نشرت صحيفة الوطن مقالاً للكاتب أحمد رفعت تحت عنوان : ( قراران ننتظرهما من الرئيس.. التسعيرة والدعم ) ، وفيما يلى أبرز ما تضمنه
- نعرف أن تركة ثقيلة من المعاهدات الدولية وقعتها مصر فى عهود سابقة تغل يد الرئيس السيسى فى التعامل مع الشأن الداخلى.. ونعرف أن كثيرين ينصحون ويحذرون من تطبيق التسعيرة الجبرية تحت مزاعم أنها تؤدى إلى مشاكل عديدة منها احتكار السلع وظهور الأسواق السوداء.
- المعاهدات تحتاج إلى حل وإلى مخرج يطلق يد الدولة فى التعامل الجدى مع صميم حياة الناس. وحق الناس عند الدولة والتزامها معهم فيما نعتقد أهم من أى التزامات أخرى.. حتى لو كانت دولية، فليست آليات السوق ونظام السوق الحرة مقدسات ثابتة لا يجوز مراجعتها أو الاقتراب منها.. غيرنا يتراجع بل يرفض التوقيع على اتفاقيات أخرى مهمة منها الجنائية الدولية وحظر الأسلحة النووية وكذلك حظر الأسلحة الكيميائية
- أما دفع البعض بأن فرض التسعيرة الجبرية سيؤدى إلى احتكار السلع وظهور السوق السوداء فمن حق الناس أن تتساءل: وهل هناك تلاعب بالأسواق وهيمنة التجار عليها أكثر من اليوم؟ كل أمراض السوق يعانى منها المصريون من استيلاء على مخصصات التموين إلى تخزين سلع أساسية لتجفيف السوق منها والتحكم فى سعرها لفرض أسعار بحكم الأمر الواقع.. بينما تبقى حجج أن الدولة لا تملك آليات فرض التسعيرة الجبرية غير صحيحة، فقوة وزارة التموين برجالها ومعهم رجال مباحث التموين قادرة على فرض أى قانون سيصدر أو تنظيم للأسواق.
- الناس يتذكرون يا سيادة الرئيس كيف كانت تفعل التسعيرة الجبرية مع جشع التجار وكيف كانت قضايا التموين جزاء من يخالف ويتذكرون كيف كان يتم إغلاق مخبز من أبوابه إن وجد مفتش التموين رغيفاً واحداً يقل عن وزنه الطبيعى بعدة جرامات ويتذكرون يد الدولة الباطشة بالعدل وبالقانون ضد أى متلاعب
- تبقى ملحوظة أساسية، أن من يرفضون نظرياً إعادة العمل بالتسعيرة يتجاهلون نقطة مهمة وهى ما جرى خلال العامين الماضيين من زيادة دور الدولة فى توزيع وتوفير السلع الأساسية وهو الدور الذى غاب السنوات العشرين الماضية وأصبح للجيش منافذه وكذلك لوزارتى التموين والزراعة بل وأصبح لوزارة الداخلية منافذ أيضاً، وبالتالى تكون الدولة قادرة على التدخل بكونها تاجر تجزئة لتعويض أى اختفاء من السلع فى مكانه ومنطقته وتصبح قدرة التجار على إخفاء السلع لرفع سعرها غير ممكنة، والفرق بين هذه الصورة والصورة القائمة حالياً أن الأسعار المحددة ستجعل المستهلك يلجأ لمنافذ الدولة لعلمه بالفرق بين السعرين!
- على كل حال فإن إعادة العمل بالتسعيرة الجبرية مطلب شعبى كبير يسمح بالتفاف الناس حوله وبالتالى تكون قدرة الدولة على توعية الجماهير وحشدهم لمواجهة التلاعب كبيرة جداً وهى تتفوق على حالة التئام الناس حول إنجازات الرقابة الإدارية وهى كبيرة جداً ومقدرة ولافتة للنظر ومع ذلك سيكون التفافهم حول ما يخص حياتهم أكبر وأقوى..
- ورغم كل السطور السابقة تظل البدائل قائمة.. من تسعيرة استرشادية فى حالة التعارض التام لـ«الجبرية» مع الاتفاقيات الدولية أو الاتفاق حولها بتحديد هامش للربح يتحدد بناء على سعر السلع فى مستواها السابق.. بمعنى أن يكون سعر السلعة فى سوق الجملة بناء على سعرها من مصدرها.. ويكون سعرها فى التجزئة بناء على هامش ربح يحدده سعرها فى الجملة… وهكذا.
- رغم برنامج الحكومة الاقتصادى وجدول التزاماتها سواء كان أمام نفسها أو أمام هيئات دولية كصندوق النقد أو غيره، فاعتقادنا أنه وبغير تحول شامل فى حالة الاحتقان القائمة فى أسعار السلع وظروف معيشة الناس فسوف يكون استكمال دورة رفع الدعم فى يوليو المقبل ضرباً من المستحيل.. والتحول الممكن فيما نعتقد أن يتم الرجوع بالحالة القائمة خطوتين أو ثلاثاً للخلف على الأقل.. أو التقدم بمستوى الدخل إلى الأمام خطوتين أو ثلاثاً وبما يبتلع أى زيادة تمت فى أسعار السلع والخدمات.. ولأن ذلك بتفاصيله قد يكون جاهزاً قبل الأشهر الستة المقبلة لذلك يكون ضرورياً طمأنة الناس من الآن بتأجيل إجراءات يوليو المقبل إلى يوليو الذى يليه.. فالرئيس السيسى يدرك تماماً أن ما جرى من إجراءات كان يستلزم سنوات لتطبيقه ولذلك يمدح المصريين لإدراكه حجم ما يتحملون ولذا فليست مشكلة أن يتم التأجيل عاماً آخر.. عندئذ سيشعر الناس بالراحة وبأن الخطوات تسير فى مصلحتهم، كما سنغلق كل النوافذ التى يطل منها إعلام الشر ليزين الخراب للمصريين، ورغم انصراف الأغلبية الكبيرة عنه وعن القائمين عليه فإنه قادر على إفساد فرحة الناس بإنجازات أخرى مهمة وكبيرة!
- القراران ينتظرهما الناس.. ويمكنهما معاً أو أحدهما على الأقل أن يعيد الالتفاف حول القيادة السياسية كما كان قبل الإجراءات.. فالناس يحبون الرئيس ويحتاجون فقط إلى أمارات بسيطة تعيدهم إلى ما كانوا عليه.. وعلى خبراء الليبرالية الجديدة التنحى قليلاً.. فليس فى إجراءات حماية الناس من الجشع ملامح للاشتراكية.. وبالتالى ففكرة أنه إجراء سيتسبب فى فزع رجال الأعمال غير صحيح.. وإن كان صحيحاً فستجد الناس سيطلبون العودة إلى الاشتراكية.. فأكل العيش مُر، كما يقولون.. والناس ستبحث عن أى مهرب من جحيم الأسعار إلى أى ملجأ سيتوافر لها.. فلتوفره الدولة بنفسها إذاً.