة الناس بالفوز على المغرب والتأهل إلى قبل نهائى أمم أفريقيا الحالية.. ولا يتشابه هؤلاء فى أسبابهم ودوافعهم لعدم مشاركة عموم الناس بهجتهم وفرحتهم بانتصار كروى حققه منتخب مصر ، فمنهم من كان يريد أن تخسر مصر لأنه لا يحب الرئيس السيسى ولا يؤيده، وتخيل أن الخسارة ستدفع الناس لمزيد من الغضب والألم وكشف الجروح..
وهؤلاء تزعجهم للغاية أى خطوة إيجابية وأى نجاح فى أى مجال، ولا يحبون إلا أن تبقى الصورة طوال الوقت معتمة وقبيحة وموجعة، داعية لمزيد من الإحباط واليأس.. ومنهم من تزعجه الفرحة بشكل عام، حيث يفضل مناخا يسوده التوتر والانفلات والصخب والفوضى، حيث لا تسمح الفرحة لهؤلاء باستعراض مهاراتهم وقدراتهم الخاصة فى الشتيمة والإهانة..
وهؤلاء أبدا لا يتألقون حين يكون الناس سعداء، ولا تلمع مواهبهم وتكبر وتنمو طموحاتهم إلا حين تبدأ الخلافات والمعارك وتتعدد الجبهات وساحات الحرب والألم.. ومنهم أيضا من يهوى التفرد والاختلاف بأى شكل أو ثمن فيختار اليمين حين يتجه الناس يسارا، ويعترض حين يوافق أغلب الناس..
وحين يجد أمثال هؤلاء الناس سعداء بفوز منتخبهم على المغرب سيرفضون هذه الفرحة، وسيبررون ذلك بسوء الأحوال فى مصر وقسوتها، وسيتهمون الشعب بالطيبة والسذاجة والتفاهة، لأنه ترك كل همومه وقضاياه وراح يفرح ويحتفل بمجرد انتصار فى ملعب كرة قدم.
وسيتقمص هؤلاء أدوار الفلاسفة والحكماء ويحملون مصابيح النور والاعتراض، ويمشون أمام الجميع يحذرونهم من هذه الفرحة ويسخرون منها.. وكل هؤلاء لا يستحقون الالتفات والانتباه والاهتمام.. كل هؤلاء أيضا لم يعد باستطاعتهم سرقة هذه الفرحة التى احتاجها الناس وجاءتهم ليمتلكوا القدرة على البقاء والاستمرار..
وليس تافها أو ساذجا أى شعب يمر بظروف صعبة واستثنائية فيفتش عن الفرحة أيا كان مجالها وحجمها وشكلها ولونها.. أو شعب يمكن أن تسعده كرة القدم إلى هذا الحد..
فالشعب السويسرى، على سبيل المثال، الذى تفرقه اللغة والعادات والقوانين والسياسة، لا تجمعه إلا مباريات منتخب بلاده.. والشعب الإيرانى احتاج فى وقت ما لانتصار كروى على الولايات المتحدة ليفرح.. وحكايات وأمثلة أخرى كثيرة لا تجعل من فرحة المصريين بالفوز على المغرب فرحة ساذجة أو مغالى فيها.. وإذا كان رينارد، مدرب المنتخب المغربى، قد قال عقب الخسارة إن مصر عادت..
فهذا هو التفسير الدقيق لفرحة الناس هنا الذين لم يسمعوا ما قاله رينارد هناك.. الناس تريد استعادة مصر.. وأن تعود الحياة بدون أى حروب وإرهاب وجرائم وفساد وكراهية.