أقلام حرة

مقال لسحر الجعارة بعنوان : ( د.سعد .. اصمت أو اعتزل )

 

نشرت صحيفة الوطن مقالاً للكاتبة لسحر الجعارة بعنوان : ( د.سعد .. اصمت أو اعتزل ) ، وجاء كالتالي :

عرفت الدكتور «سعد الدين إبراهيم»، أستاذ علم الاجتماع السياسى بالجامعة الأمريكية، منذ كنت فى العشرين من عمرى، بحكم دراستى لعلم الاجتماع كلية الآداب. وشاء القدر أن ألتقى به فى بداية حياتى الصحفية، وأن أتردد على مركز «ابن خلدون»، الذى كان يبهرنى اسمه حين كنت طالبة، لحضور العديد من الفعاليات. لم أكن أفهم الكثير من اهتمامات د. «سعد» لكننى، بعفوية السن وبراءته، رتبت لقاء جمعه بالشيخ «ياسين رشدى»، رحمه الله، فى مسجد المواساة بالإسكندرية. كان اهتمامه بحقوق الإنسان والديمقراطية يجذبنى، لكننى توقفت طويلاً أمام اهتمامه بالجماعات الدينية آنذاك.. ومرت السنين والتقينا على أرض «قطر»، فى مؤتمر الدوحة الأول «حول الديمقراطية والإصلاح فى العالم العربى» عام 2004. كان نظام «مبارك» فى عز جبروته، ودكتور «سعد» نال حريته أخيراً، ولم تجمعنى به الظروف -بعدها- إلا على الهواء مباشرة بعد ثورة 25 يناير.. وأنا أسأله: ألست نادماً على الوساطة بين الإخوان والإدارة الأمريكية ومن بعدهم السلفيين؟!

لكن يبدو أن «الثأر» قد حل مكان «الندم» فى وجدان الأستاذ الشهير، وكأنه يقتص من هذا البلد لفترة اعتقاله، أو أنه نذر آخر أيامه لخدمة الشيخة «موزة»، التى كرّمته بتولى منظمة مدنية فى المؤتمر المشار إليه، بتمويل بالغ السخاء! لست من هواة رمى تهم العمالة والخيانة، لكن ما تعلمته من دكتور «سعد» نفسه يدفعنى لمعارضته والتشكك فى نواياه، فلا معنى إطلاقاً للحديث عن «انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة»، يشارك فيها جميع القوى السياسية والوطنية والإسلامية، بينما البلد يحارب الإرهاب، إلا أنه «طعن من الخلف».. إنه يقذف بكرة اللهب إلى القوى السياسية فى «تحريض سافر» على رئيس الجمهورية «عبدالفتاح السيسى».

لو راجع أستاذ علم الاجتماع السياسى «درس الديمقراطية» لعرف أنه يخالف الدستور وصندوق الانتخابات بدعواه، ويهدر آليات الديمقراطية التى اكتسب شهرته وثروته ونفوذه الدولى من الطنطنة بها. إنها دعوة «مشبوهة» اختار جريدة «الشرق» القطرية لنشرها على صفحاتها، وكأنه يغازل نظام «تميم- موزة» المعادى لمصر، والذى يعمل بشتى الطرق على هدم الدولة المصرية وزعزعة الاستقرار وضرب وحدة الشعب بالأكاذيب.. فهل يختتم د. «إبراهيم» حياته بدور «البوق السياسى» لقطر؟!

كيف تملّك الشطط من عقل «الأستاذ» المحنّك ليعادى شعباً بأكمله، حين يتحدث عن حالة «انسداد سياسى» لا تنفرج فى رأيه إلا بمصالحة مع «الإخوان»، وتحقيق مصالحة وطنية شاملة، والسماح لـ«تنظيم إرهابى» بخوض انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة؟

إقصاء «الإخوان» ليس قراراً سيادياً، إنه رغبة شعبية، وهو يعرف ذلك، لكنه فى تناقض غريب يفسر استهداف الكنائس والأقباط بأنه محاولة من الحركات الإسلامية، معتدليها ومتطرفيها، لإضعاف «السيسى» (وتفنيد مساعيه بالظهور كحامى الأقباط أمام الرأى العام العالمى) على حد قوله.. ثم يعترف بأن البلاد لم تشهد حرباً أهلية، وفى المقابل دفع الثمن أبناؤها من الجيش والشرطة والمدنيين أيضاً.. أى تناقض هذا؟.. وكيف تطلب من الشعب أن يصافح أيادى ملوثة بدماء الأبرياء؟

أما ما تصفه بـ«الانسداد الاقتصادى والاجتماعى»، فقد سدد «السيسى» فاتورته من شعبيته، حين اتخذ قرار «الإصلاح السياسى»، وهو ليس انسداداً، بل أزمة حادة يتحملها الشعب بصبر وثقة فى قيادته. ثم ما الذى يقلقك ويهدد «مشروعك الأمريكى» لتقلل من وزن «السيسى» لدى «واشنطن وترامب»؟.. لو كان ضميرك الوطنى ينتمى لمصر، ولو بـ«الميلاد» فقط، لما أقدمت على تصريحات يحاسب عليها القانون.

تسامح نظام «30 يونيو»، الذى تكرهه، معك كثيراً، فلم يحاسبك على استعداء أهالى «النوبة» ضده، ولا انتزع منك «ورقة الأقباط» التى تتاجر بها فى المحافل الدولية بصفتك «حامى حمى الأقليات».. لكنه نظام أقوى وأذكى مما تتخيل، وليس صحيحاً أن الإخوان أكثر ذكاء من النظام كما قلت. أنا لا أفهم كف تضع الأقباط مع من يغتالهم (الإخوان والسلفيين) فى حقيبة واحدة؟.. ولا أفهم مقولتك الشهيرة بأن «كل التيارات الإسلامية يمكن قبولها فى الدول الديمقراطية، وفى مقدمتهم الإخوان والسلفيون».. هل اكتفيت بدور «المحلل السياسى» للتنظيمات الإرهابية والدول التى ترعاهم؟

لو كنت معنياً فعلاً بـ«الأقباط» لأصبح كل همك هو «الدولة المدنية»، وليس الفاشية الدينية، ولو كنت تحترم مكانتك العلمية لما كتبت مقالة عنوانها «موزة القطرية.. من القبلية إلى الكونية».

أنت تعلم جيداً أن سيناريو الفوضى الخلاقة لـ«كونداليزا رايس» تسلمته قطر، وأن قطر ترعى وتمول الكيانات الإرهابية لإسقاط الدول العربية، كما يحدث فى سوريا وليبيا، ومنظمتك القطرية جزء أصيل فى صناعة الفوضى.. وأنت شخصياً أحد رواد المناداة بالتقسيم على أساس «عرقى ودينى»، لكن لن تفلح دعوتك. مصر أكثر صلابة مما تتخيل، وشعبها عصى على مجاراة «هذيان سياسى» لا يعكس إلا حالة «البحث عن دور».. الفكر يا دكتور ليس «سبوبة».. ودعنى أبشرك بأننا لو جارينا هذه التخاريف وأجريت انتخابات رئاسية مبكرة، فالشعب المصرى سوف ينتخب «السيسى».. إنها «الأغلبية» فراجع معنى المصطلح، فإن أصابك «الزهايمر».. فقد آن الأوان لتصمت أو تعتزل.

زر الذهاب إلى الأعلى