نشرت صحيفة الشروق مقالاً للكاتب فهمي هويدي تحت عنوان ( طوارئ لها تاريخ ).. أكد خلاله الآتي :
أن مصر لم تعرف خلال القرنين الماضيين الرقابة الدستورية الشعبية الفعالة من خلال مؤسسات نيابية حقيقية إلا مدداً متقطعة ، لا تزيد في مجملها على عدد أصابع اليدين ، ويمكن القول بأن مصر لم تعرف نظاماً دستورياً ديمقراطيا قبل دستور ١٩٢٣ أو بعده ، رغم صواب ما يقال عن إيجابيات وإنجازات الحكم الوطني في عهد ” جمال عبد الناصر ” ، إلا أن ذلك النظام كان وطنياً وتقدمياً من النواحي السياسية والاجتماعية ، في حين كان استبدادياً وغير ديمقراطي ، وقد صفيت جميع مكاسبه السياسية الوطنية والاقتصادية والاجتماعية على يد خليفته ” السادات ” بذات الأسلوب الاستبدادي الذي كان مطبقاً ، وبذات أدواته في الحكم .. من جهة أخرى ، فإن حالة الطوارئ ( الأحكام العرفية ) لم ترفع إلا سنوات قليلة متقطعة حلت محلها خلالها قوانين بديلة تقوم بذات المهام وتتيح ذات السلطات ، أي أنه خلال المدة من سنة ١٩٣٩ حتى الآن ، وعلى مدى ما يقرب من ثلاثة أرباع القرن كانت حالة الطوارئ مفروضة رسمياً .. النتيجة أن جهاز إدارة الدولة المصرية اعتاد على الحكم بواسطة حالة الطوارئ ، إذ تشكلت في إطارها تجارب رجاله ومهاراتهم وأساليب إدارتهم للشئون العامة والتعامل مع المواطنين ومع أنشطتهم المختلفة ، بمعنى أن الثقافة الإدارية لهذا الجهاز ورجاله التي تراكمت بالتجارب والخبرات والممارسات ، صارت وليدة تلك السلطة الاستثنائية ، بحيث إنه لم يعد يستطيع الحكم ولا الممارسة لمهام عمله في التعامل مع المواطنين إلا من خلال حالة الطوارئ وما تتيحه من سلطات وقرارات غير مقيدة .