نشرت صحيفة الجمهورية مقالاً للكاتب علاء طه بعنوان : ( فضيحة وزارة الآثار ) ، وجاء كالتالي :
لم يسئ وزير للآثار إلي مصر بمقدار ما أساء الدكتور خالد العناني صباح الخميس الماضي.. قبلها بيومين وضع بيان من وزارة الآثار للجميع في مصر وخارجها علي أهبة الاستعداد لإعلان اكتشاف أثري ضخم بمنطقة الحفائر في سوق الخميس بالمطرية.. وفي التوقيت المحدد وقف الوزير أمام بركة مياه صرف صحي علي تلال القمامة وسط عمال بائسين حفاة.. وأمام أجهزة الإعلام المحلية والدولية وفلاشات الكاميرات المصرية والأجنبية تحركت بطريقة عشوائية اللوادر والأوناش لتضرب بأشواكها الحديدية في قلب الطين المخلوط بالصرف لتخرج تمثالين.. الأول مكسور لرمسيس الثاني والثاني سليم لحفيده سيتي الثاني.. التمثالان نادران بكل ما تعنيه الكلمة.. لكن بدلاً من ان يستغل الوزير الحدث في الترويج لمصر عالميا في وقت نلهث لعودة السياحة لمعدلات عام 2010 حَّول الاكتشاف الكبير إلي فضيحة باستخدام معاول بدائية وآلات همجية بل وجرادل صفيح وخراطيم بلاستيك وعروق خشبية لا تمت للتنقيب والحفائر الأثرية بصلة.. وبدلاً من ان يتحدث العالم عن أهمية الاكتشاف الأثري تحدثوا عن التخلف والجهل في مصر وتردي الخدمات التي قدمتها صور الاكتشاف للعالم.. وبدلا من ان يتحدثوا عن ملامح التمثالين تحدثوا عن غسيل عامل لهما بجردل ملأه من مياه الصرف.
ما بين رويترز البريطانية وقناة العربية الخليجية كان السؤال الخطير: ماذا يحدث لرمسيس الثاني في حضور وزير الآثار المصرية؟ وما بين تويتر والفيس بوك وانستجرام تحول الحدث إلي سخرية وفاجعة دفعت البعض للمطالبة بالحساب والإقالة للوزير. هل كانت دعوة وسائل الإعلام للإساءة إلي التاريخ والحضارة ولمصر بتقديم صورة مجانية ملوثة بالقمامة والصرف الصحي وأقدام العمال الحفاة وأجسادهم الممصوصة يستخدمون الجرادل والفؤوس والأوناش واللوادر؟
بكل موضوعية وتجرد ما حدث نتاج اختيار حكومة ضعيفة هشة منزوعة من السياسيين.. مع وزير الآثار الذي لم يكمل عاما واحدا في منصبه نحن أمام موظف بدرجة دكتور جامعة.. فكر في الكشف الأثري لكنه عري نفسه وكفاءته بعدم الاحترافية في تقديم الحدث.. لم يفكر في دعوة وسائل الإعلام علي كوم الزبالة وأمام مشاهد قبيحة ومسيئة.. لم يفكر في الصورة التي سيقدمها للعالم عن مصر الجديدة!! هل كان الوزير ومساعدوه ورجاله لا يعرفون انهم يرتكبون جريمة بهذه الصورة ويعرضون الآثار لخطورة الكسر ويعرضون الوطن للسخرية؟ الإجابة يعرفون والدليل تصريح الاثري محمد ثروت مفتش الآثار بمنطقة آثار المطرية وعين شمس ردا علي الانتقادات علي مواقع التواصل الاجتماعي قائلا: “ليس في الامكان أكثر مما كان” مؤكداً انه لا توجد وسائل لدي الوزارة التي تعاني من ضعف الموارد سوي هذه المعدات ومشيراً إلي انه توجد وسائل أحدث لدي الغرب ولكن نحن في وزارة الآثار نمر بأزمات في التمويل والموارد ولهذا نحاول ان نعمل في ظل الامكانيات المتاحة لدينا.
لصوص الآثار وناهبو المقابر لا يفعلون هذا.. طالع كتالوجات الآثار والاكتشافات المصرية أو تجول علي الانترنت ستشاهد صور اكتشاف هوارد كارتر الانجليزي لمقبرة توت عنخ آمون وإعلان ذلك عالميا في نوفمبر 1922 في عهد الملك فؤاد الأول.. شاهد كارتر وهو يعمل بيديه وبملابس نظيفة وسط عمال يرتدون الملابس البيضاء الزاهية الرئعة لتعرف كيف تم تسويق الاكتشاف للعالم وكيف تم احتراق الأثر وكيف كانوا يعملون بدقة وبأدوات احترافية أثرية.. الفارق الزمني بين الاكتشافين 96 عاماً.. ناهب الآثار الأجنبي قدرها واحترمها والوزير الوطني أحط منها ووضعها في الطين.. وتحولت وزارة الآثار أمام الإعلام إلي وزارة لتقديم مشاهد القمامة في مصر فحاسبوه بمقدار اساءته!!