نشرت صحيفة الجمهورية مقالاً للكاتب حمدي حنضل تحت عنوان : ( التغيير الذي يريده المواطن ) ، وفيما يلى عرض للمقال :
رغم كل ما يتعرض له المواطن من حملات تستهدف تغيير قناعاته.. فإن الحقيقة التي يجب أن ننتبه إليها أن المواطن المصري لم يعد سهلاً “الضحك عليه” أو تزويق الأمور أو الأهداف بحلل براقة أو وردية أو مذهبية أو دينية أو فلسفية.
هذه الحقيقة تقودنا إلي حقيقة أخري.. وهي أن المواطن قد استشعر الملل من وجوه جاثمة علي صدره خاصة في قطاع المحليات.. ويري المواطن في هذه الوجوه نفاقاً لا ينخدع به.. وكذباً لا يمكن أن يهز قناعاته.. وبريقاً زائفا لا يستطيع أن يخفي مساوئ الواقع.
من يصدق أن قري تظل بطونها مفتوحة تحت مسمي الصرف الصحي.. بزيادة 7 سنوات حتي الآن عما كان مقرراً.. لا يمكن تحملها.
.هل يتصور أحد مدخل قرية كان مرصوفا ثم انشق بطنه وأخرج ما فيه من تراب وطين امتزج بكتل البازلت وأهراماته ونتوءاته وانحناءاته وما يمكن أن يؤثر به علي حركة سير البشر والدواب والسيارات والموتسيكلات والدراجات وحتي عربات “نقل المستلزمات الزراعية“.
هل يتصور أحد حاجة القرية إلي إسعاف أو مطافئ أو نجدة ثم يستحيل وصولها إلي موقع الاستغاثة بسبب الحفر والمطبات والخنادق والأخاديد والبيارات.
وأخشي ما أخشاه أن يعمد بعض الكبار من المحافظين أو المسئولين فيحجبوا حقائق الواقع فيما يظل المواطن يعاني ويعاني ويعاني!!!
إنها جزء من حقائق أخشي أن تكون الأجهزة المعنية في الهيئة العامة لمياه الشرب والصرف الصحي أو الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحي قد تلاعبت في بياناتها.. وحجبت هذه الحقائق عن رأس الدولة.. ورأس الوزارة.
إنني أطالب الرقابة الإدارية النشطة والجهاز المركزي للمحاسبات بمراجعة جادة لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحي والتواريخ المتعلقة ببدايات المشروع.. ومراحل انجازه.. ولماذا تأخر.
هل يتصور أحد معني أن تظل بطون بعض الطرق مفتوحة لسنوات طويلة 10 سنوات أو 15 سنة مثلا.. إنها تعني تعويقا للحياة ومصاعب ومشقة.
إن مواطن القرية جزء لا يتجزأ من رموز هذا الوطن.. بل إنه المصدر الرئيسي لمعظم القادة والرموز وبالتالي فلا يجب إغفال حقه في الحياة الكريمة أو إرجاء مشروعات تحسين حياته تحت أي سبب أو مسمي.
إنني أطالب بهزة حقيقية تبدأ برؤوس القيادة في المحافظات.. حركة جادة نشطة وفاعلة للمحافظين تعيد الحياة إلي أوصال العمل العام وتحرك القيادات إلي الشارع والحارة والكفر والقرية والمدينة والحي.. ولا تكتفي بتقارير وردية ممزوجة بكلمات النفاق المعتادة.
إنني أطالب بالعزل فوراً لأي مسئول إعلامي في أي مؤسسة أو وزارة أو ديوان محافظة يبدأ متابعته الصحفية التي يرسلها لكل وسائل الإعلام بكلمة في إطار توجيهات السيد رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء أو الوزير أو المحافظ.. قام “فلان الفلاني” بجولة تفقد فيها كذا.. وكذا.
إن جملة “في إطار” نسيها العالم إلا نحن .. ربما لو قالها أحد في دول المعسكر الشرقي القديم لقلنا.. “ماشي” أما أن تظل في إطار توجيهات.. له بداية تقدسها وزاراتنا ومحافظاتنا ومؤسساتنا فهذا يعني أننا لم نستوعب حقائق العالم.. ولا الواقع المعاصر وأننا لانزال نسير علي هدي المنافقين الأوائل ممن تسببوا في انهيارات كثيرة ضربت أركان الوطن.. وشاركت في تقويض بعض مؤسساته وتدبير القيم النبيلة.. وزرعوا مكانها قيما فاسدة وبالية.
جانب آخر.. وهو أن بعضا من المسئولين قد استهواهم استعارة مصطلح “خارج الصندوق” وكأنهم يقدمون دليل اقتدائهم برئيس الدولة وهم فيما يعملون.. منتهي البعد عن الصندوق وما فيه وما حوله.
إننا في حاجة إلي “هزة” شديدة في المحليات والأجهزة الإدارية ومؤسسات الخدمات وخاصة في مياه الشرب والصرف الصحي تعيد للمواطن الأمل في غد أكثر انضباطا.. ومستقبلا أكثر رخاء.
لا يجب أن نكتفي فقط بتغيير بعض الوزراء بل الأجدر أن نلتفت فنغير معظم المحافظين ومعهم قادة الأجهزة الفاعلة.. لدماء جديدة وغد أكثر إشراقاً.