ما رأى الدين فى تعليم المرأة ؟
الجواب : التكاليف الشرعية موجهة للرجال والنساء جميعا ، وإن كان أكثر النصوص فى القرآن والسنة تتحدث عن الرجل ، لأنه الأصل وكل من بعده تبع له {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء} النساء : 1 وفى بعض الأحيان تنزل نصوص تتحدث عن الجنسين لوجود سبب يدعو إلى ذلك ، كما جاء فى رواية أحمد والنسائى أن أم سلمة قالت للرسول : ما لنا لا نذكر فى القرآن كما يذكر الرجال؟ فتلا قوله تعالى وهو على المنبر يا أيها الناس الله يقول {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات } إلى آخر الآية الأحزاب : 35 ، وفى رواية الترمذى أنها سألته : لِمَ لم تذكر النساء فى الهجرة ؟ فنزل قوله تعالى{فاستجاب لهم ربهم أنى لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض … } إلى آخر الآية آل عمران :195 .
وذلك كله مع مراعاة التناسب فى التكليف بين طبيعة كل من الجنسين ، وطلب العلم واجب لمعرفة ما أمرنا الله باتباعه مما أنزله على رسله المبشرين والمنذرين ، وتلك حقيقة لا تحتاج إلى دليل ، وأكثر النصوص الواردة تبين فضل المتعلم على غيره بأساليب كثيرة والرجل والمرأة فى ذلك سواء، وإذا كان قد جاء فى حديث ضعيف “طلب العلم فريضة على كل مسلم ” دون لفظ “ومسلمة” فهي مضافة حكما لا رواية والواقع يشهد لذلك ، فقد صح فى البخارى ومسلم طلب النساء من النبى تخصيص يوم لهن للتعلم ، وأن كثيرات منهن سألنه فى أمور دقيقة قالت فى شأنها السيدة عائشة : نعم النساء نساء الأنصار، لم يمنعهن الحياء أن يتفقهن فى الدين ، بل جاء فى رواية البخارى ومسلم “أيما رجل كانت عنده وليدة- أى أمة رقيقة-فعلَّمها فأحسن تعليمها، وأدَّبها فأحسن تأديبها ، ثم أعتقها وتزوجها فله أجران ” وإذا كان هذا فى تعليم الأمة فكيف بالحرة؟ والنصوص عامة للجميع ، لقد قال الفقهاء – كما جاء فى إحياء علوم الدين للإمام الغزالى وغيره -يجب على الزوج أن يعلم زوجته القدر الضرورى الذى تصحح به عبادتها وتؤدى به واجبها المنوط بها ، وذلك إما بنفسه هو أو بمن يستعين به ، فإن لم يفعل كان لها أن تخرج لطلب العلم الواجب ولا يجوز أن يمنعها منه .
وقد صح فى الحديث نهى الرجال عن منع النساء من الذهاب إلى المسجد ، وذلك من أجل التعلم ، لأن صلاتهن فى بيتهن أفضل .
فإذا كان للمرأة أن تخرج لطلب العلم فعليها أن تلتزم بكل الآداب الواجبة لكل خروج من بيتها ، من الحشمة والعفة والأدب وعدم المغريات من عطر نفاذ أو قول خاضع ، أو خلوة مريبة ، أو تزاحم متعمد، مع التأكد من الأمن عليها من الفتنة والفساد .
وعلى المجتمع كله أن يوفر الجو الآمن لتحقيق الغرض من التعليم ومنع الفساد بأى وجه يكون . وبالفهم الجيد لنصوص الدين وروح الشريعة يمكن الحكم على أى عمل حكما صحيحا ،بعيدا عن التخبط والانحراف .
دار الإفتاء المصرية