نشرت صحيفة المصري اليوم مقالاً للكاتب محمد أمين بعنوان : ( بلاغ لمن يهمه الأمر ) وجاء كالتالي :
خرجتُ من مكتب النائب العام وأنا أبحث عن طريقة لإيجاد حوار بين مؤسسات الدولة.. فلا حل إلا بالحوار الجاد.. سواء بين السلطة التشريعية والصحافة والإعلام من ناحية، أو السلطة القضائية والصحافة والإعلام من ناحية أخرى.. وحتى بين السلطتين التشريعية والقضائية أيضاً.. وكنت قد عرضتُ الفكرة على معالى رئيس الوزراء شخصياً، أثناء لقائى به الأسبوع الماضى، لتلافى «الصدام بين السلطات
والغاية هى أن نصل إلى حالة من «التناغم» بين السلطات، لا إلى «الصدام» والاحتراب.. فقد لاحظتُ بالفعل أن الأمر يستدعى تحديد بعض المفاهيم المهنية، خاصة أننى كنت أواجه تهمة أخرى، غير تهمة إهانة السلطة القضائية، وهى أننى «غير مقيد» بجداول النقابة.. والحكاية أن النيابة حين استعلمت عنى حدث لبس فى الاسم الثالث، فقيل إن المذكور غير مقيد بالجداول، وهنا كانت لى «وقفة مهنية»!.
وبالطبع فقد تقدمتُ ببطاقتى الصحفية أولاً، وانتهى الأمر، ولكن من الرسائل التى أكدتُ عليها بقوة، أن أى مواطن من حقه أن يكتب دون قيد بجداول النقابة.. فهذه مسألة تتعلق بحرية الرأى والتعبير، ولا تعدُّ جريمة أن يكتب مواطن غير نقابى.. الجريمة هى أن يكون الرأى نفسه يمثل جريمة، وضربت أمثلة بقامات، منها زاهى حواس ومصطفى الفقى، وصولاً إلى عظماء مثل توفيق الحكيم وعباس العقاد!.
وتأكدتُ أن هناك مشكلة حقيقية، فليس كل من يكتب رأياً «ينتحل صفة صحفى».. هناك أساتذة جامعات وشخصيات عامة اقتصادية وسياسية يكتبون فى الصحف ليس لهم علاقة بالنقابة، ولا تندرج أسماؤهم تحت عضويتها.. ولذلك قررت الكتابة كى ألفت الانتباه إلى ضرورة تغيير هذه المادة، التى تعاقب بالحبس والغرامة، أو إحدى هاتين العقوبتين.. وهى «مهمة» تقوم بها النقابة والهيئات الجديدة!
ومعناه أن تحريك الإجراءات ليس حلاً بالمرة.. الحل هو الحوار بين المؤسسات.. والحل هو أن يصدر كتاب دورى بأخطاء الصحف والفضائيات.. ويتم تمريره كتعليمات ينبغى مراعاتها.. فإهانة القضاء بالقول أو بالفعل لا ينبغى أن تكون أبداً.. فهم حصننا الحصين كما أكدتُ.. وما فعلته النيابة أنها كانت تطبق القانون.. وبالتالى فإن القانون ينبغى تغييره.. إن كنا نريد الانحياز للدستور وحرية الرأى والتعبير؟!.
فهذه ليست قضية النيابة أبداً.. النيابة كانت تطبق القانون فقط.. كانت تتلو الاتهامات الموجهة، والعقوبات المقررة فى حالة ثبوتها.. وكانت المعاملة تتميز بالرقى والتحضر.. وقد قلت هذه الرسالة لكل من سألنى غاضباً أو مندهشاً: كيف؟.. ومتى؟.. ولماذا؟.. ويعنى إيه؟.. ولذلك كنت حريصاً على تسجيل هذه الواقعة، حتى يعرف الكتّاب والإعلاميون أن هناك أخطاء تحدث بلا قصد، وقد تتسبب فى مساءلة من نوع ما!.
وأخيراً، أدعو المجلس الأعلى للإعلام، ونقابة الصحفيين، والهيئة الوطنية للصحافة، لوضع هذه الرؤية موضع الاعتبار.. كما أتمنى أن يتم تنظيم مائدة مستديرة، تضم أطرافاً عديدة، لحماية الصحفيين من ناحية، والحفاظ على مؤسسات الدولة المصرية من ناحية أخرى.. أما «عقوبة الكفالة» فلها وقفة أخرى قادمة!.