أقلام حرة

مقال للكاتب محمد أمين بعنوان : مصر ليست عزبة

نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب محمد أمين بعنوان : مصر ليست عزبة ، وجاء كالتالي :

لم أحضر البرنامج الرئاسى، لأعرف السياق الذى وردت فيه كلمة الرئيس عن العزبة، لكن لو صح أنه يتحدث عما كنت قد أشرت إليه هنا، يكون لزاماً على الرئيس أن يشرح القصة بشكل أكثر تفصيلاً.. وكان عليه أن يعطى درساً لمَن يريدون اللعب فى الدستور أولاً، وللجمهور الخائف من اللعب فى الدستور ثانياً.. وكان عليه أن يقول إننا أقسمنا على هذا الدستور، ولن يمسه أحد بما يخالف مصلحة الوطن أبداً!

أثق بكلام الرئيس جداً، وأصدقه حين أنظر فى عينيه وهو يتحدث.. فلم نتعامل معه، ذات يوم، ونحن نعد أصابعنا، لأنه لم يدخل إلينا من باب السياسة.. وحين يقول الرئيس إن مصر ليست عزبة، فهو تأكيد لأمر يستحق التوقف أمامه.. وكان لفظ العزبة قد ورد فى مقالى عن «فتنة التعديل الرئاسى»، ويبدو أن شباب البرنامج الرئاسى سألوه عن مد فترة الرئاسة، فقال إن مصر دولة مؤسسات، وليست عزبة لأحد!

ولا شك أن تصريح الرئيس جاء فى توقيته، ليس لأنه بث الطمأنينة فى نفوسنا، ولكن لأنه يتفاعل بسرعة مع الأحداث، ويرد على كل التساؤلات، حين تأتيه فرصة لقاء، أو مؤتمر، أو افتتاح، أو نحو ذلك.. مشكلة الأنظمة السابقة أنها كانت تترك الأمور تتفاقم، ولكن الرئيس السيسى يواجه الأمور فى وقتها.. صحيح أن هذه المهمة ينبغى ألا تكون للرئيس نفسه، وإنما لمَن يخاطب الرأى العام باسم الرئاسة!

وتعالوا نتفق أن دولة المؤسسات فيها دستور حديث العهد، أقسم عليه الرئيس، وأقسم عليه الوزراء، ونواب البرلمان.. كل هؤلاء أقسموا على احترام الدستور والقانون.. فكيف يحدث أن نلعب فى الدستور، ثم نقول إن أى قرار هو قرار الشعب؟.. وفرق كبير بين قرار مجلس النواب وقرار الشعب.. قرار الشعب يعنى الاستفتاء على الدستور من جديد.. فهل هناك مبرر مثلاً لكل هذا، فى أول تجربة لتطبيق الدستور؟!

ألا ترى يا ريس أن هناك أموراً تُشعرنا أن منطق العزبة سائد حتى الآن؟.. ألا ترى أن مجلس النواب أشبه ببرلمان العزبة؟.. ألا ترى أنه كان المؤسسة الأهم فى دولة المؤسسات؟.. للأسف يا ريس، البرلمان لم يُشعرنا بأنه يمثل الشعب، كما أن النائب صاحب مقترح فتح مدة الرئاسة أو تعديلها إلى ست سنوات يوحى بأننا فى عزبة وليس فى دولة، ولم يجد النائب مَن يقول له: شوف لك لعبة يا أفندى؟!

عندما استحضرت قصة التوريث، وأنا أكتب عن فتنة تعديل مدة الرئاسة، قلت إن نظام مبارك كان يترك الأمور تكبر مثل كرة الثلج، لدرجة أن الغليان وصل إلى الجيش قبل الشعب.. وكان هذا كفيلاً بحدوث همس هنا وهناك.. وبعدها قامت القيامة وأُطيح بالنظام ورجاله.. كنت أريد أن أحذر فقط، وطالبت الرئاسة بإعلان رفضها علانية أى مساس بالدستور، وتفضل الرئيس شخصياً بإعلان أن مصر ليست عزبة!

عندى شعور بالسعادة لأن الرئيس لم يتأخر فى الرد.. تأكيد الرئيس أننا دولة مؤسسات يختلف عن تأكيدات رؤساء سابقين أننا دولة مؤسسات.. كان مبارك يقول إننا دولة مؤسسات، ليؤكد حق مجلس الشعب فى عمل أى تعديلات دستورية لصالحه.. ولا أظن أن السيسى يتكلم بالطريقة نفسها، عن دولة المؤسسات!

زر الذهاب إلى الأعلى