أقلام حرة

 مقال لمحمد كمال بعنوان : (  فرصة مصر فى العراق )

نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً لمحمد كمال بعنوان : (  فرصة مصر فى العراق ) ، وجاء كالتالي :

أتاح لى التدريس بجامعة القاهرة ومعهد الدراسات العربية- التابع لجامعة الدول العربية- أن ألتقى بالعديد من الطلاب العراقيين الذين جاءوا لمصر طلباً للعلم. حديث هؤلاء الطلاب- خارج نطاق المقررات الدراسية- يكاد يتركز حول موضوعين. الأول هو الأوضاع المأساوية التى يعيشها العراق منذ الغزو الأمريكى له عام 2003. أما الموضوع الثانى فهو ضرورة أن يكون لمصر دور أكبر فى العراق، وأن هناك احتياجاً وترحيباً عراقياً بهذا الدور.

العراقيون يتحدثون عن أن مصر لها مكانة خاصة لديهم، فالسنة لا يجدون لهم سنداً فى العالم العربى ويرون أن مصر بقيادتها وأزهرها يمكن أن تكون هذا السند. والشيعة يشتركون مع المصريون فى حب آل البيت ومقامات الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة وغيرهم. والأكراد لهم تواصل طويل مع مصر ولأحزابهم تمثيل بالقاهرة ويوجود مئات منهم يدرسون بالجامعات والمعاهد المصرية.

هناك أيضاً العمق الحضارى الذى يجمع بين البلدين، بالإضافة لتاريخ طويل شهد بعضه قدراً من التنافس، ولكن تضمن أغلبه تعاوناً ومساندة مشتركة. فمصر كانت إحدى الدول الأساسية التى وقفت مع العراق فى حربها ضد إيران، وساعدت العراق مصر فى العودة للجامعة العربية، وتعاون البلدان فى تطوير بعض نظم السلاح، وشاركتا فى إنشاء مجلس التعاون العربى عام 1989 مع اليمن والأردن. واستوعب العراق ملايين من العمالة المصرية الذين لم يشتركوا فقط فى عملية البناء بل تطوع الكثير منهم فى الجيش العراقى أثناء سنوات الحرب مع إيران.

هناك بالتأكيد فرصة لمصر للعب دور أكبر فى العراق، هذا الدور تحتمه المصلحة الوطنية المصرية، والمتغيرات الإقليمية والدولية ومنها تراجع الدور الأمريكى فى العراق، وتزايد النفوذ التركى بل احتلاله جزءاً من الأراضى العراقية. بالإضافة إلى أن العراق لايزال ساحة رئيسية لمواجهة إرهاب داعش الذى امتد لسيناء، وساحة لإشعال أو تهدئة الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة فى العالم العربى وخارجه.

مصر تستطيع أن تفعل الكثير فى العراق، وهناك ترحيب عراقى رسمى وشعبى بالدور المصرى.

هناك بالتأكيد الجانب العسكرى، بالمساعدة فى إعادة بناء الجيش العراقى بعد قيام الولايات المتحدة بحله ثم التخلى عنه، وتستطيع مصر المشاركة فى تدريب وتسليح الجيش، وكذلك التعاون وتبادل المعلومات فى الحرب على الإرهاب، وهناك إرهاصات للتعاون فى هذه المجالات تحتاج للدعم والتوسع.

هناك أيضاً التعاون الاقتصادى، وقد تفاوضت مصر على استيراد نفط من العراق، ولكن لا نعرف مصير هذه الصفقة بعد توارد الأخبار عن إعادة تصدير البترول السعودى لمصر عبر شركة أرامكو. العراق أيضا يمثل سوقا ضخمة لتصدير المنتجات المصرية، خاصة الحاصلات الزراعية، ومشاركة شركات المقاولات المصرية فى مشاريع إعادة البناء، والربط الكهربائى بين البلدين.

لكن الدور الأكبر الذى يمكن أن تلعبه مصر هو فى مجال استعادة الوفاق الداخلى فى العراق بما تملكه من علاقات طيبة مع الأطراف المختلفة، وكذلك التنسيق مع الحكومة العراقية فى القضايا الإقليمية.

تعزير الدور المصرى يتطلب رفع مستوى زيارات المسؤولين المصريين للعراق، وزيادة حجم وكفاءة البعثة الدبلوماسية المصرية بها، والذى تراجع بعد مقتل السفير المصرى فى بغداد، إيهاب الشريف، عام 2005، وزيادة تفاعلات المجتمع المدنى والدبلوماسية الشعبية.

علينا أيضاً أن نتحرر من قيد فكرة أن تطوير العلاقة مع العراق قد يغضب بعض الأصدقاء فى الخليج، أو سيجعلنا شركاء فيما يعرف بالتحالف الروسى الإيرانى، فهذه قيود وهمية ولا يجب أن تكبل حركتنا فى المنطقة.

هناك فرصة لدور مصرى فعال فى العراق، علينا أن نقنصها، ونستفيد منها، بما يحقق مصالح مصر والعراق والأمة العربية.

زر الذهاب إلى الأعلى